خاص الموقع

بعد قرارات أوبك بلس..هل انقلب الخليج فعلاً على أمريكا؟!

في 2022/10/11

(أحمد شوقي\ راصد الخليج) 

قرارات أوبك بلس الأخيرة والتي وصفتها أمريكا بأنّها انتصار لروسيا، فتحت الباب مرّة أُخرى لوجهات نظر وتحليلات تقول أنّ السعوديّة والإمارات قد دشّنتا مسارًا يحمل نوعًا من التّحوط والموازنة بين القوى الكبرى بعد بروز روسيا للعلن لتدشين نظام متعدّد الأقطاب.

وقد تفاوتَت التّحليلات بين قطاع يرى أنّه مسار وقائي يحاول  عدم الانحياز  وبين قطاع يرى أنّه انقلاب تاريخي وخروج من العباءة الأمريكيّة، بينما ذهب قطاع آخر من التّحليلات إلى أنّ ما يحدث هو تواطؤ مع إدارة ترامب لإسقاط الرئيس بايدن وإدارته والسّماح بعودة الجمهوريين وإدارة ترامب باعتبارها الإدارة المتوافقة تمامًا مع أنظمة الخليج دون منغّصات تتعلّق بدعاوى حقوق الإنسان وغيرها.

وهنا لا نريد الخروج بحكم قاطع ورأي جازم فيما يحدُث، ولكن فقط نريد إلقاء الضّوء على بعض الملاحظات والعناوين العريضة للوصول إلى تحليلات واستنتاجات دقيقة:

أوّلاً: لا بدّ من الفصل بين المستوى السياسي والمستوى الاستراتيجي من العلاقات، فهناك هوامش سياسيّة تسمح بالتّمايز والخلاف بين الإدارة السعودية أو الإماراتيّة وبين الإدارة الأمريكيّة وهو ما ينبغي النّظر معه إلى المستوى الاستراتيجي للتّفرقة بين كون هذه الخلافات تكتيكيّة أو معتادة، وبين كونها تشكّل تمرّدًا أو قطيعة.

وبالنّظر إلى المستوى الاستراتيجي فإنّنا لا نجد ما يشي بخلافات أو حتّى توتّرات، فالسعودية والإمارات والخليج عامّة يعدّ جزءًا من قيادة القوّات المركزيّة "سنتكوم" ومنذ أسابيع قليلة كانت هناك مناورات مشتركة، ولا يزال هيكل التّسليح الخليجي يعتمد على المنظومة الأمريكيّة والغربيّة، ولا يوجد خلاف في أي ملف استراتيجي بين الخليج وأمريكا.

وبالتّالي فإنّ هناك مستوى من العلاقات بين البنتاجون والدولة العميقة الأمريكيّة وبين الخليج، لا نرى أنّه تأثّر بأسعار الطاقة أو قرارات أوبك بلس، أو الفجوة بين إدارة بايدن والسعوديّة، ولا يتعلّق هذا المستوى الاستراتيجي بملفات سياسية تميّز الإدارات المختلفة مثل حقوق الإنسان وغيرها.

ثانيا: ارتفاع أسعار النّفط مصلحة سعودية وخليجية عامّة في بلدان تعتمد على الاقتصاد الرّيعي، والسعودية تحديدًا يمثّل النّفط أكثر من 40% من الناتج المحلي، وأكثر من 80% من الصادرات، ووسط أزمة اقتصادية عالمية وركود تجاري، تتلاقى المصلحة الخليجيّة مع الروسية في ارتفاع الأسعار، وبالتالي لا يمكن اعتبار الأمر تحدّيا أو إضرارًا متعمدًا لأمريكا، وإن كان التّحدي للرّغبة الأمريكيّة يؤشّر لتراجع قوّة وهيبة أمريكا، ولكن ليس لدرجة تمرّد الخليج المربوط أمنيًا بأمريكا.

ثالثا: لاتزال عملة البترو دولار سارية، ولم تجرؤ السعودية والإمارات على المساس بها، وهو مؤشّر فارق على البقاء داخل العباءة الأمريكية.

ما نراه هو أنّ هناك تراجعًا أمريكيًا يسمح بتوسّع هامش التجرؤ على الخلافات ولكن تحت سقف لا يصل للتمرّد أو الخروج من المظلّة الأمنيّة الأمريكيّة ولا يعدّ خروجاً عن التبعيّة.