(أحمد شوقي/ راصد الخليج)
منذ انشاء مجلس التعاون الخليجي، وهناك اتجاه تدريجي للانفصال بالعمل الخليجي عن العمل العربي العام، او بمعنى اخر، هناك شبه استقطاب بين مجلس التعاون والجامعة العربية، مما خلق محورا خليجيا شبه مستقل، يشكل ما يشبه كتلة حاولت التقارب مع الملكيات العربية الاخرى مثل المغرب والاردن.
وبعد حدوث الأزمة الخليجية، بدت هناك شواهد ان هناك محورا اماراتيا سعوديا في مواجهة قطر ومن يتعاطف معها او بالاحرى من لا يناصبها العداء.
وبعد عار التطبيع الذي قادته الامارات علنا والتحاق البحرين والسودان، والحديث المتواتر عن قرب التطبيع السعودي، اقيمت مؤخرا قمة ثلاثية بالعاصمة الاماراتية بين الامارات والبحرين والاردن، وقبل محاولة تحليل هذه القمة، ينبغي اولا استعراض ما رشح منها للاعلام وتناقلته الاخبار: فقد افادت الانباء بأن ولي عهد أبوظبي والعاهل البحريني والعاهل الأردني، ناقشوا مسائل تتعلق بالأوضاع الفلسطينية، في قمة ثلاثية جمعتهم بالعاصمة الإماراتية، وفقا لما أفادت به وكالة أنباء البحرين الرسمية (بنا).
وحسب الوكالة ذاتها، فإن القادة بحثوا "آخر التطورات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وضرورة تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين".
وكانت "بنا" قالت، إن قمة ثلاثية تجمع ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة، وملك الأردن عبدالله ابن الحسين الثاني، إضافة إلى ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وأكد القادة خلال القمة، على "عمق العلاقات الأخوية والاستراتيجية بين البلدان الثلاث، وسبل الارتقاء بها إلى أعلى المستويات، بما يحقق مصالحها المشتركة".
كما جاء في البيان الذي نشرته الوكالة البحرينية: "ركز القادة على سبل النهوض في مجالات التعاون والتكامل في عدد من القطاعات الحيوية، خصوصا فيما يتعلق بقطاعي الصحة والأمن الغذائي والدوائي، والجهود المشتركة لمواجهة أزمة وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية والصحية والاجتماعية".
وأكدوا "أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدان الثلاث حيال مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يخدم القضايا العربية".
وهنا ينبغي ان نتوقف امام عدة ملاحظات:
1- القمة جمعت الدول التي لها علاقة رسمية بالعدو الاسرائيلي، سواء من المطبعين حديثا "الامارات والبحرين"، ومعهم دولة اقامت علاقات سابقة "الاردن"، وهو امر لافت ويشير الى ان القمة لها علاقة بالعدو الاسرائيلي بشكل او بآخر.
2- التأكيد على ان القمة بحثت القضية الفلسطينية، هو محض تزييف واستهزاء بالعقول، حيث انعقدت في توقيت يشهد استياء فلسطينيا غير مسبوق من الدول التي اقدمت على خطوة التطبيع، لا سيما في مرحلة تشهد تصفية علنية للقضية، وتزامنا مع زيارة بومبيو للعدو وزيارته للمستوطنات واعترافه بها وبمنتجاتها بانها اسرائيلية، ناهيك عن زيارته للجولان المحتل وتكريس الاعتراف الامريكي بضمه للعدو.
ولم تتناول القمة هذه المعطيات الخطيرة وبالتالي فإن حشر الاهتمام بالقضية في البيان هو لحرف الانظار عن جريمة جديدة يبدو وانها تتعلق بتنسيق وتطوير للعلاقات مع العدو الاسرائيلي.
3- خرجت بعض التحليلات لتشير الى تشكل محور جديد استبعدت منه السعودية ومصر، وهو امر مستبعد، لان البحرين والمعلوم تبعيتها للسعودية، لا تستطيع الاستقلال عنها او ان تحل محلها، والاقرب للمنطق ان الببحرين تعتبر مندوبة للسعودية في هذا التحالف الى ان تعلن السعودية رسميا تطبيعها.
4- هناك شواهد تؤكد ان القمة تتعلق بالتنسيق مع العدو وتطوير التطبيع معه، حيث استعرض البيان مجالات تتطابق مع جالات التطبيع التي سارع مسؤولون إسرائيليون إلى إبراز الفوائد الاقتصادية لها بعد عقد اتفاق التطبيع ، ووفقا لبي بي سي فقد تناول المسؤولون الصهاينة ان اتفاق التطبيع سيشمل بعد سريانه رسميا اتفاقات في مجالات السياحة، والتكنولوجيا، والطاقة، والرعاية الصحية، والأمن، ضمن مجالات أخرى.
هنا نحن بصدد مشهد لتطوير التطبيع وتنسيق "عربي" مشترك لاثرائه لا لمواجهته، وسط صمت شعبي مدان ويرقى الى درجى التفريط.
وهنا ايضا تتعاظم الفجوة بين قوى المقاومة والقوى الحية للشعوب القابضة على جمر الثوابت وبين انظمة الخيانة والقطاعات الشعبية المؤيدة لها او الصامتة على ممارساتها، وهو ما يضيف بعدا خطيرا اخر، الى البعد المتعلق بالضرر السياسي اللاحق بالقضية، وهو انتقال المعركة ايضا للداخل العربي والاسلامي بفعل هذا الاستفزاز والاعلان الفاجر للخيانة.