(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
رغم أنّ الإمارات العربيّة المتّحدة تعهّدت باتّخاذ "إجراءات مهمّة" لمُحاربة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بعد وضعها على قائمة رماديّة للبُلدان الخاضعة لتدقيق شديد، إلّا أنّ شبَح هذه الجريمة لا يزال يُطارد البلاد التي تُعتبر المَركز المالي الأبرز في منطقة الشّرق الأوسط.
في العام الماضي، أُضيفت الإمارات إلى قائمة "فِرقة العمل المعنيّة بالإجراءات الماليّة" التي تتّخذ من باريس مقرًّا لها وتضمُّ 23 عضوًا، وأوضحت منظّمة المُراقبة العالميّة في بيان أنّ الدّوَل المُدرجة على القائمة الرّماديّة "تعمل بنشاط مع فرقة العمل المعنيّة بالإجراءات الماليّة لمُعالجة أوجه القُصور الاستراتيجيّة في أنظمتها لمُكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار أسلحة دمار شامل".
وأكّد حينها كبار المَسؤولين في دولة الإمارات التزام الدّولة القوي ومواصلة جهودها في ما يتعلّق بمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأنّ الدّولة تُواصل تَنفيذ مجموعة من الإجراءات المهمّة لمكافحة الجريمة الماليّة وتعزيز فعاليّة نظام مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بما يتماشى مع الاستراتيجيّة الوطنيّة لمُكافحة هذه الجريمة، وخطّة العمل الوطنيّة لدولة الإمارات.
ولكن وفي أحدث التّقارير، أقرّ المكتب التّنفيذي لمواجهة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في الإمارات علنًا، ولأوّل مرّة، بتلقّيه رقمًا صادمًا للطّلبات الدوليّة بالتّحقيق بجرائم غسيل أموال في الدولة وهو ما جعل بعض التّقارير الصحفيّة تَصف الإمارات بأنّها تعدُّ الوَجهة العالميّة الأولى للفاسدين ورجال العصابات.
وكَشفت وسائل إعلام إماراتيّة رسميّة أنّ طلبات التّعاون الدْولي الصّادرة شهدت زيادة مطّردة، ليبلغ عددها ما يزيد على 200 طلب، في حين واصلت الدولة عمليّات التّحقيق في جرائم غسل الأموال في حوالي 270 قضيّة، وصادرت ما يزيد على 3 مليارت درهم من المتحصّلات غير المشروعة.
وكان مركز الديمقراطيّة للشفافيّة (DCT)، سبق وأن وصف دولة الإمارات بأنّها أكبر جنة إجراميّة في العالم في ظلّ توفيرها ملاذًا آمنًا للتّهرب الضريبي وجذب أموال الفاسدين، داعيًا إلى تحرّك دولي حازم ضدّ أبوظبي.
وقال المركز في دراسة بحثيّة إنّ الإمارات أقامت عشرات المجالات خارج القانون لكسب مبالغ ضخمة من المال، مضيفًا أنّ واقع الفساد في الإمارات يعزّز واقع نظامها الحاكم المستبد وحالة الملكية ،
والعام الماضي تمّ إدراج الإمارات على “القائمة الرماديّة” من قبل مجموعة العمل المالي (فاتف)، وهي منظمة عالمية لمراقبة الجرائم المالية. وفقًا لوصف المركز.
والمحصّلة هي أنّ أبوظبي تواجه مراقبة متزايدة لجهودها في مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
وفي مطلع العام الجاري، أدرج الاتّحاد الأوروبي، دولة الإمارات على القائمة السوداء لغسيل الأموال في ظلّ تورّطها بأنشطة ماليّة مشبوهة ودعم للإرهاب فضلاً عن احتضانها زعماء عصابات المخدّرات.
كما رصد المجهر الأوروبي لقضايا الشّرق الأوسط تقريرًا لمركز دراسات أوروبي أكّد أنّ كبار المسئولين في الإمارات يتورّطون في جرائم غسيل أموال وغضّ النّظر عنها.
وقال المجهر الأوروبي أنّ التّقرير المذكور يُضاف إلى سلسلة طويلة من تقارير أوروبيّة ودوليّة تصف الإمارات بأنّها ملاذ جرائم غسيل الأموال ودعم جهات مشبوهة.
وقال مركز الديمقراطيّة للشفافيّة (DCT) إنّ المبالغ الكبيرة من المعاملات النقديّة والتّحويلات بين الدّول في دولة الإمارات وحكّامها الأثرياء، بالإضافة إلى مُحيطها الجغرافي لعدد من البلدان التي تُزعزع استقرارها بسبب النّزاعات، تجعل الدولة بيئة مثاليّة لجذب غسيل الأموال.
وذكر المركز أنّه على الرّغم من أنّ السّلطات الإماراتيّة لديها الأدوات المناسبة والمعرفة التقنيّة لقمع هذه الأنشطة الإجراميّة ومكافحة غسيل الأموال، فإنّها غالبًا ما تختار غضّ الطّرف، في ظلّ شبهات واسعة بتورّط كبار المسئولين.
لا شكّ وأنّ هذه الجرائم تُسيئ إلى صورة الخليج، وتقطع الطريق على المستثمرين الشّرفاء والشباب الطامح، وتجعل الأسواق ملاذًا آمنًا للّصوص ومموّلي الإرهاب، وهي ليست إساءة لسمعة الإمارات فقط، ولكنّها تنطوي على ضرر بالغ للمواطنين.