أحمد شوقي- راصد الخليج-
في عام 2011، أصبح إيريك برينس مؤسس شركة "بلاك ووتر العالمية " الأمنية الخاصة محور الرأي العام بعد انتقاله للإقامة في الإمارات بعد سلسلة من المشاكل القانونية التي تعرضت لها شركته في الولايات المتحدة، ولم يكن الاهتمام الكبير هذه المرة بسبب شركة "بلاك ووتر العالمية " الأمنية الخاصة، ذات الصيت السئ في تجنيد المرتزقة وارتكاب المجازر، ولكن بسبب تعاقده مع الحكومة الإماراتية وتكليفه من طرف ولى عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بتشكيل قوة سرية من المرتزقة.
ووفقا للتقارير، فإن شركة "بلاك ووتر العالمية" قد تم تغير اسمها إلى XE في عام 2010 في محاولة للتغطية على سمعتها السيئة بعد تورطها في قتل مدنيين بالعراق، وبيعت بالكامل إلى مستثمرين جدد، كمحاولة للحد من صورته السلبية.
وافادت وكالات الانباء وقتها، ومنها جريدة العالم اليوم المصرية، ان برنس انتقل للإقامة في الإمارات لإنشاء مؤسسة تدريب قوة سرية من المرتزقة، برأس مال قدره 21 مليون دولار، تملك الإمارات نسبة 51% من المؤسسة، ووفقا لما ذكرته " نيويورك تايمز"فإن برنس قد تلقى 529 مليون دولار لتشكيل قوة سرية من المرتزقة مؤلفة من 800 عنصر أجنبي للقيام بمهام خاصة داخل الإمارات وخارجها، وحماية أنابيب النفط، وناطحات السحاب،ومساعدة الإمارات على التصدي لأي تهديد داخلي أو خارجي،كما يمكن استعماله لتنفيذ مهمات خاصة في مياه الخليج المتنازع عليها .
وبمحاولة تتبع ملامح المهام الخارجية، فالراصد يجد ما يلي:
1- في السادس من يناير/ كانون الثاني 2019، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن القوات الأمريكية ستبدأ الانسحاب من سوريا خلال الأشهر المقبلة، لكن الإعلان أثار القلق من احتمال تعرض حلفاء واشنطن للخطر، في أعقاب تصريحات تركية حول عملية عسكرية مخطط لها شرق نهر الفرات.
لكن إريك برنس، مؤسس شركة "بلاك ووتر"، أشاد بقرار الرئيس الأمريكي خلال مقابلة مع قناة Fox Business الأمريكية، مشيرا إلى أن واشنطن ليس لديها "التزام استراتيجي طويل الأجل" للبقاء في سوريا، ويجب عليها إنهاء عملياتها هناك، واصفا الحرب بأنها "حرب لا نهاية لها".
واقترح إريك برنس إمكانية استبدال متعهدي خدمات عسكرية خاصة بالقوات الأمريكية المنسحبة من سوريا. وقال برنس، وهو المدير التنفيذي السابق للشركة، إن متعهدينا قد يحمون حلفاء الولايات المتحدة ويتصدون للنفوذ الإيراني بعد مغادرة الولايات المتحدة البلاد.
وأشارت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى وجود صلات بين برنس ومسؤولين في إدارة ترامب، وتبرع برنس بـ 250 ألف دولار للحملة الرئاسية للرئيس ترامب قبل عام من ذلك التاريخ. وتضمنت خطته قوة تتكون من 6 آلاف من المتعهدين، وتتشكل من قوات خاصة سابقة أوروبية وأمريكية، وتدريب للقوات الأفغانية، لتبلغ كلفة هذه المهمة نحو 5 مليارات دولار سنويا، بحسب الإندبندنت.
2- قال موقع “انتر سيبت” الأمريكي، أن ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، دعم شركة بلاك ووتر، بهدف معاودة أنشطتها في بلدان عربية منها اليمن، لتنفيذ أجندات خاصة بأبو ظبي.
وأشار الموقع، أن الشركة التي تم حظر عملها في العراق، عادوت أنشطنها بدعم إماراتي من محمد بن زايد، موضحا أن الشركة عاودت أنشطتها أيضا في اليمن وليبيا وسوريا.
