(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
يبدو أنّ السّعودية بعد الصّدمة الأمريكية التي تلقّاها حلفاؤها، تتّجه لطريق خاطئ، يشكّل ما يُطلق عليه علاج الخطأ بخطأ أكبر، وهنا في حالتنا هي تتّجه للعلاج بخطيئة كبرى.
ففي الفترة الأخيرة تواترت التّقارير حول تعاون سعودي صهيوني عوضاً عن سحب مظلّة الدّفاع الأمريكية عن المملكة.
ولكن هناك مقال نشرته صحيفة "فزغلياد" الروسية موقّعاً باسم ثلاثة صحفيين حول شراء السعودية المرتقب لمنظومة "القبّة الحديدية" الإسرائيلية، يلقي مزيدًا من الضّوء وكثيرًا من التّفاصيل حول هذه الخطوة المشينة.
وممّا جاء في مقال إيلينا ليكسينا ونيكولاي فاسيليف وميخائيل موشكين، بالصّحيفة، فِقرة تحدّثت عن نيّة سعودية لشراء منظومة "القبّة الحديدية" للدّفاع الصاروخي من كيان العدو الإسرائيلي، وقال المقال، أنّه، وفي السابق، كانت مثل هذه الصّفقة تبدو غير ممكنة بسبب ما أسمته العلاقات العدائية بين البلدين، لكن التّهديدات المستمرّة من أراضي اليمن والعراق وضعت السعوديين في موقف لا يحسدون عليه وفقًا لقول الصحيفة.
وبصرف النّظر عن توصيف الصحيفة لعلاقات لم تثبت عدائيّتها بشكلٍ صادق بين السعودية والعدو، وبصرف النّظر عن توصيف الصحيفة لحركة الحوثيين باليمن بأنّها تهديدات، وبصرف النّظر أيضًا عن ادّعاء وجود تهديدات من العراق للسعودية، إلّا أنّ الشّاهد هنا هو ما رصدته الصحيفة من تطوّر تاريخي أصبح معه من الممكن حدوث ما لم يكن كل من السعودية و العدو الإسرائيلي الإقدام عليه بشكلٍ علني!
وقالت الصحيفة، أنّه من الجدير بالملاحظة أنّ المعلومات الحالية المسرّبة حول عقد إسرائيلي سعودي محتمل ظهرت على خلفية تقارير عن مشاكل في التعاون العسكري التّقني بين الولايات المتّحدة وكلا حليفيها في الشّرق الأوسط – (إسرائيل) والمملكة العربية السعودية، وبالتالي، فمن المنطقي أن يقرّر الإسرائيليون والسعوديون التّعاون، أمام مثل هذه الصعوبات، وفي مواجهة خصمهما المشترك إيران.
وحول صحة التقارير، عبّر رئيس معهد الشرق الأوسط، يفغيني ساتانوفسكي، عن ثقته في صحّة هذه التقارير المتعلّقة بنوايا الرياض شراء "القبة الحديدية" الإسرائيلية، وبحسبه، هذه خطوة سعودية اضطرارية بعد سحب الأمريكيين لمنظوماتهم الدّفاعية الجوية، لأنّ "الرئيس الأمريكي جو بايدن لا يأبه بكلّ التزامات دونالد ترامب".
الأخطر هنا، هو ما أكّده ساتانوفسكي، حيث قال أنّ الصفقة المحتملة لاقتناء "القبّة الحديدية" لا تتطلّب الإعتراف السياسي المتبادل، على غرار ما حدث في أغسطس العام الماضي مع الإمارات العربية المتّحدة، فلطالما عمل الإسرائيليون على تشكيل نظام لتأمين منشآت السعوديين عسكريًا ضدّ إيران، كما تتفاعل الرّياض مباشرة مع الإسرائيليين، غير آبهة بشيء في العالم، بما في ذلك تاريخ علاقاتهما السابق كله. فهم يريدون أن يعيشوا. ليس لديهم من يعتمدون عليه في دول الخليج، وببساطة لا توجد قوّة إقليمية أخرى غير (إسرائيل)، في متناول اليد دائما".
والترجمة المباشرة لما قاله ساتانوفسكي، هي موت العمل العربي المشترك وعدم رهان السعودية على أي قوّة عربية، كما أنّه دليل دامغ على استبدال العدو، حيث أصبح العدو السرائيلي حليفًا في مواجهة الجار!
وفي هذا المقال، ورد أيضًا، أنّ الخبراء لا يستبعدون أن لا يكتفي السعوديون، المجبرون على تنويع مشترياتهم العسكرية، باللّجوء إلى (إسرائيل)، فيمكن أن يلجؤوا إلى روسيا أيضًا. وبحسب ساتانوفسكي، فإنّ خطط السعوديين لشراء القبّة الحديدية لن تمنعهم من شراء منظومة إس-400 من روسيا، لأنّ المملكة في "وضع كارثي". فحين هاجم الحوثيون منشآت أرامكو انخفضت صادراتها من النّفط بمقدار النّصف.
وبحسب قول ضيف الصحيفة: (إذا تخيّلنا حدوث ضربة لمحطّات تحلية المياه، "فببساطة تموت السعودية من دون ماء").
ورغم اعتراضنا على أنّ السعودية مجبرة على التعاون مع العدو، حيث أنّ التّهديد لايأتي من اليمن التي ترد على العدوان وستتوقّف بتوقّفه، وأنّ التّهديد لا يأتي من إيران التي تهدّد الصهاينة والأمريكيين فقط، وبالتالي لا داعي للتعاون مع العدو الذي يشكّل التّهديد الرئيسي للمنطقة، إلّا أنّنا نتّفق مع الحالة البائسة التي وصلت لها السعودية نتيجة خياراتها واعتمادها على حماية أمريكية رغم عداء أمريكا لأمّتنا وانحيازها للعدو الرئيسي للأمّة، ووقوع المملكة في فخّ تخلّي أمريكا عن حلفائها وأتباعها والذي لم تنجو منه دولة بحجم فرنسا ذات التاريخ الطويل في التّحالف مع امريكا.
والأدهى والأمر أنّ السعودية لا تتعلّم من أخطائها بل تحاول علاج الإنكشاف الإستراتيجي بخطيئة أكبر، تتمثّل في الإرتماء في الحضن الصهيوني والذي يشكّل العدو المباشر للأمّة والذي لا يحمل أي تبعات تاريخية تمنعه من التّخلي عن المملكة والغدر بها، حيث لا مقارنة بين العلاقة بينه وبين السعودية مع العلاقة التاريخية بين امريكا والسعودية!