(آيات الغامدي\ راصد الخليج)
عرفت العلاقة بين المملكة العربيّة السعوديّة والولايات المتّحدة الأمريكيّة ارتباطًا كبيرًا على مدار الزّمن قام على الاقتصاد والسياسة بشكلٍ خاص وذلك بسبب التقاء المصالح بين الطّرفين وخاصّة في وجه دولتي إيران وروسيا اللّتان تشكّلان خطرًا معروفًا لأمريكا والسعوديّة معًا. هذا ويجدر الإشارة إلى حاجة أميركا القُصوى إلى حليفٍ عربيّ في منطقة الشّرق الأوسط يساعده في تنفيذ مخطّطاته السياسيّة والاقتصاديّة بمختلف الطّرق. وقد تضاعفت حاجة أمريكا إلى السعوديّة في الفترة الأخيرة بسبب الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
لكن وعلى الرّغم أنّ المملكة العربيّة السعوديّة كان يُنظر لها على أنّها الحليف النّهائي للولايات المتّحدة الأمريكيّة، إلّا أنّ الوضع لم يَعُد كذلك في الفترة الأخيرة من العلاقات التي تجمعهم خاصّة وأنّ ابن سلمان عبّر عن استيائه لرفض الرئيس الامريكي بايدن من استقباله منفردًا سواء بشكلٍ شخصي أو عبر الهاتف من دون وضوح الأسباب، لكن تذكر صحيفة The Hill أنّ موت خاشقجي يؤدي دورًا بالغ الأهمية في هذا المجال.
وقد ذكرت صحيفة نون بوست مجموعة من الأسباب التي أدّت إلى عدم استقرار العلاقات بين الدولتين بعد تولّي الرّئيس جو بايدن الحكم:
● تجميد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن صادرات بلاده من الأسلحة الهجومية للسعودية، ما يمثّل قطيعة كبيرة بين نهج إدارتي ترامب وبايدن.
● وقف الولايات المتحدة دعمها لعمليّات التّحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، مع تأكيد بايدن على ضرورة وقفها.
● إلغاء تصنيف الحوثيين اليمنيين ضمن الجماعات الإرهابية، ما يعني تراجع الإدارة الأمريكيّة الجديدة عن قرار إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب بإدراجها ضمنها.
● قالت المتحدّثة باسم البيت الأبيض جنيفر ساكي أنّ اتّصالات بايدن ستكون مع خادم الحرمين الشريفين فقط، أي نظيره وليس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
● أصدرت إدارة بايدن، تقريرًا استخباراتيًا رفعت عنه السريّة بشأن مقتل الصّحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده باسطنبول سنة 2018. وقال التّقرير أنّ ولي العهد السعودي وافق على "عمليّة اعتقال أو قتل الصّحفي السعودي".
● سحب الولايات المتّحدة الأمريكيّة أحدث منظومات الدّفاع الصاروخي وبطاريّات صواريخ باتريوت من السعودية.
● بدأ مكتب التّحقيقات الفيدرالي الأمريكي نشر بعض الوثائق السريّة المتعلّقة بتحقيقاته في هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول، وهي تبحث في علاقة السعوديّة بمنفّذي الهجوم.
● تحالف سعودي روسي يتعلّق باستمرار سياسات تقليص إنتاج النّفط الخام، رفضًا لضغوط الولايات المتّحدة والمستهلكين، بتغيير سياسات إنتاج النّفط وضخّه بقوّة إلى الأسواق.
● رفضت الرّياض دعوة واشنطن لزيادة الإنتاج النّفطي بعد ارتفاعه نتيجة الحرب الروسية ضدّ أوكرانيا، مؤكّدة الالتزام باتّفاق "أوبك+"، الذي تشارك فيه روسيا.
● أجرى جو بايدن، اتّصالًا هاتفيًا بالعاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، لبحث التطوّرات والقضايا الإقليميّة ذات الاهتمام المشترك، متجاهلًا ولي العهد.
● قال ولي العهد السعودي أنّه "لا يهتمّ" إذا كان الرئيس الأمريكي جو بايدن يُسيء فهمه، وأضاف أنّه ينبغي للبلدين ألّا يتدخلا في الشؤون الداخلية لبعضهما.
● قال صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكيّة إنّ البيت الأبيض حاول دون جدوى ترتيب محادثات هاتفيّة بين بايدن، ومحمد بن سلمان، وهو ما نفته الإدارة الأمريكية فيما بعد.
● وجّهت السعودية دعوةً للرئيس الصيني شي جين بينغ لزيارة الرياض، وفق تقارير صحفية، ومن المنتظر أن تتمّ الزيارة بعد نهاية شهر رمضان الحالي.
لكن من الجدير بالذّكر أيضًا أنّه في حين أنّ التّحالف القوي مع المملكة العربية السعودية كان منذ فترة طويلة موقفًا رئيسًا لنخب السياسة الخارجية الأمريكية، إلّا أنّه لا يحظى بشعبيّة كبيرة لدى الجمهور الأمريكي.
أظهرَ أحدَثْ استطلاع أجرته مؤسّسة جالوب (Gallup)، من فبراير 2019، أنّ 4 في المائة فقط من الأمريكيين لديهم وجهة نظر "مواتية للغاية" للمملكة العربية السعودية و25 في المائة لديهم وجهة نظر "مواتية إلى حدٍّ ما". هذه الأرقام أسوأ من فنزويلا أو كوبا.
أظهرَ استطلاع أجرته YouGov في خريف 2018 أنّ عددًا أكبر من الأمريكيين ينظرون إلى المملكة العربية السعودية على أنّها عدو أكثر من كونها حليفة، وأنّ أقليّة فقط ترى أنّ البلاد صديقة لنا على الإطلاق.
طرح استطلاع أجراه موقع Business Insider في سبتمبر 2019 سؤالًا أكثر وضوحًا عن الحليف أو عدمه ، ووجد أنّ 22٪ من الجمهور يعتبرون المملكة العربية السعودية حليفًا.
في حين ينخدع الكثيرون بالهتافات والشّعارات التي يطلقها الطّرفان بما يخصّ تحالفهما، إلّا أنّ الأرقام هي دائمًا سيّدة الموقف والحكم والسبيل الأفضل للوصول إلى الحقائق. الشعب الأمريكي الذي يتبنّى احترام حقوق الإنسان والدّفاع عنها قولًا، تمامًا كمثل دولته، غير راضٍ عن هذه العلاقة التي يعتبرها مسيئة لقناعاته. كذلك تعتبر معظم الشعوب العربية التي تسعى نحو التطوّر لكن ليس على حساب الكرامات، فالرؤساء الأمريكيون مهما تبدّلوا وتغيّروا، سيبقون جميعهم ينظرون للشّرق نظرة دونيّة وسيسعون دائمًا لتحقيق مصالح دولتهم التي تزدهر بخرابنا. على أمل أن يتّعظ العرب ممّا رأوه وما سمعوه وما نُعتوا به من إهانات رغم خضوعهم المذلّ.