(جاسر الدّخيل \ راصد الخليج)
باتت صورة العميد تركي المالكي (المتحدّث باسم قوات التّحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن) تُشبه إلى حدّ كبير صورة محمد سعيد الصحّاف، وزير الإعلام العراقي الذي أدار الحرب الإعلامية خلال ما سمّي بحرب تحرير العراق عام 2003 والتي قادتها الولايات المتّحدة الأميركية، وانتهت كما تذكرون إلى سقوط أسطورة صدّام حسين.
للأسف، فإن العميد المالكي بات بنظر الجمهور على امتداد العالم العربي، وفي العالم، "الكذّاب"، وتلك صفة لم نعتَد نحن في دولة الحرمين الشريفين على وصفنا بها.
لماذا على العميد الذي يتصدّر صورة جيشنا القوي ويتحدّث بالزّة العسكرية وباسم ضبّاط وقيادات الجيش ومعه القوات العربية التي تشارك في حرب عاصفة الحزم في اليمن أن يكذب؟ وهل هناك خديعة تعرّضنا لها، تجعل صورتنا في هذا المستوى من الحضيض؟
قيل قديماً.. اكذب اكذب حتّى يصدّقك الناس، ولكن كلّ الذين كذبوا في الحروب، آلت كذباتهم إلى خسارة، وتهشّمت صور جيوشهم أمام الحقائق المرّة التي لا يستطيعون إخفاءها.
لندخل إلى عمق القضية، وقد تعوّدت رغم كلّ الضغوط التي أتعرّض لها أن أكون صريحاً، وحتّى لا يقول أحد إنني أتحامل على الضابط تركي المالكي، فخر قواتنا الجوّية، والصديق المخلص (لا أنكر أنّه قد جمعتني به يوماً ما علاقة ودّ ومحبة عبر أصدقاء مشتركين)، لكن هل طيبته جعلته يتّكل على مستشارين لم يكونوا في مستوى الخبرة والمصداقية المنشودة وربّما هم من ورّطوه أكثر من مرّة في فبركات غير مدروسة ونتائج غير متوقّعة، لكنّهم وبالتأكيد كانوا يعرفون أنّهم يكذبون ويعلمون أنّ تهشيم صورة المتحدّث العسكري، تعني نهاية صورة جيشنا القوي، وبذلك لا نستبعد أنّ الدحلانية تلعب بنا من جديد.
ليس في الأمر لغزٌ، فقد استعانت القيادة العسكرية ولتغطية خسائرنا في الميدان بخبراء في مجال الصحافة والإعلام من "الزّملاء" اللّبنانيين والسوريين والمصريين والتونسيين وغيرهم من جنسيات عربية وأجنبية، وبعض هؤلاء مشهود له بالأكاذيب التي لم يحصد منها إلّا الفشل، كما حال اللّبنانيين منهم الذين ذاع صيتهم في الفشل والمصريين الذين ورّطونا في أكثر من مصيبة وزادوا صورتنا سواداً بدل أن يبيّضوها، أما "الخبراء" السوريون فأغلبهم من أولئك الذين تعرّفوا إلى الكاميرا في أيام الحرب السورية ونجحوا في تضليل الرأي العام العالمي من خلال أكاذيب سرعان ما تكشّفت.
لا أذيع في ذلك سراً، وسيأتي اليوم (قريباً) الذي سأعلن فيه أسماء هؤلاء المتطفّلين الدحلانيين على الإعلام والدّعاية المضادّة والذين يقدّمهم المالكي وزملاؤه في القيادة كجيش من الخبراء في الحرب النفسية.
إنّ مصلحة البلاد، وصوناً لصورتنا التي هشّمها المالكي وخبراؤه الفاشلون، تقتضي أن يصدر أمر ملكي عاجل، يُعيد العزيز العميد تركي المالكي إلى قاعدته الجوية، حيث قد ينفع أكثر، ويُطيح بجيش خبرائه ومستشاريه الدّحلانيين، ويأتي بمن يعيد لصورتنا هيبتها، بصدق الحديث وقول الحقيقة.
كفى لعباً، ففي الحرب التي ندفع فيها من أبناء جيشنا التّضحيات ونقدّم فيها الخسائر الاقتصادية في البُنى التّحتية الوطنية والتّجهيزات العسكرية المكلفة، لن نسمح باللّعب بمعنويات شعبنا وتحويل جيشنا إلى أضحوكة على موبايلات شباب العرب، وإلى ترند على مواقع التواصل العالمية، فقط لأنّ هناك من أراد أن يسقط مشهداً من فيلم وثائقي أميركي على الحرب في اليمن كإنجاز استخباراتي له.. ويظنّ بذلك أنه يستطيع أن يغطّي على تراجع القوات العربية في اليمن أمام جماعة الحوثي.
إنّها فعلاً أضحوكة تحتاج إلى قرار ملك الحزم صوناً لعاصفة الحزم وليبقى لنا الأمل بولي العهد، فلا نريد محمد سعيد الصحّاف جديداً في السعودية، لا ينتج لنا غير ذلك الذي حصده صدام حسين من هزيمة وانكسار وخيبة.