(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
يفتح استقبال قطر لمشجّعين صهاينة يبلغ عددهم نحو عشرة آلاف صهيوني في ستّ رحلات مباشرة من الكيان الصهيوني للدّوحة الباب أمام تساؤلات عديدة حول دخول قطر في اتّفاقيات التّطبيع على نفس خُطى الإمارات.
وما يفتح الباب هنا هو بعض الشواهد التي تمثّل مشتركات بين قطر والإمارات رغم الخلاف الظّاهر بينهما، وأهمها سعي قطر للعب دور دولي وطموحها في التحوّل لمركز عالمي للعديد من المجالات وهو ما يمرّ دومًا عبر بوابة التّطبيع والنّأي بالنّفس عن التّهم المعلّبة بمعاداة السامية، والأمر الآخر يتعلّق بملف هام وهو تجارة الماس والتي تشترط قبولًا إسرائيليًا وأيضًا إماراتيًا!
وقبل الخوض في ملف تجارة الماس وما سرّبته وسائل إعلام صهيونيّة عن اتّفاق سرّي بين قطر والعدو الإسرائيلي، ينبغي إلقاء الضوء على أبرز مستجدّات التّطبيع الإماراتي الصهيوني، والذي برزت به معلومات جديدة لافتة كشفها آفي بينلولو، مؤسّس ورئيس مبادرة أبراهام للسلام العالمي عبر موقع nationalpost.
وقال بينلولو في التّقرير، أنّ القدرة على التّحليق بين "إسرائيل" والإمارات العربية المتّحدة فوق المجال الجوّي السعودي الذي كان محظورًا في السّابق أدّت إلى إنشاء نظام بيئي نابض بالحياة حصد مكاسب اقتصاديّة هائلة لكلا البلدين.
فقد تجاوزت التّجارة بين "إسرائيل" والإمارات العربية المتّحدة 1.2 مليار دولار أمريكي في عام 2021 ، وتجاوزت 1.4 مليار دولار أمريكي في الأشهر السّبعة الأولى من هذا العام.
وقد تمّ تأسيس صندوق بحث وتطوير بملايين الدولارات بالاشتراك بين البلدين، مع التزام الإمارات العربية المتّحدة باستثمار إضافي بقيمة 100 مليون دولار في صناديق رأس المال الاستثماري في "إسرائيل".
ويُضيف بينلولو، أنّه وعلى عكس سلام "إسرائيل" البارد نسبيًا مع مصر والأردن (والذي تحسَّن مؤخّرًا بفضل اتّفاقيات إبراهيم)، فإنّ السّلام مع الإمارات العربيّة المتّحدة دافئ وودود. وخلافًا لعلاقة "إسرائيل" مع الأردن، القائمة على البروتوكولات العسكرية، فإنّ سلامها مع الإمارات يقوم على العلاقات بين الناس. ويبدو التّطبيع أمرًا طبيعيًا تمامًا لأنّ كلا البلدين يسعيان إلى الحداثة والبراعة التكنولوجية وزيادة الوضع الاجتماعي والاقتصادي لشعبيهما.
و تتمتّع الجالية اليهوديّة المتنامية في البلاد الآن بمجموعة مختارة من مطاعم الكوشر وثلاثة معابد يهودية على الأقل، بما في ذلك كنيس النّخيل، وأصبح سماع الأشخاص الذين يتحدّثون العبرية أمرًا شائعًا الآن في مراكز التسوّق وأماكن أخرى.
إلّا أنّ اللّافت والخطير بالتّقرير، هو ما أوضحه نائب القنصل العام الإسرائيلي في الإمارات من أنّه “لا يوجد فعليًا معاداة للسامية في الإمارات لأنّ السكّان يستمدّون إشاراتهم من قيادتها”، وهو ما نراه إساءةً للشّعب الإماراتي تتطلّب ردًّا شعبيًا، إمّا بالتّأكيد على موافقتهم وإقرارهم بالتطبيع، أو بأنّهم مغلوبين على أمرهم ولا يزالوا متمسّكين بالثّوابت العربيّة.
أمّا بخصوص قطر، فقد أفادت وسائل إعلام عبرية في وقت سابق، بأنّ "إسرائيل" وقطر أبرمتا اتّفاقية سرية "جعلتهما أقرب إلى إقامة علاقات ثنائية رسميا".
حيث ذكرت صحيفة Globes الاقتصادية الإسرائيلية في تقرير لها، أنّ هذه الاتفاقيّة السرية متعلقة بتجارة الألماس، حيث أوضحت الصحيفة أنّ قطر تسعى إلى إنشاء منطقة تجارة حرّة ستركّز على تجارة الألماس والمجوهرات والذّهب، ثمّ إنشاء بورصة الماس، على غرار "بورصة دبي للماس".
غير أنّ قطر، من أجل دخول قائمة الدول المسموح لها بالاتجار بالماس، تحتاج إلى موافقة الدول الأعضاء في لجنة "عملية كيمبرلي"، ومنها "إسرائيل".
وادّعت الصحيفة أنّ قطر بهدف تفادي معارضة محتملة من قبل "إسرائيل"، أبرمت مع الكيان الصهيوني اتفاقيّة سريّة سمحت بموجبها للتجار الإسرائيليين بدخول أراضيها وفتح مكاتب شركاتهم في منطقة التجارة الحرة المستقبلية.
وعلى الرّغم من أنّ الاتفاقية تخصّ مسألة فنيّة ضيّقة، لفتت الصحيفة إلى أنّها تمثّل مؤشرًا على وجود اتّصالات مباشرة بين الدولتين.
ونقلت الصحيفة عن مصدر شارك في الاتصالات بين الدولتين بشأن هذا الملف قوله إنّه لن تكون هناك أي مشاكل من جانب قطر مستقبلاً في إبرام اتّفاقات اقتصادية أو تجارية جديدة مع إسرائيل، ما لم يتناقض ذلك مع مصالح الدوحة.
كما ذكّر المصدر بأنّ قطر التي تستضيف كأس العالم لكرة القدم تعهدت بفتح حدودها أمام المشجعين من كافّة الدول، مرجّحًا أنّ "اتّفاقية الماس" السريّة المزعومة تدلّ على رغبة قطر في "أن تكون منفتحة على العالم أجمع".
فهل مانراه من أجواء المونديال الانفتاحيّة هو مقدّمة لتطبيع قطري يأخذ ذات المنحى الإماراتي ومعدّلاته؟