(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
لعلّ المواطن الخليجي عمومًا، والبَحريني خاصّةً، يتساءل متعجّبًا عن المدى الذي سيَصل له التّطبيع مع العدو الإسرائيلي، وخاصّة مع هذه الوتيرة السّريعة والمجّانية والتي تتزامن مع تصعيد العدو في الضفّة وغزّة واستباحة المقدّسات، وكأن التّطبيع ملف مُنفصل بذاته ولم تعُد هناك حتّى الذّرائع السّابقة والحجج التي تقول أنّه مدخل للسّلام ولصالح الشّعب الفلسطيني!
ولعلّ المُزعج هنا، هو التّقارير الغربيّة، وأراء الكتّاب والمحلّلين الأمريكيين، مثل سايمون هندرسون وهو من كبار الباحثين والمتخصّصين في الشّأن الخليجي في معهد واشنطن، والذي قال أنّ التّطبيع أصبح مجالًا للتنافس بين البحرين والإمارات، وأنّ البحرين لا تخجل من الإعلان عن تطوّر التّطبيع، بل تُعلن عنه لتحظى بمكانة دوليّة مثل الإمارات!
ولعلّ أيضًا اختصاص المواطن البَحريني بالدّهشة، ينبع من مُصطلح بدأ في التّداول يتخطّى نطاق التّطبيع لنطاق أخطر، حيث ينتشر مصطلح "تهويد المنامة"، لوصف كم الاختراق الصهيوني والذي يقترب من الاستيطان بعد دخول الصهاينة بقوّة في المجال العقاري وشراء الأراضي في البحرين.
وفي أحدث المعلومات، كشفت قناة "اللؤلؤة" أنّ السّلطات البحرينيّة أقدمت على بَيع جزيرة في الواجهة البحريّة لصالح العدو بعد أن صمّمها مكتب محمد غريب للهندسة في البلاد على شكل شمعدان يهودي، وقد سُمّيت بجزيرة "ديراري"، وهي جزيرة اصطناعيّة تمّ ردمها في خاصرة مشروع درّة البحرين الواقع جنوب البلاد، مُوّلت كلفة العمل فيها مباشرة من بنك السلام بمبلغ لا يقلّ عن 30 مليون دولار.
والجزيرة مُصمّمة بشكلٍ عصري حديث، تتألّف من فيلات تطلّ على البَحر، ومتاحٌ لكلّ فيلا إمكانيّة الوصول المباشر الى البحر مع المرافئ الخاصّة بكلّ فيلا، وتعود ملكيّة مشروع درّة البحرين إلى ملك البحرين حمد بن عيسى شخصيًا، ويسكن فيه كبار أهل السّلطة كوزير الداخلية والنائب العام ورئيس محكمة التّمييز نائب رئيس المجلس الأعلى للقضاء وغيرهم.
وتقول قناة "اللؤلؤة" نصًّا: "كان هناك تخوّف من أنّ هذا التّقسيم قد يكون الباب الخلفي لمشروع تهويد المنامة، لأنّ تقسيم المناطق لبلوكات يعني فتح الباب لتكون هناك بلوكات جديدة وسط مناطق معيّنة على أساس ديني أو مذهبي، وبالفعل كان أوّل المرحبين بالاشتراطات، رئيس هيئة الثّقافة والآثار خليفة بن أحمد بن عبد الله آل خليفة، الذي يُشرف على مشروع تهويد الحي القديم في المنامة".
وفي 13 فبراير 2022، نشرت الصّحافة المحليّة خبرًا مصدره وزارة العدل والشّركة العربيّة للمزادات إنّ البحرين تعرض مجموعة مكوّنة من 100 عقار للبيع في مزاد، من بينها جزيرة في الواجهة البحرية الغربيّةـ وقد كشف الإعلام الإسرائيلي إنّ الصندوق القومي لليهود اشتراها من هذا المزاد بمبلغ يعادل 9 ملايين دينار تقريبًا.
كما قالت القناة السّابعة الإسرائيليّة إنّ شركة هيمنوتا المملوكة للصندوق القومي اليهودي في إسرائيل قد اشترت جزيرة خاصّة بمساحة 9554 مترًا مربعًا في البحرين مُقابل 21.5 مليون دولار أميركي خلال مزاد طرحته الشّركة العربيّة للمزادات.
وأكّدت القناة الإسرائيليّة بأنّ الجزيرة سكنيّة واستثماريّة للمشاريع ذات الطّبيعة الخاصّة، ونقلت القناة الإسرائيليّة التي عادت وسحبت الخبر من موقعها لاحقًا، عن أفيري شناير ممثّل حزب أبيض أزرق في مجلس إدارة شركة هيمنوتا، أنّ الجزيرة يمكن بناء عليها ناطحة سحاب من 50 طابقًا، واستخدامها كخيار لإجلاء المواطنين الإسرائيليين في حالة وقوع كارثة أو حرب، وأنّه يرى أنّه سيكون من الممكن دراسة إمكانية التّشاور مع الحكومة البحرينيّة "الصديقة" فيما يتعلّق بنقل السيادة على هذه الجزر أو الأراضي إلى "إسرائيل"، حيث يتمّ كلّ شيء بشكلٍ قانوني وفقًا للمعايير المعمول بها، وبموافقة كاملة من الأطراف ذات العلاقة، بهدف إنشاء بنية تحتيّة في هذه العقارات والجزر.
بالطّبع تتواتر تقارير أُخرى عن تعاون مع العدو في مجالات وثيقة الصّلة بالأمن القومي مثل الغذاء وتحلية المياه والبنوك، وأيضًا اختراق لأجهزة الأمن عبر الموساد، لكن هذا الاختراق العقاري ربّما يعدّ الأسوأ لأنّه يدشّن لاستيطان صهيوني قد يكون ثَمنه غاليًا على عدّة مستويات تتعلّق بالأمن الداخلي والسيادة، وأيضًا تعريض البحرين للخطر كجبهة حرب عند نشوب أي حرب بالمَنطقة.