(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
فتحت الصّدامات الكبرى بين قوى الأمن المصرية وأهالي جزيرة الورّاق الباب على مصراعَيه لحالة من السّخط الشّعبي على الإمارات بسبب دخولها المكثّف على خط السيطرة الاستثماريّة في جميع المجالات والتي يتعلّق بعضها بملفّات مباشرة محسوبة على الأمن القومي المصري.
وهنا يُمكن التّمييز بين مستويين من السّخط الشّعبي، أوّلهما يتعلّق بالنّخب الواعية لملفّات الأمن القومي وخطورة خروجها من سيطرة الدولة المصرية، وثانيهما شعبي يتعلّق بالضّرر المباشر الذي لحق بالأهالي ومُصادرة أملاكهم وطردهم لصالح المستثمر الإماراتي، وهو ما خلق حالة مركّبة ومكتملة الأركان من السخط والذي يتحوّل تدريجيًا إلى عداء.
وهنا يُمكننا استعراض هذه الملفّات الشّعبية والأخرى المتعلّقة بالأمن القومي كما يلي:
1- على مستوى تهجير الأهالي وسخطهم:
تقول التّقارير أنّه، وبموجب اتّفاق سرّي مع الإمارات، أعلنت الحكومة المصرية أنّ 71% من جزيرة الوراق الواقعة جنوب غربي القاهرة، أصبحت في ملكيّة هيئة المجتمعات العمرانية، في إطار مخطّط امتلاكها جميع الأراضي التّابعة للجزر النيلية الكبيرة في البلاد.
ومؤخّرًا، قام أفراد الشرطة والجيش بحملات لهدم المنازل في الجزيرة بسبب ما أسمته “اعتداء على أملاك الدولة”، الأمر الذي أدّى إلى اشتعال فتيل مواجهات بينهم وبين الأهالي وإطلاق الغاز المسيّل للدّموع.
وفي الإسكندريّة، فوجئ أهالي منطقة مصطفى كامل بانتزاع الجيش منطقة الكورنيش العامّة وبناء منشآت خرسانيّة عليها تحجب البحر عن السّكان وتمنعهم من الوصول إليه، بدعوى تنفيذ مشروع سياحي يتمثّل في بناء فندق و20 محلًا تجاريًا.
وفي القاهرة، هجرت السلطات سكان منطقة مثلّث ماسبيرو الذي تصل مساحته إلى 72 فدانًا بعد مساومات وضغوط شديدة مارستها على الآلاف من سكان المنطقة الذين لم يكن أمامهم تحت الضّغط والتّرهيب سوى ترك منازلهم لتسليم المنطقة إلى الإمارات لإنشاء مشروعات استثماريّة فيها.
كما تسعى السّلطات إلى تحويل 535 فدانًا من المنطقة السكنية بنزلة السمّان بعد إخلائها إلى مدينة سياحيّة وإنشاء 9 فنادق تطلّ على الأهرامات، و11 ألف وحدة سكنية استثماريّة وسط مخاوف السكّان من تهجيرهم؛ لأجل منح هذه المنطقة لشركات إماراتيّة. كما تمّ إسناد تطوير مثلّث ماسبيرو لشركة إعمار الإماراتيّة، وجزيرة الوراق لشركة "rsb".
2- على مستوى التّعليم والقطاع الصحّي:
كشف تقرير للعدو الإسرائيلي بعنوان “كيف اشترت الإمارات مصر” ؟ كيفيّة وضعت أبو ظبي يدها على النّظام التّعليمي في مصر، عبر احتكارها التّعليم الخاص وتحديد مناهجه، ما يمكّنها من تحديد هوية النّخبة المصرية !
وتناول زيفي باريل، محلّل شؤون الشّرق الأوسط في صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مسألة التّأثير
الإماراتي على تشكيل الجيل القادم من المصريين من خلال المناهج المدرسيّة. ويرى أنّ أبوظبي قد تكون قادرة على تشكيل نخبة مصرية جديدة من خلال المدارس.
وبالنّسبة لقطاع الصحّة في مصر، فإنّ الإماراتيين يمتلكون 15 مستشفى، إلى جانب أكثر من 100 مختبر في كافّة أنحاء البلاد، كما أنّها متحكّمة في إنتاج الأدوية في سوق تقدّر قيمتها بحوالي 45 مليار دولار، ما قد يؤثّر سلباً على الرّقابة على أسعار الأدوية، فيؤدي إلى زيادة كبيرة في الأسعار.
وحذّرت عضوة لجنة الصحّة بالبرلمان، إيناس عبد الحليم، من خطورة مشاركة أطراف مشبوهة في هذه الاستثمارات، في إشارة إلى العدو الإسرائيلي!
حذّرت الدكتور منى مينا، وكيل نقابة الأطباء، من سيطرة بعض الشّركات الإمارتيّة على المستشفيات الخاصّة بمصر.
وقالت في تدوينه لها على موقع التّواصل الاجتماعي "فيس بوك":"الكارثة إنّه في نفس الوقت الذي يسعى مشروع خصخصة التأمين الصحّي الجديد لفتح المستشفيات العامّة للقطاع الطبّي الخاص في مصر تستولي شركة أبراج الإماراتيّة على المستشفيات الخاصّة الأكبر في مصر بالتّدريج”.
3 - على مستوى الأمن القومي:
بالنّظر إلى خريطة الملاحة والموانئ في الشرق الأوسط والقرن الإفريقي، نلحظ امتداداً جيوستراتيجياً إماراتياً توزّع ما بين اليمن والقرن الإفريقي ومصر على استحياء، وفي عام 2011، قال الدكتور ممدوح حمزة استشاري مشروع ميناء العين السّخنة في مؤتمر صحفي إنّ "هناك فساد في مشروع العين السّخنة حيث تمّ تخصيص أراض مصرية لشركات أجنبية بالمخالفة للقانون" معلناً إطلاق "حملة لاسترداد ميناء العين السّخنة من شركة موانئ دبي" داعياً إلى "ملاحقة شركة موانئ دبي قانونياً" بسبب الخسائر التي سبّبتها لمصر.
كذلك، ذكرت وسائل إعلام مصرية أنّ أداء الإمارات فيما يتعلّق بإدارة الموانئ العالمية أقلق المحلّلين في مصر، حيث تصاعدت تحذيرات بعضهم من التّفريط في ملكيّة الموانئ المصرية التي عدّوها أحد محدّدات الأمن القومي، مع عزم الحكومة المصرية على دمج أكبر 7 موان في شركة واحدة، تمهيدًا لطرحها في البورصة. وهو سعي أكّده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي.
كما أقلق الكثيرين الاستحواذ على شركات الجيش المصري، حيث أعلن النّظام المصري مؤخّراً عن خطط لتخصيص شركتين مملوكتين للجيش المصري، شركة نفطيّة وأخرى للمياه المعدنيّة “صافي” التي تعدّ أضخم شركة متخصّصة بهذا المجال، ومن المتوقّع أن تحظى الشّركات الإماراتيّة بالأولوية فى الاستحواذ؛ بسبب المصالح المشتركة بين البلدين.