(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
بعد أن انتخب المجلس الأعلى للاتّحاد الإماراتي بالإجماع محمد بن زايد آل نهيان رئيساً لدولة الإمارات، بعد وفاة رئيس الدولة خليفة بن زايد، خرجت تقارير صحفيّة تستغرب السريّة التي تمّت بها عمليّة الانتخاب، حيثُ لم يتمّ نشر أي صور لاجتماع المجلس الأعلى للاتّحاد أو تفاصيل آلية انتخاب محمد بن زايد وإن كان هناك مرشّحين أو منافسين له من عدمه.
كما خرجت تقارير تستغرب الجنازة الهزيلة التي لا تليق برئيس للدولة، حيث علّق مغرّدون ومعارضون إماراتيون على الأمر مستغربين أنّ مراسم التّشييع والصّلاة والدّفن لم ترتقِ بمكانة رئيس دولة، وكأن الأمر مقصود لإخفائه عن الشّعب وهو ميّت كما أخفوه في حياته.
كما تساءل المغرّدون كيف يتمّ نشر صور للصلاة على جثمان خليفة في وضح النّهار رغم الإعلان المسبق أنّ الصلاة والدّفن ستتمّ بعد صلاة المغرب، وكذلك تمّ انتقاد أن تكون مراسم الصلاة والدّفن لجثمان خليفة مقتصرة على شيوخ آل نهيان من دون حضور باقي حكّام الإمارات الأخرى في سابقة وصفت بأنّها "غير مفهومة".
والجدير بالذّكر أنّ خليفة بن زايد قد اختفى من المشهد بعد إصابته بجلطة دماغية في عام 2014، وأصبح من وقتها في حالة عجز وقد تمّ تغييبه عن مشهد الحكم لصالح محمد بن زايد.
وقد جمع محمد بن زايد عدّة مناصب تُتيح له التحكّم الكامل بالمجالَين السياسي والعسكري، وقام بتركيز السّلطة في خمسة مقرّبين منه وفقًا للتّقارير الصحفيّة، وهم: عبد الله بن زايد وزير الخارجية، وطحنون بن زايد مستشار الأمن الوطني الحالي، ومنصور بن زايد حامل المحفظة المالية للأسرة إضافةً إلى سيف بن زايد نائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية.
وقد أوردت وكالة Bloomberg أنّ محمد بن زايد كان القائد الفعلي للإمارات لسنوات، ومن غير المتوقّع أن تؤدي خلافته للرئيس الراحل رسميًا إلى أي تحوّل كبير في سياسة البلاد.
وأشارت الوكالة إلى أنّ محمد بن زايد يسيطر بالفعل على سياسة الطاقة والثروة النفطيّة في البلاد، والتي تقدّر بنحو 6 ٪ من الاحتياطيّات المؤكّدة في العالم، حيث يشغل منصب رئيس مجلس إدارة شركة النّفط الوطنيّة الإماراتيّة ويرأس المجلس الأعلى للشؤون المالية والاقتصادية في أبو ظبي. ممّا يجعله أقوى رجل في البلاد قبل فترة طويلة من وفاة شقيقه.
ولا شكّ أنّ ابن زايد هو صاحب قرارات التّطبيع والمشاركة في العدوان على اليمن ولم يكن وقتها حاكمًا رسميًا، مما يُثير التّساؤلات حول ما سيفعله بعد تولّيه رسميًا منصب الرئيس!
ولتصوّر بعض من التحرّكات التي يتوقّع أن يُقدم عليها محمد بن زايد، فعلينا تأمّل الوفود التي جاءت لتعزيَته وتهنئَته بالرّئاسة في وقتٍ واحد!
فقد أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن وفدًا رفيع المستوى برئاسة نائبه الأوّل إلى أبو ظبي، وفي الوقت نفسه، وصل رئيس "إسرائيل" إلى الإمارات على رأس وفد صهيوني.
ويضمّ الوفد الأمريكي نائبة الرئيس كامالا هاريس ، ومدير وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز ، ووزير الخارجية أنتوني بلينكين، ووزير الدّفاع لويد أوستن، والممثّل الأمريكي الخاص لتغيّر المناخ جون كريس، والسناتور كريس مورفي، وعدد من المسؤولين الأمريكيين الكبار.
والسؤال هنا حول الوفد الأمريكي، هل هكذا وفد هو وفد للعزاء؟ أم هو وفد لتدشين مرحلة جديدة أكثر خطورة من المرحلة التي دشّنها محمد بن زايد وهو حاكم ظلّ ووضعت منطقة الخليج على حافّة الهاوية وأفسدت الموقف العربي من "المهترئ من الأساس" من القضية الفلسطينية؟
ما فعلَه محمد بن زايد وهو حاكم ظلّ، قد لا يُقارن بما سيقدم عليه وهو حاكم رسمي، وهو وضع منذر للخليج في مرحلة غاية في الخطورة والحساسيّة.