(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
في الوقت الذي ساندت فيه دول الخليج مخطط تدمير سوريا ونشر الفوضى والدّمار بها بحجّة الديكتاتورية، رغم خلوّ أنظمة الخليج بلا استثناء من أي معلم من معالم الديمقراطية، تتغنّى وسائل الإعلام هذه الأيام بفضائح ملك إسبانيا السابق "خوان كارلوس" واحتضان الإمارات له وبالتوازي، تُثار قضية الرشوة السعودية له بنحو 100 مليون دولار.
وخوان كارلوس الأوّل هو ملك إسبانيا من 22 نوفمبر 1975 إلى 19 يونيو 2014، وهو حفيد ألفونسو الثالث عشر، آخر ملك لإسبانيا قبل إلغاء الملكية في عام 1931 وإعلان الجمهورية الإسبانية الثانية.
وقد أعلن يوم 2 يونيو 2014 عن تنحيه عن العرش لابنه وولي العهد الأمير فيليبي، وفي مساء 18 يونيو 2014 وقّع الملك على مرسوم تنحيه عن العرش في القصر الملكي في مدريد .
وقد تراكمت فضائح الفساد المالي والأخلاقي، وألقت صحيفة "الباييس" الإسبانية بعضاِ من الضوء على ذلك في تقرير بعنوان "خوان كارلوس الغامض الكبير"، ذكرت فيه أنّ هناك العديد من الأمور التي يتمّ كشفها تدريجياً حول حياة ملك إسبانيا السابق، وكان خوان كارلوس متّهم باستخدام حبيبته الأميرة الألمانية كورينا، لإخفاء أصول وممتلكات في الخارج بالإضافة إلى حسابات في سويسرا باسم ابن عمه، فضلاً عن استخدامها للحصول على صفقات عقارية منخفضة الضرائب.
كما أقام ملك إسبانيا، علاقات مع أكثر من 1500 امرأة بينها ملكة جمال إسبانيا السابقة باربرا راى كي، التي أوكل للاستخبارات الإسبانية دفع الملايين لها بالجنيه الإسترليني لكي تلتزم الصمت ولا تفصح علاقاتها الطويلة معه، حيث أنّها التقت عميل في وكالة الاستخبارات الإسبانية في مقهى وتسلّمت منه 3 مليون يورو في شكل دفعات شهرية، مقابل صمتها وعدم تسريب فيديوهات وصور خاصة تجمعهما معاً.
ومن بين الشبهات التي تحوم حول ملك إسبانيا، قتله لشقيقه ألفونسيتو دى بوروبون الذي كان يبلغ 14 عاماً، بالرصاص من مسدس عيار 22.
وقد فتح المدّعي في المحكمة العليا الإسبانية تحقيقاً أوّلياً جديداً بشأن المعاملات المالية للملك السابق خوان كارلوس بعد تقرير أعدّته الوكالة الوطنية لمكافحة غسل الأموال. ويخضع الملك السابق، الذي سافر إلى الإمارات وسط عاصفة من الفضائح، لتحقيق منفصل تجريه المحكمة العليا يتعلّق بعقد حول قطارات فائقة السرعة مع السعودية.
ومؤخراً، نشر موقع "بوليتكو" تقريراً أعدّه الصحفي ريتشارد شويد المُقيم في برشلونة عن الملك الإسباني السابق خوان كارلوس، والملايين المسروقة والملكية الإسبانية التي تعاني من أزمة.
وممّا جاء به أنّ الملك السابق البالغ من العمر 83 عاماً يعيش مرفّها في المنفى في أبو ظبي، وخلّف وراءه عائلته.
وفي 2018 تعرّضت عشيقة خوان كارلوس الأرستقراطية الألمانية المولد الدانمركية الجنسية كورنينا لارسين، لمساءلة من السّلطات السويسرية كي تشرح المبلغ الضّخم المحفوظ في حسابات مصرفية باسمها، ويُعتقد أنّها كانت مرتبطة بالملك كارلوس عندما قدّمها له دوق ويسمنتستر عام 2004.
وتحت المساءلة اعترفت أنّها لعبت دوراً في إخفاء جزء من هدية حوالي 100 مليون دولار منحت له من الملك السعودي، وهو الملك الراحل عبد الله، وكانت عبارة عن امتنان من السعوديين للملك الذي ساهم في صفقة لبناء سكّة حديد سريعة إلى مكة وجزءاً من مشروع بـ 8 مليارات دولار.
وقالت لارسين التي لم تعد مرتبطة بالملك السابق إنّ المال هو عبارة عن رشوة، وأيًّا كان الحال فلم يقُم الملك السابق بإخبار السلطات الإسبانية بها.
وتمّ فتح التّحقيق في "الهدية" السعودية لاحقاً وتوسّع ليضمّ مؤسّسات مرتبطة بالملك السابق، اثنتان منها كانت عبارة عن كيانات وهمية ولا هدف لها سوى تمرير الأموال إليه، بالإضافة إلى هذا أعطى الملك السابق لأعضاء عائلته الممتدّة باستثناء فيليب بطاقات ائتمان غامضة وتعود لثري مكسيكي استخدمت لإنفاق عشرات الآلاف من اليورو.
وتبعت الفضائح فضائح أخرى، واستمرّت التحقيقات بدون توجيه تهم، ولكن في القصر الملكي أعلن أنّ الملك السابق كارلوس غادر إسبانيا للعيش في مكان آخر، وظهر لاحقاً في قصر راق لصديق له في أبو ظبي حيث يعيش.
ويقول التّقرير أنّ الملك يتمتّع بحصانة دستورية من المحاكمة وفي أي شيء فعله كملك، لكن أي جريمة ارتكبها منذ تنحيه في 2014 تعرّضه للمساءلة، ومنذ مغادرته إسبانيا إلى أبو ظبي لم يظهر أو يصدر تصريحات.
وأشار موقع "بوليتيكو" إلى أنّ التّغطيات الصحافية السيئة للعائلة المالكة لم تتوقّف، ففي فبراير عندما أعلن عن دفع الملك السابق 4 ملايين يورو كشف عن أنّ ابنتيه سافرتا لزيارته في أبو ظبي وحصلتا على تطعيم ضدّ كوفيد-19.
ولم يكن هذا جيّداً في إسبانيا التي مات فيها أكثر من 72.000 بسبب كوفيد-19 وعدم توفّر اللّقاحات التي ينتظرها الملايين، موضحة في السياق أنّه في الوقت الذي يقبع فيه الإسبان في بيوتهم هرباً من الإصابة بالفيروس تقدّم لهم العائلة المالكة سلسلة درامية تلهيهم عن مشاكلهم ومخاوفهم.
هكذا أصبحت السعودية والإمارات رمزاً للرّشاوى وحماية الفاسدين، وهو ما يستدعي محاولات مكثّفة لإصلاح الممارسات وتبييض الصّورة، ولكن ما نراه بكلّ أسف، هو التّمادي في ممارسات سياسية ضدّ مصالح الأمّة ومنافية للثّوابت الوطنية والأخلاقية، وهو ما يكرّس الصورة السيئة والتي أصبحت عالمية.