(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
لا شكّ أن يُصرّح جاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشاره في البيت الأبيض، بأنّ السعوديين سمحوا له بالاستثمار في شركات إسرائيليّة بعد تلقّي شركته الاستثماريّة الخاصّة مبلغ 2 مليار دولار من صندوق الثروة السيادي السعودي، هو تصريح كاشف لمحطّة متقدّمة من المحطّات التصاعديّة للتّطبيع بين السعوديّة والعدو الصهيوني.
وللعلاقة بين كوشنير وولي العهد السعودي أكثر من دلالة، فهي تدلّ على الصّلة الوثيقة بين ولي العهد وإدارة ترامب، بل وعائلته بشكلٍ شخصي، وكذلك على خطوات ولي العهد التدريجيّة للتطبيع مع الكيان.
وبخصوص العلاقة الشخصية وأبعادها، فقد ردّ كوشنر، في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز"، على سؤال عمّا إذا كان استمرار العلاقة الشخصيّة الجيّدة بينَه وبين ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان هي ما حقّقت لشركته صفقة الحصول على 2 مليار دولار من صندوق الثروة السيادي السعودي، قائلا: "لقد اتّخذوا قرارًا بالاستثمار، وأنا سعيد جدًا بأنّهم سمحوا لنا بالاستثمار في شركات إسرائيليّة، لتوسيع العمل الذي حقّقناه في الشّرق الأوسط".
واعتبر كوشنير، أنّ ما فعله ولي العهد السعودي ووالده الملك سلمان بن عبد العزيز في محاربة التطرّف "غيّر العالم بشكل دراماتيكي".
وهذه الاستمراريّة للعلاقة تعكس بلا شك رهانًا على عودة ترامب للحكم، وتحجز مقعدًا من مقاعد الحظوة لدى إدارته حال عودتها مجدّدًا، كما تحجز مقعدًا متقدّمًا لدى العدو الإسرائيلي في حال عدم عودة ترامب، بلحاظ صهيونيّة كوشنير وعلاقاته بالكيان الصهيوني ونشاطه في مجال التّطبيع و"الاتّفاقات الإبراهيميّة" والتي تقرّها وتستكملها إدارة بايدن، وتُعتبر من السياسات العابرة للإدارات الأمريكية وتمايزاتها.
الأمر الآخر بخلاف استخدام كوشنير، كقنطرة للتّطبيع مع الكيان الصهيوني، هو حالة التّرويج لولي العهد باعتباره من رواد الانفتاح والتحرّر ومحاربة التطرّف!
وهو ما يعني أنّ تغيير هوية المملكة سيتصاعد كلّما أراد ولي العهد التقرّب من الغرب والوصول للعرش أو حمايته.
وقد نشر الصحفي المعروف جيمس دورسي - الباحثٌ البارز في معهد الشّرق الأوسط التّابع لجامعة سنغافورة الوطنية- مقالاً على موقعه الخاص تناول فيها سياسة التحرّر التي دشّنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وردود الأفعال المحافظة تجاهها
وبدأ دورسي مقالته بالإشارة إلى حدود التحرّر الاجتماعي في السعوديّة، رابطاً هذه الحدود بمشاركة ثلاثة من راقصات السامبا في وقتٍ سابق من هذا العام في شوارع جازان، وهي مدينة محافظة تاريخياً على حدود المملكة مع اليمن. وقامت الراقصات بالرّقص في شوارع المدينة وهنّ يرتدين ملابس كاشفة لأجسادهنّ وعلى رؤوسهنّ أغطية رأس تقليدية من الريش.
وفي مواجهة ردّ الفعل المحافظ، تعهد أمير جازان محمد بن ناصر باتّخاذ “الإجراءات اللازمة لمنع جميع الانتهاكات (المستقبليّة)”. ولم يتّضح ما هي الخطوات التي قد يتّخذها بن ناصر، لكن ردّه أقرّ بأنّ الوتيرة السريعة للتّغيير قد تكون سريعةً جدًا بالنسبة للبعض في المملكة.
وجاءت الانتقادات لمظهر الرّاقصات بعد تصاعد حاد في حوادث التحرّش الجنسي خلال مهرجان موسيقي في ديسمبر الماضي رغم محاولة المنظّمين التّحذير بشأنه على حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويعدّ الراقصون والمهرجان جزءاً من انتشار الأحداث الثّقافية في السعودية، التي تتضمّن تغييرًا اجتماعياً على نطاق واسع، والتي ساعدت في إنشاء قطاع ترفيهي على النّمط الغربي في المملكة التي كانت ذات يوم شديدة المحافظة اجتماعياً. ويعدّ التّرفيه أحد ركائز خطّة رؤية 2030 لبن سلمان لتغيير المجتمع السعودي، وذلك في إطار المحاولات الرامية إلى تنويع اقتصاد المملكة المعتمد على تصدير النفط.
وهنا سؤالان:
الاوّل: وبناء على ما سبق: هل ستتسارع وتيرة التّطبيع، وتتزامن معها سياسة التّرفيه استعداداً لتسلّم العرش رغم المخاطر المحدقة بهاتين السياستين؟
والثاني، منذ عام، قال شون سبايسر السكرتير الصحفي للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، إنّ الأخير سيرشّح نفسه مجددًا في الانتخابات الرئاسيّة المقبلة عام 2024، وأوضح سبايسر أنّ ترامب لديه 102 مليون دولار من أموال الحملة على ما يبدو وعمل على إنقاص وزنه والحفاظ على معدّلات الموافقة عليه بعد انتخابات 2020 عالية قبل ترشّحه الثّالث المحتمل للرّئاسة.
فهل سيترشّح ترامب أيضاً بمساعدات مالية سعودية وتغامر المملكة بتحدّي إدارة بايدن ووضع بيضها كلّه في سلّة الجمهوريين؟