(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
لا يزال الحديث عن تأزّم العلاقات الأمريكيّة السعوديّة هو حديث الكواليس السياسيّة، ولا سيّما مع احتداد الحرب في أوكرانيا وما يبدو معها ومع تطوّراتها أنّها ستطول وستشهد مزيدًا من الاستقطابات والصّدامات.
ولعلّ موضوع الطّاقة هو عنوان الأزمة، بعد أزمة أسعار دولية كبيرة للطّاقة، ممّا يوسّع من دائرة الخلاف ويجعلها خلافات أمريكيّة خليجيّة عامّة، وخاصّة مع دول أوبك.
وتُفيد أحدث التّقارير بأنّ الولايات المتّحدة الأمريكية تتّجه إلى إقرار مشروع قانون يهدف لمحاكمة منظّمة "أوبك" وحلفائها.
حيث أقرّت لجنة في مجلس الشيوخ الأمريكي، مشروع قانون لرفع دعاوى قضائية ضدّ الاحتكار موجّهة ضدّ "أوبك" وحلفائها.
وبحسب موقع seekingalpha، فقد تمّ تصميم مشروع القانون "نوبيك" لحماية المستهلكين الأمريكيين من ارتفاع أسعار البنزين بسبب منتجي النّفط ومصدّريه.
وبالطّبع، فكَي يُصبح مشروع القانون قانونًا، لا يزال يتعيّن تمريره على مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالكامل قبل أن يوقّعه الرّئيس.
وتقول التّحليلات المبدئيّة، أنّه وبالرّغم من ضعف احتمالات تأثير الإجراءات القانونيّة على أحجام إنتاج "أوبك +"، فإنّ التّهديد قد يزيد من فتور العلاقات بين واشنطن وأعضاء "أوبك" الرئيسيين.
ولمزيد من المعلومات حول القانون، فإنّ مشروع القانون، من شأنه أن يجرّد أوبك وشركات النّفط الوطنية التابعة لها من الحصانة السياديّة التي كانت تحميهم من الدّعاوى القضائيّة لعقود. وهذا يعني أنّ الدّول النفطيّة لن تتمتّع بعد الآن بالحصانة من سلطة المحاكم الأمريكيّة إذا انتهكت بنود مشروع القانون إذا تحوّل إلى قانون.
وتُعاني الإدارة الأمريكية من أزمة مضاعفة بسبب اقتراب موعد الانتخابات النّصفية المقرّر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث تضيق نافذة تهدئة التضخّم بالنّسبة للرئيس.
وقد أظهر استطلاع لشبكة CNN أنّ غالبية الأمريكيين يعتقدون أنّ سياسات بايدن أضرّت بالاقتصاد، بينما قال 8 من كلّ 10 إنّ الحكومة لا تفعل ما يكفي لمكافحة التضخّم.
وتسود قناعة لدى الأوساط الأمريكيّة، أنّ المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة فقط لديهما القدرة الاحتياطيّة اللازمة لدرء أي صدمات ناجمة عن النّقص الروسي، بينما رفض أعضاء أوبك زيادة الإنتاج بشكلٍ كبير، واختاروا بدلاً من ذلك التمسّك بسلسلة من الزيادات التدريجيّة في الإنتاج المتّفق عليها مع روسيا.
وبسبب شعورهم بالإحباط من رفض الرّياض الاستجابة لدعوات الولايات المتّحدة لمزيد من النّفط، يدفع السياسيون من حزب الرئيس نفسه إلى اتّخاذ موقف أكثر صرامة مع الرياض، حيث دعا ما يقرب من 36 من أعضاء مجلس النواب الديمقراطيين بايدن إلى "إعادة تقويم" العلاقة مع المملكة العربية السعودية، واصفين إياها بالشريك الاستراتيجي السيئ، وفقًا لبعض التقارير.
وقال الأمير السعودي تركي الفيصل في مقابلة أجريت معه مؤخّرًا: "نحن لسنا تلاميذ كي نعامل بأسلوب الجزرة والعصا". وألقى باللّوم على سياسات الطاقة الأمريكية الخاصة جراء "الحالة التي هم فيها".
ونقلت سي ان ان عن روبن ميلز، المؤسّس والرئيس التنفيذي لشركة Qamar للطاقة في دبي، إنّه في حين أنّ مشروع قانون "نوبك" حاول دون جدوى شقّ طريقه عبر الكونغرس من قبل، فإنّ المشهد اليوم مختلف تمامًا.
وتحدّث ميلز لشبكة CNN عن سبب قيام السياسيين الأمريكيين بمحاولة جديدة لسحق أوبك، حيث بين الفارق هذه المرّة من حيث جدية التوجّه لإقرار القانون، وذلك بالقول أنّ الحكومة هذه المرّة اكتسب المزيد من الزّخم، جزئيًا حول روسيا.
كما يتعرّض بايدن لضغوط سياسية بسبب التضخّم. هناك بعض النّقاط السياسيّة التي يمكن تحميل أوبك مسؤولية ارتفاع معدّلات النّفط فيها.
إلّا أنّه قال شيئا لافتًا وغريبًا وهو أنّه سيتعيّن على بايدن إمّا السّماح للقانون بالمرور، أو يجب أن يقول، "لقد استخدمت حقّ النقض (الفيتو) لأنّ السعوديين وافقوا على شيء لنا" مثل الموافقة على زيادة الإنتاج أو شيء من هذا القبيل. لا يُمكنه الاعتراض عليه دون سبب لأن هذا مجرد سلاح آخر ضدّه.
لا شكّ أنّ "أوبيك" ليس مجرّد قانون، وإنّما هو عبارة عن حالة نادرة من الأزمات المعلَنة بين أمريكا والخليج، وتحديدًا السعوديّة.