خاص الموقع

ما منع السعوديّة من استضافة كأس العالم؟

في 2022/12/17

(هدى القَشعمي\ راصد الخليج)

شارف كأس العالم المقام حاليًا في دولة قطر الشّقيقة على النّهاية، وبعد تنظيم حصل على إشادة كبيرة من أعلى المستويات الكرويّة. وقد برزت في الآونة الأخيرة أخبار تتحدّث عن تقديم السعوديّة ملف لاستضافة كأس العالم 2030، لتعود وتنفي المملكة مؤخّراً الخبر المُتداول. فما منع السعوديّة من استضافة كأس العالم؟

أمورٌ عدّة منعت السعودية من استضافة كأس العالم 2030، يمكن حصرها بعنوانين الأوّل تِقني والثّاني الحملة الاستباقيّة المُعارضة لاستضافة السعوديّة كأس العالم.

في البَداية لابدّ من التّذكير بالخبر الذي ورد في الصّحف عن استضافة السعودية لكأس العالم، ومفاده بأنّ "المملكة العربية السعوديّة تُخطّط لتقديم عرض لاستضافة كأس العالم لكرة القدم 2030. في الوقت الحالي، تجري محادثات بشأن طلب المملكة العربية السعوديّة لاستضافة كأس العالم 2030، ولكن يُمكن أن تقدّم المملكة عرضًا مشتركًا بمبلغ 40 مليار دولار لكأس العالم لكرة القدم 2030".

وتعليقاً على الخبر، أصدرت وزارة السياحة السعوديّة توضيحًا رسميًا في هذا الشأن، نافيةً ما يتداول عن قيام المملكة بتقديم عرض رسمي باستضافة كأس العالم فيفا 2030.

ومن هنا ندخل إلى المانع الأوّل والمتمثّل بالأمور التقنيّة، وبهذا الصّدد، يبدو مشروعًا التخوّف السعودي من استضافة هكذا حدث كُروي ضخم. فبَعد النّجاح المُبهر لمونديال قطر بكلّ المَقاييس الفنيّة من الملاعب إلى الفنادق وإلى الفعاليّات التي قدّمتها بمختلف المناطق، وصولاً إلى خطّة النّقل المُبهرة. كلّ هذا يضع السعوديّة تحت ضغط الخوف من الفشل في التّنظيم، كون المملكة لم تُنظّم حدثاً بهذا الحجم يمتدّ إلى أكثر من شهر. ناهيك عن أنّ ملف الاستضافة يُجبر أن يكون عدد الدّول ثلاثة أو أكثر وهذا ما سيجعل المملكة مضطّرة بأن تقوم بتشييد ملاعب تَليق بالحدث وكلّ التّوابع من وسائل النّقل والإقامة، ولا تجد المملكة حالياً داعياً لهذا الانفاق الهائل، ومن أجل تقريب الفكرة، فقد أنفقت قطر على "مونديال العرب" مبلغ قدر بـ220 مليار دولار. تخيّلوا أن تُبادر السعوديّة إلى انفاق هذا المبلغ الهائل أو أكثر منه، وتفشل في الاستضافة، فستكون نكسة ما بعدها نكسة.

ومن الموانع التقنيّة أيضاً، مستوى المنتخب السعودي المتذبذب، فقد قدّم مستوى لا يَليق بالسعوديّة، رُغم فرحتنا بالفوز على الأرجنتين. خسر المنتخب مباراتي بولندا والمكسيك ومُنيَ بهزيمة غير مبرّرة، فتخيّلوا معي بأنّ هذا المنتخب بهذا المستوى سيلعب كدولة مُضيفة، فعندها سنسجّل تاريخ أسود من ما قدّمته قطر كدولة مُضيفة.

أمّا في السبّب الثّاني والمتمثّل بالحملة الاستباقيّة المُعارضة لاستضافة السعوديّة كأس العالم، وقادته صحف ومنظّمات دولية. على خلفية ما زعمته بحقوق الإنسان، وبهذا الصدد، اعتبرت منظّمة العفو الدّولية أنّ "تنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم 2030 في دول بينها السعودية، سيكون "شبه مستحيل" إذا طبّق الاتّحاد الدولي "الفيفا" معايير حقوق الإنسان الخاصّة به بشكلٍ صحيح، بشأن مراجعة أي عرض تقدّمه المملكة".

وبدَوره حذّر مدير حملات الأفراد المعرضين للخطر في منظمة، فيليكس جاكينز، من "أنّ المملكة العربيّة السعودية تسعى لاستضافة كأس العالم 2030 "كنوع من التّتويج لعمليّات غسيل سمعتها عن طريق الرّياضة، في نفس الوقت الذي تتدهور فيه حقوق الإنسان بشكلٍ مُقلق في ظلّ حكم ولي العهد محمد بن سلمان". واعتبر أنّه "يكاد يكون من المستحيل رؤية كيف يمكن للفيفا أن يوفّق بين حقوق الإنسان المروعة في المملكة العربية السعودية وبين مبادئه ومسؤوليّاته الخاصّة بحقوق الإنسان"، وفق تعبيره.

أمّا صحيفة "ميرور" البريطانيّة، فدعت إلى "معارضة طلب المملكة العربية السعودية منحها استضافة مونديال كأس العالم 2030 بسبب تورّطها في تبييض سمعتها والتّغطية على انتهاكات حقوق الإنسان عبر الأحداث الرياضيّة. وتابعت "إنّ طلب السعوديّة لاستضافة بطولة مونديال كأس العالم 2030؛ يُمكن أن يكون أكبر حدث للغسيل الرّياضي. وأوضحت الصّحيفة أنّ "هذه الخطوة تأتي لتلميع سمعتها السّيئة دوليًا، والانتقادات المستمرّة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان بما في ذلك إصدار أحكامًا قاسية بالسّجن على معتقلي الرأي"، حسب زعمها.

وبناءً على ما تقدّم، قد أصاب ولاة الأمر بنفي خبر استضافة المملكة لمونديال 2030، فلدينا في المملكة "احتراف أعرج واستثمار أعوج" بحسب ما قالت صحيفة "الوطن"، ولا يمكن الرّهان على أداء المنتخب وهذا ما عبّر عنه الأمير محمد بن سلمان بخطابه للاعبي المنتخب قبل انطلاق كأس العالم، وكان على حقّ أن لا يتوقّع الكثير من اللاعبين. أمّا عن موضوع حقوق الإنسان والهجمة الشّرسة التي مورست على قطر وهي جلّ ذنبها بأنّها منعت حضور المثليين لتعارضه من قوانينها، فكيف بنا ونحن متّهمون بجريمة اغتيال جمال خاشقجي، ولم نصدّق بأنّ هذه الحملة خفتت. فليس من مصلحتنا أبداً أن تُثار من جديد، وكلّ هذه الأمور تجعل المملكة تسير وفق المثل الشامي القائل " لا تنام بين القبور ... ولا تشوف منامات وحشة".