(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
أصبح الأمن الخليجي حديث الساعة في وسائل الإعلام العربيّة والعالميّة، وكانت السّمة الغالبة على التّناول هي التّساؤل عن كفاءة الدّفاعات الإماراتيّة والسعوديّة بعد نجاح استهداف القوات المسلّحة اليمنيّة للعمق الإماراتي والسعودي.
ولعلّ التّساؤلات كانت ملحّة بلِحاظ طبيعة الدول الخليجية وخاصّة الإمارات، والتي يقوم اقتصادها على النفط والاستثمارات الدّولية والسياحة، وهي قطاعات حساسة تتطلّب أقصى درجات الأمن وأعلى درجات الطُّمأنينة للشّركات الدولية، وهو ما يمكن وضعه تحت بند الاقتصاد الزّجاجي والذي لا يتحمّل المغامرات التي تقوم بها هذه الدول التي تعتمد على هذا النوع من الاقتصاد الرَّيعي.
وقد حذّر الكثيرون من عواقب هذا العدوان على اليمن وتعالت الأصوات التي تُنادي بوقف الحرب واللّجوء للحوار والنّقاش، إلّا أنّ استمراريّة الحرب رغم فشلها وافتقادها لأي استراتيجيّة قد أثبتت أنّها تتخطّى نطاق الخليج وتصل لأبعد من ذلك على مستويات جغرافية تصل لنطاقات أخرى مثل أمريكا والعدو الإسرائيلي، ومستويات أبعد من الأهداف المعلنة المتذرّعة بشرعية حكومة هادي، تصل إلى ترتيبات الأمن بالبحر الأحمر ومضيق هرمز، وتتعلّق تحديداً بأمن الكيان الصهيوني.
وكي لا يكون الكلام مرسلاً ومن قبيل الانطباعات، فِإن التقارير العسكرية الإسرائيلية التي أبدت انزعاجها من ظهور البحرية اليمنية في مُصادرة السفينة روابي، ومن تطوّر تكنولوجيا الصواريخ والمسيرات اليمنيّة، تَشي بأنٍ العدو الإسرائيلي هو طرف مباشر، وأنّ تصريح رئيس وزراء العدو بينيت والذي أعلن دعمه الصّريح للإمارات في حربها على اليمن، ليس مجرّد اعتراف بل هو دليل على ما هو أكبر وأبعد من دعم حليف جديد بعد التّطبيع، حيث التّرتيبات المشتركة في سوقطرى والقرن الافريقي ومؤخراً السودان تفضح حقيقة التّرتيبات والتي تصبّ جميعها في خانة أمن الكيان.
ولا شكّ أنّ أولويات أمريكا الجديدة والتي حتّمت عليها سحب بطّاريات صواريخ باتريوت وإعادة نشر قواتها عبر العالم، ومشكلاتها الداخلية المتعلّقة بالأصوات المُعارضة لتسليح الخليج، ترك الباب مفتوحاً لاستجداء الحماية الصهيونية، وهو ما كشفه دينيس روس مساعد أوباما السابق عندما التقى مسؤولاً خليجياً كبيراً، حيث قال روس في مقال له بمعهد واشنطن أنّ المسؤول الخليجي قال له أنّه إذا غابت أمريكا فإنّ "اسرائيل" موجودة!
الجديد هنا هو أنّ الأمر لا يقتصر على العدو والذي له حدود في الدّعم لأسباب منها الاحتفاظ بتكنولوجيا حصرية لبعض الدّفاعات، ومنها خشية التّحدي المباشر والمُعلن للمقاومة باليمن، ومنها الحفاظ على ما تبقّى من سمعة قبّته الحديدية والتي انهارت سمعتها بعد معركة سيف القدس، ممّا يولّد فراغاً قد يَنفذ منه الروس والصينيون، وهو أنّ أمريكا سارعت لسدّ هذا الفراغ عبر حليفتها كوريا الجنوبية.
وقد كانت جولة رئيس كوريا الجنوبية للإمارات والسعودية ومصر مصداقاً لهذا التّعاطي الأمريكي، حيث شهدت الجولة توقيع أكبر صفقة في تاريخ كوريا الجنوبية وهي صفقة صواريخ أرض جو والتي تعمل بتكنولوجيا صواريخ اس-400 الروسية!
وقد كشفت الصفقة وإلقاء الضّوء عليها، نوعاً آخر من التّعاون مع كوريا الجنوبية لم يُبرزه الإعلام سابقاً، وهو تواجد القوات الخاصّة الكورية ممثّلةً في وحدة "الاح" في بلدة سويحان في أبو ظبي لحماية العرش الاماراتي وللتدخّل عند حدوث الأزمات.
وتمّ الكشف عن أنّ انتشار الكوماندوز الكوري كان عبر بند سري في اتّفاقية إنشاء كوريا الجنوبية للمفاعل النّووي الاماراتي، بل كان شرطاً كي يرسو الإتّفاق على كوريا، وهو ما أحدث أزمة داخلية في كوريا بعد اكتشافه باعتبار أنّ القوات الخاصّة تعمل كمرتزقة!
وهنا سؤال عن حالة الدّفاع الاماراتيّة والتي تقوم على تجنيد المرتزقة في العمليات الخارجية وكوماندوز دول أخرى للحماية الداخلية والاعتماد على العدو الصهيوني وأمريكا وأعداء الأمّة في حماية أراضيها وأمنها القومي.
هو سؤال كلّ إجاباته مخزية وغير مطمئِنة بالأساس للإمارات نفسها، وللسعودية ولكلّ دولة تتبَع هذا النّهج، حيث لا ضمانة للعدو من جهة، ولا منطق يُمكن أن يضمن أمن دولة تتحالف مع عدو أمّتها وهي في مرمى نيران هذه الأمّة!