ومضيفا ان مؤسس الشركة إيريك برنس التقى ولي عهد ابوظبي محمد بن زايد وأحد المصرفيين الروس في منتجع “فور سيزونز” بجزر سيشل في المحيط الهادي من اجل مناقشة إعادة نشاطات بلاك ووتر.
وأشار الموقع ايضا الى أن برنس هو الذي قام بتشكيل القوات البرية الخاصة التي نشرها بن زايد في حرب اليمن.
3-مما خلصت اليه تقارير الباحث الأمني الإسرائيلي يوسي ميلمان Yossi Melman، هو أن عشر شركات أمنية إسرائيلية خاصة ومنها شركة أي جي تي AGT الأمنية الخاصة ومقرها سويسرا، تعمل في دول عربية هي العراق، والكويت، والبحرين، وقطر، والإمارات العربية، وعُمان، ولبنان، والأردن، والسعودية، واليمن.
وتشير دراسة جون دي مايكلزJon D. Michaels، أستاذ القانون الدولي في جامعة ستانفورد Stanford University الأمريكية، إلى الترابط بين ما يجري في المنطقة العربية وبين شركات الأمن الخاصة، والسيرة الذاتية لبعض مؤسسي هذه الشركات مثل إريك برينس Erik Prince صاحب شركة بلاك ووتر المشهور، قبل تغيير اسمها، يكشف عن القدرة على اقتناص فرص «الاضطرابات»، أو حالات التغيُّر وعدم الاستقرار، كما حدث فيما عُرف بـ «الربيع العربي»، بل الترويج لها من خلال تجنيد خبراء الإعلام وبقدر من الحرفية «السينمائية»، واستغلال التباينات التاريخية في المنطقة لإضفاء صفة «الشرعية» على الممارسات الميدانية.
4- أشارت مصادر إعلامية واستخباراتية متعددة إلى أن المئات من عناصر الشركة انتقلوا من أبوظبي إلى الرياض بطلب من ولي العهد محمد بن سلمان، وأكد تقرير للديلي ميل أن عناصر شركة بلاك ووتر هم الذين اعتقلوا عددا من أمراء العائلة الحاكمة ومسؤولين سعوديين.
وأفاد موقع "العهد الجديد" الإخباري بأن المجموعة الأولى من "أكاديمي" (150 شخصا) وصلت إلى السعودية بموجب عقد بلغت قيمته نحو مليار دولار، بعد أسبوع واحد من عزل ولي العهد السابق محمد بن نايف وتولي محمد بن سلمان مكانه.
ووفقا لصحيفة ديلي ميل، فإن عناصر الشركة تولوا الحراسات الأمنية في فندق الريتز كارلتون، حيث اعتقل عشرات الأمراء ورجال الأعمال. كما تولوا عمليات الاستجواب في الداخل، ومراقبة المعتقلين، فضلا عن الحراسة الشخصية لمحمد بن سلمان.
وقبل انتقال عمليات بلاك ووتر إلى الداخل السعودي -وفي حماية ابن سلمان ومشروعه كما تقول الصحيفة-، استعانت الرياض قبل ذلك بإيريك برنس وشركاته الأمنية لتوفير مقاتلين من أجل حربها في اليمن، في محاولة لحسم الحرب.
وأشارت صحيفة "إل تمبو" الكولومبية إلى أن أربعمائة عنصر من الشركة، بينهم كولمبيون وأميركيون ومكسيكيون يقاتلون في بعض الجبهات في اليمن لمصلحة القوات السعودية، وأن بعضهم قتل في المعارك خصوصا في تعز.
5- لم تعد بلاك ووتر اللاعب الوحيد، فقد أشارت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية إلى أن نحو عشر شركات أمنية إسرائيلية خاصة وأخرى تابعة لوزارة الأمن وجدت طريقها إلى السوق الإماراتي، لكن بأسماء غربية.
هنا نترك هذه المعلومات والممارسات لتقييم المواطن الخليجي وابداء رد الفعل اللائق عليها، فكما لهذه الشركات مهامها الخارجية التي تسئ لسمعة الخليج، فإن لها مهامها الداخلية المتعلقة بالقمع واحتلال مكانة المؤسسات الوطنية الامنية، مما يعني غياب البعد الوطني الى ابعاد فوق وطنية متعلقة بالارتزاق وبسياسة هذه الشركات واجنداتها المرتبطة باستخبارات دولية.