(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
هناك شِبه إجماع في أروقة السياسة الأمريكية على أنّ ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" قد لبّى مُعظم المطالب الأمريكيّة الرئيسيّة، ومن ضمنها وضع حدّ للحرب باليمن بعد النتائج الكارثيّة التي أدّت إليها دون مردود إيجابي لصالح المعسكر السعودي الأمريكي، حيث تحوّل الأمر لتَدمير ممنهج لم يحصد أي نتيجة استراتيجيّة، بل على العكس فإنّه أدّى إلى تعاظم قدرات المقاومة في اليمن وتطويرها.
وكانت الملفّات المتعلّقة بترضية أمريكا، ترتبط بحصار قطر وحرب اليمن والتّطبيع مع العدو الإسرائيلي، وكذلك توفير مناخ ملائم لمفاوضات الملف النّووي الإيراني دون ضغوط على أمريكا.
ويرى السياسيون الأمريكيون المبرّرون لجولة بايدن إلى المنطقة ولقاءاته المرتقبة مع ولي العهد، أنّ ابن سلمان نفّذ هذه المطالب ومنها الهُدنة في اليمن.
ولكن ما هو مصير الهُدنة في ظلّ استمرار الحصار وعدم الاعتراف بشرعيّة المُقاومة اليمنيّة والمحاولات الدّؤوبة لتقسيم اليمن والتّمكين لنظام عميل، ناهيك عن استمرار تمويل المرتزقة والميليشيات العميلة للامارات والسعودية؟
وقد شكّلت هذه القضيّة اهتمامًا كبيرًا لصحف دولية، فمثلاً، رصد " إيغور سوبوتين"، في مقال له على صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسية، أنّ المصالحة مع الحوثيين جزء من أجندة زيارة بايدن للسعودية.
وجاء في المقال، أنّه، وخلال زيارته إلى السعودية، يُنتظر أن يعبّر الرّئيس الأمريكي جوزيف بايدن عن دعمه لفكرة إنهاء الحرب في اليمن. علمًا بأنّ أطراف النّزاع المسلّح تمكّنت من إبرام هُدنة رسميّة، في أبريل، ثمّ مُدّدت شهرين في أوائل يونيو.
كما شكّك خبراء "فاينانشيال تايمز" في الغرب والمملكة العربية السعودية في أن تتحوّل الهُدنة الحالية إلى وقف رسمي لإطلاق النار، تليه مفاوضات سياسية.
وهناك قناعة بأنّه، إذا استؤنفت الأعمال القتالية، فقد يضرّ ذلك برغبة البيت الأبيض في بِناء جسور مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الذي تنتظر السّلطات الأمريكية من دعمه في قطاع الطّاقة أن تتراجع أسعار الوقود.
وتنقل الصحيفة الروسية، أنّ الجناح التقدّمي في الحزب الديمقراطي قد رأى في استعداد بايدن لزيارة السعودية خروجًا صارخًا عن وعود حملتِه الانتخابيّة وازدراءً للسياسات الموجّهة نحو القيَم. وفي رأيهم، إذا استمرّت السّاحة اليمنيّة في طلب التدخّل السعودي المباشر على المستوى العسكري، فسوف تضيق أمام إدارة بايدن المساحة المُتاحة للمناورات الدبلوماسية.
كما يرون أنّه من المستبعد أن تُقنع محاولات البيت الأبيض تحميل الحوثيين مسؤولية استمرار الحرب منتقدي سياسات بايدن. فثمّة سؤال أيضًا عن كيفيّة تعامل الرياض مع التقلّبات في الخطاب الأمريكي. ففي الرّياض يدركون جيّدا الحاجة إليهم في الأجندة الأمريكية الداخلية، وبالتالي يمكنهم مطالبة حليفهم التقليدي بتنازلات واسعة.
هنا نجد أنّ قضية الحرب في اليمن أصبحت عرضة للتجاذبات السعودية الأمريكية، حيث هناك ضغوط أمريكية تتعلّق بالداخل الأمريكي وخاصّة بالحزب الديمقراطي، كما أنّ هناك ضغوط سعودية لتوفير حماية للعرش بالاعتراف بانتقاله أوّلًا، وحماية أمنية لخياراته تتمثّل في دعم عسكري لمواجهة ما وضعه النظام السعودي لنفسه من أعداء، وهم أطراف محور المقاومة!
هناك إذن جدل وليس مبارزة، وهذا الجدل يتعلّق بالوصول لصيغة تُطمئن ولي العهد لعرشه ومستقبله دون توريط لأمريكا في مواجهات خارجية مع المقاومة أو داخلية في الحزب الحاكم أو الرأي العام.
والسؤال هنا، هل الأمر يتوقّف على السعودية وأمريكا فقط، أم أنّ هناك طرف يمني مقاوم لن يسمح باستمرار الحصار والعدوان ولديه بدائل مختلفة يمكّنها قلب الطاولة؟