أحمد شوقي- راصد الخليج-
في كتابها الشهير "عقيدة الصدمة: صعود رأسمالية الكوارث"، فضحت الكاتبة الكندية "نعومي كلاين" أسطورة انتصار اقتصاد السوق الحرة والقت الضوء على خيوط تحريك الدمى التي وقفت وراء او استغلت أزمات وحروب وكوارث لتمرير سياسات النيوليبرالية بسياسة لقبتها الكاتبة بـ " المعالجة بالصدمة ".
والفكرة المركزية للكتاب، هي أن السياسات الاقتصادية النيوليبرالية المتمثلة في الخصخصة، وتحرير التجارة، وخفض الإنفاق الاجتماعي، والتي فرضتها مدرسة شيكاغو ومنظّرها ميلتون فريدمان عالميًا كانت سياسات كارثية، ، ولأنها مرفوضة شعبيا بسبب نتائجها، فإن تمريرها كان متسقا مع كارثيتها، حيث اعتمد على الاضطرابات السياسية والكوارث الطبيعية والذرائع القسرية لتمرير ما اطلقت عليه مدرسة فريدمان"إصلاحات"!
وكلنا شاهد على النتائج الوخيمة لهذه السياسات من حيث للكساد وتفاقم الفقر،ونهب الشركات الخاصة للمال العام وتنامي ثروات الافراد والمؤسسات على حساب الشعوب وميزانيات الدول.
وقد جاءت ازمة كورونا بمثابة صدمة عالمية، فضحت عوار النظام العالمي القائم على سياسات النيوليبرالية.
وهنا نحن امام احد سيناريوهين، الاول هو ان الازمة مدبرة لاحداث صدمة جديدة لتمرير سياسات اكثر وحشية!
والثاني ان ما حدث هو ارتداد الصدمة على النظام النيوليبرالي وكشفه، مما سينتج عنه ما وصفته كلاين في كتابها بـ"تقهقر الصدمة".
في الفصل الأخير من الكتاب، ارجعت الكاتبة ارتداد عقيدة الصدمة على مخترعيها إلى استيقاظ الشعوب بعد معاناتها من تداعيات هذه السياسات، وقد صدر الكتاب في عام 2009، متزامنا مع صعود حركات مناهضة لهذه السياسات.
ولكن ما تلى ذلك اثبت ان هذه السياسات لا زالت متمكنة، ولها ادواتها وما تنتجه من ازمات وكوارث واستطاعت وأد جهود الحركات المناهضة واستعادة مكانتها.
وجاءت صدمة كورونا هذه المرة لتوقف المسار وتبرز كارثية نتائج هذه السياسات، مما يرجح السيناريو الثاني، حيث ان السياسات الوحشية وصلت لقمتها ومن غير المتصور توسعها لامتدادات جديدة.
ربما حدثت مؤامرة، ولكنها خرجت عن سيطرة المتآمرين وارتدت عليهم.
لازلنا نترقب توابع صدمة كورونا والتي يحاول اتباع فريدمان حفظ مواقعهم والاستماتة في الدفاع عن مكتسباتهم في ظلها، وهل سينجحون ام ستعصف بهم؟