(أحمد شوقي/ راصد_الخليج)
مع دخول المغرب لحظيرة التّطبيع مع العدو والإنضمام إلى قائمة العار والتّفريط، بشكل رسمي، بمعزل عن المُمارسات الخفيّة لأعضاء القائمة ومعهم الدّول التي قد تنضم لها، بدأت الأخبار تتوالى عن الأخبار التّطبيعية.
وكان اللّافت والعجيب، أنّ أخبار الطّعام والوجبات الغذائية هي التي تتصدّر عناوين الأخبار، وكأنّ سنوات من الشهيّة لتبادل الأطعمة كانت هي الحالة المُسيطرة في العقود الماضية!
فقد نشرت وكالة رويترز أنّ الزّبائن تقف في طوابير أمام مخبز ومقهى في القدس المحتلّة لشراء كعك "أبوظبي"، وهو حلوى بنكهة التّمر مستوحاة من العلاقات الجديدة ل "إسرائيل" مع دولة الإمارات.
وافادت وكالة "رويترز"، بأنّ الكعك، المعروف باسم "سوفجانيوت" باللغة العبرية، طعام يشيع تناوله في "إسرائيل" خلال عطلة عيد الأنوار "الحانوكا" والتي يتناول فيها اليهود بشكل تقليدي طعاماً مقلياً.
وأضاف الطاهيان ايتسيك وكيرين كادوش لمسة جديدة لحلوى العيد هذه السنة.
واستطردت رويترز في تقريرها موضّحة أنّه في مقهى "كافي كادوش" التّابع لهما ابتكرا كعك أبوظبي المحشو بالكريمة المصنوعة من التّمر، الذي أرسله خصيصا ل "إسرائيل" أفراد من الطائفة اليهودية في الإمارات، والمغطّى بالنوجا وورق بلون الذّهب صالح للأكل.
ونقلت الوكالة عن ايتسيك كادوش قوله: "إنّ المُنتج الجديد وسيلة للتّعبير عن الإمتنان لعمليّة السلام التي شرّعت فيها "إسرائيل" والإمارات".
فيما نشرت صفحة "إسرائيل" في الخليج على موقع تويتر، فيديو يجمع بين إسرائيليين وإماراتيين وبحرينيين على وجبة السبت اليهودية، معلّقة بالقول: "هكذا استقبل واحتفل ناشطون إسرائيليون إماراتيون وبحرينيون وجبة الشبات "السبت" التقليدية، ما أجمل السلام".
وكانت صفحة "إسرائيل بالعربية"، النّاطقة بلسان وزارة الخارجية الإسرائيلية، قد نشرت تغريدة على صفحتها الرّسمية في "تويتر"، في نوفمبر المنقضي، أكّدت من خلالها وصول أوّل شحنة للتّمر الإسرائيلي أُرسلت إلى الإمارات.
وكانت هذه التّمور فلسطينية الأصل، من نتاج عمل الفلسطينيين بالسّخرة وسرقة العدو لاسم المُنتج ومزارع التّمر وتصديرها إلى الخارج ومنها ما استمتع بتناوله بعض الإماراتيين!
والسؤال هنا، هل الطعام والإجتماع على موائده هو هدف التّطبيع؟ ولماذا يتمّ التّرويج لهذا الجانب دون خجل وسط أزمات يعيش فيها الفلسطينيون وحصار يعانون منه وخاصّة في قطاع غزة؟
جانب آخر يكشف بشائر التّطبيع، حيث أفادت مصادر إسرائيلية، بأنّ عدداً من القَتلة والمُجرمين وتجّار المخدّرات فرّوا مؤخراً من "إسرائيل" إلى الإمارات، استباقاً لصدور قرارات من الشّرطة باعتقالهم، وأقاموا نشاطات اقتصادية هناك.
ونقلت التّقارير عن مصدر في الشرطة الإسرائيلية قوله إنّ بعض المجرمين الذين فروا إلى دبي كانوا ضالعين في تهريب 750 كيلوغراما من مخدر الكوكايين من غواتيمالا جرى ضبطها الشهر الفائت في ميناء أشدود جنوب إسرائيل، وكذلك تهريب 3.2 طن كوكايين كانت ستنقل من بلجكيا إلى إسرائيل.
ونقلت وكالات الأنباء عن المصدر قوله: " جاء بعضهم بجوازات سفر مزوّرة والبعض الآخر بجوازات سفر إسرائيلية.. يريدون غسل الأموال التي يخفونها منذ سنوات"
كما أشار تقرير نشرته "القناة 12" الإسرائيلية إلى أنّ المجرمين الذين اشتهروا في يافا وحيفا، اندمجوا في الإمارات ودخل بعضهم في شراكات من خلال وكلاء، واشتروا شققاً ومحلات لبيع الهدايا التّذكارية، فيما اشترى آخرون الذهب والألماس، وباعوا البضائع لرجال أعمال في دول أخرى حتى لا تتبع الشرطة الإسرائيلية أنشطتهم.
تبدو هذه نظرة الإسرائيليين للخليج: مقرّ لغسيل الأموال وتبادُل لثقافة الطّعام ومذاقاته، وبنك للتّمويل، وهي لا تختلف عن نظرة ترامب للسعودية التي وصفها بأنّها "البقرة الحلوب".
رغم فداحة الجرم وخطورته الجدية، تبدو مهازل التطبيق لتشكل مفارقات متهافتة ومخزية.
والمحزن في هذا المشهد، هو موقف قطاعات من الشّعوب الخليجية سارعت للتّطبيع رغم يأس العدو الإسرائيلي من نفاذه للشعوب رغم تواطؤ الحكومات.
بالطبع لانريد للشعب الخليجي أن يكون رائداً للعار الشعبي، كما شكّلت حكومات دول عقدت معاهدات واعترفت بالكيان الإسرائيلي، ريادةً في العار الحكومي.