(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
في تطوّر لافت يستوقف وقفة كُبرى، أعلنت سفارة الإمارات في واشنطن أنّ دولة الإمارات ستدرج تعليم ما يسمّى "الهولوكوست" في مناهجها المدرسية، وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها عربيًا وإسلاميًا.
وصرّح علي النّعيمي عضو المجلس الوطني الاتحادي لدولة الإمارات بأنّ "تخليد ذكرى ضحايا الهولوكوست أمر بالغ الأهمية".
ونقلت وسائل الإعلام عن الحركة اليهوديّة "لمكافحة معاداة الساميّة" قولها أنّ هذه الخطوة رئيسيّة في مكافحة الثّقافة الإقليميّة لإنكار الهولوكوست وتطبيع العلاقات مع "إسرائيل".
كما أشادت هيئة مُراقبة التّعليم الإسرائيليّة بأنّ لدى الإمارات "أكثر المناهج الدراسيّة تسامحًا وسلميّةً في الدّول العربية أو ذات الأغلبية المسلمة"، وأشارت الهيئة إلى أنّ الإمارات أَدرجت اتّفاقيّات أبراهام لعام 2020 للتّطبيع في مواد للطّلاب في الصفوف 6 و8 و12، جنبًا إلى جنب مع موافقات من قِبَل المنظّمات الإسلاميّة الرّائدة في الإمارات.
هنا نحن بحاجة لوقفة كُبرى ومواجهة لهذه الجريمة التي تستعدّ الإمارات لارتكابها، وما يجعلنا نقول أنّها جريمة ما يلي:
أوّلاً: هناك فارق بين توجّهات الدولة الإماراتيّة السياسيّة والتكتيكيّة وخياراتها وبين تكريس تزييف التّاريخ والتّعاون في نشر الأكاذيب التي أطلقتها الحركة الصهيونيّة لتبرّر جريمتها الكُبرى باغتصاب فلسطين وارتكاب المجازر ضدّ شعبها.
أي هناك فارق بين خيار سياسي اتّبعته الإمارات مضمونه التّفريط في القضيّة الفلسطينيّة والتّطبيع مع العدو، وبين خيار تحالف استراتيجي تعتنق به دولة الإمارات الصهيونيّة رسميًا وتروّج لأكاذيبها وتعمل كشريك في الاحتلال والتّبرير لاغتصاب فلسطين.
وهو ما يعني التّحول من دور المفرط في قضية وحقوق الشّقيق الفلسطيني إلى دور العدو للشّعب الفلسطيني والشّريك للصهاينة.
ثانيا: هناك فارق بين المنابر الإعلامية وبين التّدريس في المناهج التعليميّة للنّاشئة، فلو اختار النّظام الإماراتي أن يكون حليفًا وشريكًا للعدو، فبأي حقّ يفرض خياره على الأجيال الصّاعدة ويغرس بها عقيدة الصّهاينة والايمان بالأكاذيب التاريخيّة!
ثالثا: المارس الإماراتية لا تقتصر على الإماراتيين فقط، بل مفتوحة للمقيمين من كافّة الجنسيات العربيّة والإسلاميّة، وبالتّالي، تُعتبر هذه الجريمة كالوباء المتفشّي في الأمّة، وخاصّة أنّ الإمارات تلعب دورًا بارزًا في صُنع وتمويل النّخب في المنطقة.
إنّها جريمة كبرى تضع للعدو الصهيوني موطئ قدم متقدّم في المنطقة واختراق غير مسبوق على المستويات الثّقافية والمجتمعية.
وهنا نوجّه للإمارات عدّة أسئلة:
هل ستقوم بتدريس أيضًا الجرائم النّازية الهتلريّة ضدّ الغجر والشيوعيين وأصحاب العاهات الجسدية والنفسيّة، ومواطني بولندا من السّلاف، وهو ما أدّى إلى مقتل ما لا يقلّ عن مليون منهم؟
وهل ستذكر أنّ غُرف الغاز المزعومة في أكذوبة الهولوكست تبيّن لاحقاً أنّها كانت تستخدم لمواجهة القمل المتفشي في المعتقلات، وأنّه تبيَّن أنَّ البعض ماتوا نتيجة مرض التيفوئيد والملاريا، وأُحرقت جُثَثهم لمنع انتشار المرض في المعسكرات، إذ كان الألمان بحاجة إلى الأشخاص الموجودين فيها، لأنّهم كانوا يعملون في المصانع والمزارع الألمانيّة، في الوقت الذي كان الرّجال الألمان يُقاتلون في الجبهات.
وهل ستقوم الامارات بتدريس وثائق "Berlin Wilhelmstrasse" التي كشفت الكثير من تفاصيل العلاقة بين اليهود وهتلر، وأهمّها التّعاون والتّنسيق بين الصهاينة والنازيين لإقناع اليهود أو إجبارهم على الهجرة فقط إلى فلسطين. ودور Adolf Eichmann ، رئيس لجنة التّهجير، في عمليّة التّنسيق هذه، إذ افتتح العديد من مكاتب الهجرة في كلّ من المجر وتشيكوسلوفاكيا والنّمسا، والتي قامت بتهجير ما يُقارب 250 ألف يهودي إلى فلسطين حتى نهاية 1941.
وهل ستقوم الإمارات بتدريس إثباتات الصّحافي الأميركي Douglas Reed المعروف بتغطيته أحداث الحرب العالمية الثانية، والذي أُثبت بالأرقام والأدلّة "أنّ عدد اليهود قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها لم يتغيّر كثيراً، وهو ما يُقارب 11 مليون"، والذي قال: "إن إحراق أي جثة في غرف الغاز يحتاج إلى ساعتين تقريباً، وهو ما يعني أنّ إحراق 6 ملايين يهودي يحتاج إلى عشرات السنين".
وهل ستدرس الإمارات اعترافات المؤرخ اليهودي Prof. Yahuda Bauer، المختصّ بتاريخ "الهولوكوست" في الجامعة "العبرية" في "إسرائيل"، والتي وصف فيها الحديث عن تصنيع الصابون من زيوت جثامين اليهود المحروقة بأنّه "ادعاء سخيف". وكلام Mark Weber الذي قال "إنّ كذبة الصّابون اليهودي ليست أقلّ سخافة من كذبة غرف الغاز والمحرقة اليهوديّة، وهي تفتقر معاً إلى أبسط الإثباتات الحقيقيّة"، وهو ما أكّده المؤرخShamul Krakowski من مركز دراسات متحف الهولوكوست، والبروفيسورArno Meyer من جامعة Princeton، وHoward Stein من جامعة Oklahoma، إذ كتبوا العديد من المقالات في الصّحافة الإسرائيليّة والأميركيّة، "وكذّبوا فيها نهائياً قصّة الصّابون، وشكّكوا بأرقام الهولوكوست، وقالوا إنّها مبالغ بها كثيراً".
كنّا نتمنّى أن تقوم الإمارات بتدريس تاريخ القضيّة الفلسطينيّة والمجازر التي ارتكبتها العصابات الصهيونيّة استنادًا على اكذوبة المحرقة والمبالغات التي ابتزت بها المانيا وتبتزّ بها العالم كلّه، ولكن يبدو أنّ الإمارات تدخل من سياسة اللّامقبول إلى سياسة اللّامعقول!