خاص الموقع

برنامج التّجسّس "بيغاسوس" يكشف التّطبيع السعودي الإسرائيلي!‏

في 2021/08/09

(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
يبدو أنّ كشف فضائح برنامج التّجسّس الإسرائيلي "بيغاسوس" ستتّخذ أبعادًا جديدة، فهي لا تلبث أن تكشف أسرارًا ‏تفسّر الكثير من الحوادث من جهة، كما تكشف التطبيع الخفي غير المعلن من جهة أخرى!‏

وفي سياق الجديد من الأسرار، أفادت صحيفة "لوموند" الفرنسية مؤخّرًا أنّ السعودية والإمارات استخدمتا برنامج ‏‏"بيغاسوس" الجاسوسي المطوّر من قبل شركة ‏NSO‏ الإسرائيلية لتعقّب كبار السّاسة اللبنانيين.‏

وأشار بنجامين بارت، كاتب المقالة التي نشرته الصحيفة تحت عنوان "في لبنان تراقب ممالك الخليجي أصدقاء وأعداء ‏لها على حدّ سواء"، إلى أنّ قائمة الشّخصيات اللّبنانية المستهدفة من قبل برنامج التّجسس الإسرائيلي لصالح السلطات ‏السعودية والإمارات خلال العامين 2018 و2019، تشمل طيفًا واسعًا من الأسماء - بدءًا من رئيس الدولة ميشال ‏عون ورئيس الوزراء السابق سعد الحريري وانتهاء بعدد كبير من الوزراء والصحفيين والسفراء مرورِا بمدير الأمن ‏العام اللبناني، عباس إبراهيم، ورئيس البنك المركزي رياض سلامة، ومسؤولين تنفيذيين من "حزب الله" اللبناني.‏

إلّا أنّ هناك فقرة لافتة في تقرير الصحيفة، وهي وبحسب المقالة، فقد طلب ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان من ‏شركة "بيغاسوس" الإسرائيلية استهداف الطبقة السياسية في لبنان نيابة عن المملكة.‏
هنا نحن أمام تطبيع صريح من ولي العهد، ناهيك عن التّجسس على سياسيي بلد مستهدف بالمؤامرات، تشير الحوادث ‏به إلى تورّط سعودي في الأحداث.‏

وقد تواترت التقارير في الصحف العالمية حول التورّط السعودي الإماراتي في التّجسس، وحول التطبيع الصريح، فقد ‏كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في تقرير لها، أنّ (إسرائيل) سمحت سرًا لمجموعة من شركات المراقبة الإلكترونية ‏بالعمل لصالح حكومة المملكة العربية السعودية.‏

وأشارت الصحيفة إلى أنّ هذه الخطوة جاءت رغم المخاوف الدّولية المتعلّقة بقيام السعودية باستخدام برامج التّجسس ‏الإسرائيلية "لسحق" المعارضة في الداخل والخارج، خاصّة بعد مقتل الصحفي جمال خاشقجي.‏

وأضافت الصحيفة أنّ مجموعة "‏NSO‏" الإسرائيلية ألغت عقودها مع السعودية بعد مقتل خاشقجي في 2018، لكن ‏الحكومة الإسرائيلية شجعتها مع شركتين أخريين على مواصلة العمل مع المملكة، كما منحت الحكومة الإسرائيلية ‏ترخيصًا جديدًا لشركة رابعة من أجل العمل مع السعودية، متجاوزة المخاوف المتعلّقة بانتهاكات حقوق الإنسان، وفقًا ‏لمسؤول إسرائيلي كبير وثلاثة أشخاص مرتبطين بتلك الشركات.‏

وبحسب الصحيفة، تعتبر شركة "‏NSO‏" إحدى أشهر الشركات الإسرائيلية، وهي المسؤولة عن تطوير برنامج ‏‏"بيغاسوس" للتّجسس الذي استخدمته العديد من الحكومات للتّجسس على نشطاء حقوق الإنسان واعتقالهم، مضيفة أنّ ‏الشركة باعت برنامج "بغاسوس" إلى السعودية عام 2017، وقامت المملكة بدورها باستخدامه في "حملة قاسية لسحق ‏المعارضين في الداخل، ومطاردة أولئك الذين يعيشون خارج البلاد".‏

وقالت الصحيفة، إنّ وزارة الأمن الإسرائيلية سمحت لشركة أخرى تدعى "كانديرو" للعمل مع السعودية، وكانت ‏شركة "مايكروسوف" قد اتّهمت "كانديرو" بتطوير برنامج معلوماتي استخدمته عدّة حكومات للتّجسس على أكثر من ‏‏100 صحفي وسياسي ومعارض ومدافع عن حقوق الإنسان حول العالم.‏

كما منحت (إسرائيل) تراخيص لشركتين أخريين على الأقل، ‏Verint، التي تمّ ترخيصها قبل مقتل خاشقجي، وشركة ‏Quadream، التي وقّعت عقدًا مع المملكة العربية السعودية بعد ذلك.‏

وكشفت الصحف الإسرائيلية كذلك معلومات حول هذه القضية، وبحسب صحيفة هآرتس، قامت شركة خامسة، وهي ‏شركة ‏Cellebrite، التي تصنع أنظمة قرصنة مادية للهواتف المحمولة، ببيع خدماتها للحكومة السعودية، ولكن دون ‏موافقة الوزارة.‏

وقد علّقت "نيويورك تايمز" على هذا التّعاون بالقول، أنّ "حقيقة  حكومة (إسرائيل) شجّعت شركاتها الخاصة على ‏القيام بأعمال أمنية للمملكة -رغم أنّها لا تزال لا تعترف رسميا بإسرائيل – هو دليل آخر على إعادة ترتيب التّحالفات ‏التقليدية في المنطقة والإستراتيجية من قبل (إسرائيل) والعديد من دول الخليج العربي لتوحيد الجهود لعزل إيران".‏

ولفتت الصحيفة بأنّ "هذه العلاقات التجارية جاءت بينما كانت (إسرائيل) تبني بهدوء علاقات مباشرة مع الحكومة ‏السعودية، فقد التقى بنيامين نتنياهو، آنذاك، عدّة مرات مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فيما يلتقي القادة ‏العسكريون والإستخباراتيون في البلدين بشكلٍ متكرر".‏

هنا تحوّلت قضية كشف فضيحة التّجسس إلى قضية ذات وجهين، ووجهها الثاني هو كشف فضائح التّطبيع غير ‏المُعلن!‏