أحمد شوقي- خاص راصد الخليج-
تتفق مراكز الأبحاث الغربية وخاصةً الأمريكية على أن التسليح الأمريكي للخليج تحول من مرحلة الاستهتار البالغ لدرجة بيع صفقات أسلحة قديمة على وشك السحب من الأسواق، كما حدث في صفقة هوك مع الامارات عام 1989، الى مراحل متطورة تصل لصفقات طائرات لا توجد لدى القوات الأمريكية مثل حالة بيع F-16 E / F Block 60s إلى الإمارات في أوائل العقد الأول من القرن العشرين/ إضافة إلى نعديلات الخصائص التقنية لمطابقة المطالب المتزايدة من جانب ممالك الخليج.
وترجع الدكتورة إيما سوبرير المتخصصة في شؤون التسليح ذلك الى عدد من العوامل، تذكر منها تحول التهديد الإقليمي وإرادة حماية شبه الجزيرة العربية من الصواريخ الباليستية التي يمكن إطلاقها افتراضيًا بواسطة إيران أو الحوثيين بغض النظر عن مصداقية هذا الخطر، وتضيف سوبرير انه من المهم الإشارة إلى أن هناك ضوءًا أخضرًا ضمنيًا من إسرائيل، في سياق تحالف غير معلن - على الرغم من أنه علني بشكل متزايد - ضد العدو الإيراني المشترك!
وبعد العملية النوعية اليمنية الأخيرة باستهداف مصافي النفط الخاصة بأرامكو، خرجت تحليلات أمريكية مكثفة عن جدوى الأسلحة في حماية الخليج، ومنها يمكن أن نقول أن هناك شبه تحريض على عمل عسكري أمريكي لتعويض الهيبة المفقودة، ولكن في ثنايا هذه التحليلات، وردت تقاصيل من المهم الاطلاع على جانب منها:
1- يقول مايكل نايتس المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية للعراق وإيران ودول الخليج في مقال له على موقع معهد واشنطن: "اتّسمت الضربة بفعالية بالغة من الناحية العسكرية. فقد نُفِّذت حوالي الساعة الرابعة صباحاً بالتوقيت المحلي، ويبدو أنها انطلقت من وجهة واقعة إلى الشمال أو الشمال الغربي. وتتناسب هذه المعطيات مع سلسلة من التقارير التي تشير إلى أن تحذيرات الدفاع الجوي وأصوات المحركات المرتبطة بالضربة كانت مركزة في مناطق واقعة شمال الخليج العربي، وليس في طريقٍ داخلٍ من اليمن. كما أصرّت الحكومة الأمريكية في بياناتها القوية على استبعاد اليمن (في 14 أيلول/سبتمبر) والعراق (في 16 أيلول/سبتمبر) [من مصدر الهجوم]، وبالتالي ينحصر التركيز حالياً على ضربة مباشرة من إيران."
وهنا يمكننا استشفاف خلل هذه الاجهزة في تحديد مصادر الهجوم وبالتالي صده او مواجهة جزء منه على الاقل، كما ان عدم انتهاء التحقيقات لشئ محدد يتم اعلانه، هو اكبر دليل على فشل هذه المنظومة.
2- يقول ايضا نايتس في تقريره انه بالإضافة إلى عدم وجود محاولة اعتراض للدفاع الجوي من قبل العديد من البطاريات المتداخلة لصواريخ هوك وباتريوت، فإن الهجوم تم بواسطة صواريخ جوالة متدنية المستوى حلّقت على ارتفاع أقل من 300 قدم. وتُظهر اللقطات التي شوهدت حتى الآن تحطّم صاروخ واحد فقط، مما يدل على ارتفاع معدل الوصول إلى نسبة قد تبلغ 95 في المائة، فضلاً على التخطيط المتأني للمسارات المتاحة من أجل تفادي أي عوائق قد تعترض طريق الصاروخ كخطوط الكهرباء وأبراج الاتصالات.
وخلص من ذلك الى القول انه من الواضح أن هذه المكوّنات لم تكن في حالة تأهب كافية أو أنها لم تُستخدم بجرأة كافية لدرء تلك الضربة. لذلك ينبغي على الولايات المتحدة والشركاء الآخرين تزويد الرياض بمشورة عملية طارئة في مجال الدفاع الجوي، مع التركيز على التدابير العملية والقريبة المدى التي يمكن أن تعزز من قدرة المملكة على مقاومة هجمات الصواريخ الجوالة. وتشمل هذه الإجراءات إدارة التشغيل السريع للأنظمة الدفاعية المعنية، وزيادة تبادل المعلومات الاستخبارية، وبذل جهود لبناء الثقة التي تركز على التشغيل الآمن لمعدات الدفاع الجوي شبه الآلية بالقرب من البنى التحتية والمدن الرئيسية، بالإضافة إلى بعض التعزيز الرمزي بواسطة بطاريات الصواريخ وسفن الدفاع الجوي من قبل الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء.
وهنا يمكننا استخلاص ان التوصيات تصب في اطار مزيد من التواجد العسكري وانتزاع التشغيل من الايادي الوطنية لايادي خبراء اجانب، وهو ما يعني احتلالا صريحا بدافع الحماية.
يمكننا القول هنا ان دول الخليج تسير بقوة نحو ما يشبه نظام الانتداب، حيث تسيطر القوة العظمى على البلاد لتمكين حكوماتها!
يبدو ان الابتزاز لم يعد كافيا، وقد فتح التهاون والارتماء في احضان الغرب والامريكان شهيتهم للمزيد عبر اختراع اعداء وهميين والاغواء والاغراء بالعدوان ثم النزول للبلاد بدعوى الحماية الفعالة!
هل من عاقل يوقف هذه المهازل؟