خاص الموقع

2022 عام ذروة التّطبيع المجّاني الإماراتي

في 2022/12/23

(أحمد شوقي\ راصد الخليج)

شهد العام 2022 اندفاعًا متهوّرًا نحوَ التّطبيع الاماراتي الصهيوني رغم أنّ هذا العام  كان الأسوأ على الفلسطينيين وعلى الوضع السياسي للقضيّة بوصول التطرّف الصهيوني لسدّة الحُكم، عبرَ حكومة متطرّفة بشكلٍ مُعلَن دون مُواراة أو إنكار.

ولعلّ الدّعاوى الاماراتيّة والبحرينيّة التي صاحبت تَدشين ما يُسمّى الاتّفاقات الابراهيميّة، بأنّ التّطبيع سيفتح الباب للاستقرار والسّلام ونَبذ العَداء والكراهيّة وسيصب في صالح الشعوب، لم تَعُد تصمد أمام التّنكيل الصهيوني وفرض الأمر الواقع الدّيني بالقوّة عبر اقتحامات الأقصى، رغم أنّ هذه الدّعاوى مرفوضة مبدئيًّا لأنّها قائمة على الاعتراف بالعدو وبالتّالي شرعيّة اغتصاب فلسطين.

ولعلّ الأرقام والتّقارير حول تنامي هذا التّطبيع بصورة مُذهلة ومُستفزّة للشّعوب، هي أبلغ معبِّر عن هذه الحالة المُخزية، حيث توقّع مجلس الأعمال الإماراتي الإسرائيلي أن تَصِل قيمة التّبادل التّجاري بين الإمارات وإسرائيل إلى 3.5 إلى 4 مليارات دولار في عام 2023، على أن تتجاوز 5 مليارات دولار في عام 2025، وذلك بعد إعلان وزير التّجارة الخارجيّة الإماراتي ثاني بن أحمد الزّيودي أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة و"إسرائيل" صادقتا على اتّفاقيّة شراكة اقتصاديّة شاملة.

وبحسب صحيفة The Jerusalem Post الصهيونيّة، كان قد تمّ التّوقيع على الاتفاقيّة لأوّل مرّة في مايو وتُمثّل نُقطة انطلاق أُخرى لإحراز تقدّم في اتّفاقيات أبراهام لإشهار التّطبيع بين أبوظبي وتل أبيب.

وستؤدي هذه الصّفقة إلى إلغاء أو خفض التّعريفات الجمركية على 96٪ من المنتجات، ممّا يوفّر دفعة كبيرة لقطاعي الصّناعة والخدمات.

كما بلغ حجم التّجارة غير النفطيّة بين الإمارات والعدو الإسرائيلي ملياري دولار في الأشهر التّسعة الأولى من عام 2022، بزيادة قدرها 114٪ عن نفس الفترة من عام 2021، كما أصبحت الإمارات أهم مركز للأعمال الإسرائيليّة التي تركّز على أسواق الشّرق الأوسَط الكبير، الهند وآسيا.

وعلى مستوى الصّادرات العسكريّة، فقد احتفى العدو الإسرائيلي بازدياد صادراته العسكريّة والأمنيّة، وتَسجيلها نسبة قياسيّة غير مسبوقة بفضل التّطبيع مع الإمارات ونتيجة توقيع صفقات ضخمة على خلفيّة عودة العالم إلى سياسة سباق التسلّح.

وأفادت وسائل إعلام صهيونيّة، أنّ هناك إقرار بوجود عاملين رئيسيين، حفّزا هذه السيرورة، وهما اتّفاقيّات أبراهام لتطبيع العلاقات مع دول عربيّة، والحرب الروسية المستمرّة في أوكرانيا.

وقد رفعت الاتّفاقيّات التي وقّعها العدو الإسرائيلي قبل عامين مع الإمارات والبحرين والمغرب من حجم التّصدير الأمني الإسرائيلي إلى دول المنطقة، وفي عام 2021 بلغت المبيعات إلى تلك الدّولتين في الخليج نحو 7% من إجمالي الصّفقات.

وتمّ الكَشف مؤخّرًا،  عن بيع "إسرائيل" لمنظومات دفاع متطوّرة من طراز باراك وسبايدر للإمارات، وأنّ المغرب وقّع كذلك صفقة للتزوّد بصواريخ باراك.

ونَقلت وسائل الإعلام عن المدير العام للصّناعات الجويّة الإسرائيليّة، بوعاز ليفي، قوله: “يدور الحديث حول أفضل الفترات بالنّسبة لهذه الصّناعات الجويّة… وهي تزيد مبيعاتها من فصلٍ إلى آخر، وبَلغت نحو 3.6 مليارات دولار حتّى الرّبع الثّالث من عام 2022، ما يَعني الاقتراب من معدّل مَبيعات سنويّة يبلغ خمسة مليارات دولار، وهو إنجاز استثنائي للغاية”.

والأحدث في هذه الحالة المُخزية، هو أنّ الإمارات تعمل عرّابًا لتَوسيع التّطبيع مع دوَل أُخرى، حيث أفادت وسائل إعلام صهيونيّة بأنّ دولة الإمارات تَسعى لعقد اجتماع عربي تطبيعي مع "إسرائيل"، وأورَدت صحيفة timesofisrael الصهيونيّة، أنّ الإمارات تجري عمليّة التّنسيق للاجتماع المذكور مع الإدارة الأمريكيّة في إطار ما يُعرف باسم قمّة النّقب التّطبيعيّة.

ونقلت الصّحيفة عن مسؤول أمريكي قوله أنّ واشنطن تُخطّط لعقد اجتماع في الرُّبع الأوّل من عام 2023، يَحضره وزراء خارجيّة ما يُسمّى بمنتدى النّقب، الذي اجتمع لأوّل مرّة في مارس الماضي .

وكان الاجتماع  قد ضمّ وزير خارجية مصر ونُظرائِه من الإمارات العربيّة المتّحدة والبَحرين والمَغرب، وقال المسؤول الأمريكي إنّ الاتّفاقات “قريبة وعزيزة على قلب رئيس الوزراء نتنياهو ولذا أتخيّل أنّه يُريد أن يواصل رؤية هذا التحرّك إلى الأمام”.

كما قال وزير الخارجيّة الأمريكي أنتوني بلينكين إنّ مجموعات عمل مُنتدى النّقب – ستّة لِجان مكلّفة بتَعزيز المَشاريع الإقليميّة في مجالات الأمن الإقليمي، والأمن الغذائي والمائي، والطّاقة، والصحّة، والتّعليم، والسياحة – ستجتمع في أوائل العام المُقبل.

هنا يتأكّد أمران، أوّلهما أنّ التّطبيع هو تطبيع لمجرّد التّطبيع ولجَلب مصالح خاصّة بالأنظِمة، والثّاني هو أنّ القضيّة الفلسطينيّة سقَطت علنًا من أجندة الامارات والبحرين والدّول المطبّعة، وما سيليهم من دوَل خليجيّة تتواتَر التّقارير بدخولها قريبًا في هذا العار.