خاص الموقع

هل يفسد الخليج قمّة بغداد؟

في 2021/08/31

(أحمد شوقي\ راصد الخليج)

لا أحد يختلف على ضرورة استعادة دولة العراق دورها الإقليمي واستقرارها واستقلالها الوطني، ولا يختلف أيضاً أحد على ضرورة التّعاون الإقليمي واستبدال السّجالات والصراعات والأحلاف بتعاون أخوي يصبّ لصالح الشعوب.

والشاهد أنّ التدخّل الأجنبي الإستعماري هو الذي مزّق وحدة شعوب المنطقة، بل ومزّق وحدة الأقطار، وزرع الفتن ونهب الثّروات، ومارس قانونه الأزلي الشهير "فرّق تسد".

من هذا المنطلق فإنّ وحدة المنطقة والتّعاون العراقي مع دول الجوار هو أمر محمود ومطلوب، كما أنّ التّعاون العراقي مع الخليج على التنمية وحلّ الأزمات مطلوب ومنطقي، طالما كان الهدف من ورائه التنمية والتعاون البنّاء.

ولكن هناك عدّة ملاحظات نراها تشكّل علامات سلبية وتستدعي الريبة والقلق، وتحديدًا من قِبَل دول الخليج المشاركة في مؤتمر بغداد، ويمكن أن نلخّصها في نقطين رئيسيتين كما يلي:

أولًا: غياب سوريا وهي جار رئيسي أقرب من أشقاء كثر إذا ما اعتمدنا مفهوم الجوار، ولأسباب ذكرها وكيل وزير الخارجية العراقية، المتحدّث باسم مؤتمر بغداد للتّعاون والشراكة، نزار الخير الله، في تعليقه بخصوص دعوة الرئيس السوري بشار الأسد لحضور المؤتمر،  حيث لفت إلى ضرورة "الفصل بين العلاقة مع سوريا ودعوتها إلى المشاركة بالمؤتمر... ولكنّنا حريصون على إنجاح المؤتمر بعيداً عن النّقاط الخلافية"

كما نقلت وكالة الأنباء العراقية، عن وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، ردًّا على سؤال يتعلّق بعدم دعوة سوريا إلى مؤتمر العراق لدول الجوار، قوله، بأنّ قمّة بغداد أُريد منها عدم طرح النّقاط الخلافية.

وتسرّبت تقارير متواترة عن رفض بعض الدول حضور الرئيس السوري بشار الأسد هذه القمّة، وكان لهذه الدول ما أرادت، بعد أن أوفد رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض إلى سوريا للقاء الأسد، وأبلغه حراجة موقف العراق من إقامة مثل هكذا مؤتمر وعدم دعوة سوريا إليه الأمر الذي تقبّله الرئيس السوري بكلّ رحابة صدر.

وهنا وكما ليس خافيًا، فإنّ المعترضين على سوريا ونظامها، هم دول الخليج ومن خلفهم أمريكا وفرنسا والغرب بشكلٍ عام، وهو ما يعني أحد احتمالين كلاهما سيء:

1- أمّا أنّ الغرب يتحكّم في سير المؤتمر وينجح في فرض شروطه رغم موافقة جميع الدول بانضمام سوريا، وهو ما يعني هيمنة غربية لا تقود الى استقرار وتفرغ المؤتمر ودوافعه وبيانه الختامي من أي مضامين إيجابيّة.

2- أو أنّ دول الخليجية هي التي رفضت بمعزل عن هيمنة الغرب وهو تحكّم في منهج التّعاون وانتقاء لأطرافه وهو كما سبق أيضًا يفرّغ المؤتمر من منافعه وأهدافه.

ثانيًا: هناك تحرّكات خليجية تبدو منفصلة وموازية لمنهج المؤتمر وروحه القائمة على التّعاون الجماعي، فقد أعلن أمين عام مجلس التّعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، الإعداد لعقد مؤتمر تحت عنوان "مؤتمر الإعمار والإستثمار الخليجي – العراقي" في الفترة المقبلة.

وقال الحجرف خلال كلمته في مؤتمر بغداد للتّعاون والشراكة إنّ "المجلس يدعم العراق ويتطلّع لتعزيز علاقته الإستراتيجية مع مجلس التّعاون الخليجي".

وأضاف أنّ "المجلس يعدّ العدّة لعقد مؤتمر الإعمار والإستثمار الخليجي – العراقي في الفترة المقبلة في إطار دعم مجلس التّعاون للعراق".

وشدّد على "ضرورة متابعة مخرجات مؤتمر الكويت التي نصّت على دعم العراق اقتصاديا".

وهنا أيضًا ملامح لهيمنة خليجية على صيغة التعاون مع العراق، وعقد مؤتمرات موازية تشي أجندة خليجية منفصلة عن أجندة العمل الجماعي، ويشي هذا الأمر باستمرار السياسة الخليجية التي تربط التّعاون بالهيمنة على القرار السياسي، والتّحكم في خيارات الآخرين.

هنا ينشأ سؤال جاد، وهو، هل يفسد الخليج مؤتمر العراق بسبب اتّباع ذات السياسات التّقليدية وبسبب عدم الإلتفات لمستجدات التّوازنات الدولية وبسبب فشل قراءة الخرائط الجديدة للمنطقة وتوازناتها؟