(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
لا شك أنّ العلاقات الإماراتيّة السعوديّة هي رمّانة الميزان في قوّة مجلس التّعاون الخليجي وثقله الاستراتيجي وإنّ أي خلَل في هذه العلاقة يؤثّر بالسّلب على المجلس من جهة وعلى أمن كلّ من البَلدين.
ورُغم تَواتر الشّواهد التي تُفيد بمرور العلاقات السعودية الإماراتيّة بحالة من التوتّر والجَفاء، إلّا أنّ القضيّة لم يُلقِ عليها الضّْوء الكَافي واللّائق بأهميّتها وخطورتهاـ إلّا مؤخّرًا، وخاصّة، بعد تقرير صحيفة "وول ستريت جورنال"، والذي كشف عن تصاعد حدّة الخِلافات بين البَلدين بشأن عدّة ملفّات، أبرزها اليَمن والنّفط وغيرها.
وكانت هناك شواهد لافتة منها، غياب قادة البَلدين عن المشاركة في الأحداث التي استضافاها مؤخّرًا، مثل قمّة قادَة الشّرق الأوسط التي عُقدت في أبوظبي في يناير الماضي وغاب عنها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان رُغم حضور حكّام الأردن ومصر وقطر وغيرهم فيها، وقبلها بنحو شهر، غاب كبار قادة الإمارات عن القمّة الصينيّة العربيّة التي عُقِدت في الرّياض.
وقد أشار تقرير الصّحيفة إلى أنّ هذا "التّجاهل المُتبادل" كشفت عن تصاعد حدّة الخِلافات بين البَلدين الجَارين.
ولعلّ مُجمل التّقارير الرّاصدة لهذا الخِلاف تَذهب إلى أنّه تدرّج في حدّته إلى أنْ تعاظَم ليظهر إلى العَلن، بينما ذهبت تقارير غربيّة إلى أنّ الخلاف هو الطبيعي وأنّ ما حدث هو انتهاء لفترة من التّحالف المؤقّت الذي أعقب فترة "الرّبيع العربي"، حيث التّوافق هو الحالة الشّاذة!
ولا شكّ أنّ هناك اختلافات استراتيجيّة جديدة ، لا سيّما فيما يتعلّق بالعَمل المُناخي والتدخّلات في الصّراع الإقليمي وهو ما يُمكن أن يُعرقل العمل العربي عامّة والخليجي خاصّة ناهيك عن خطورة ذلك على الأمن القومي.
ولعلّ التطوّر التّدريجي للخلافات رصدَها مسؤولون إماراتيون، حيث قالوا إنّ الخلاف مع الرّياض بدأ بعد مقتل الصّحفي السعودي جمال خاشقجي عام 2018 على يد عملاء للحكومة السعوديّة، الأمر الذي جعل الإماراتيين يُعيدون النّظر في مدى قُربهم من الرّياض.
وفي عام 2019، شعرَ السّعوديّون بالتّخلّي عنهم في اليَمن عندما بدأت أبوظبي في سحب قوّاتها، وبعدها زادت الخلافات على خلفيّة عقد الإمارات صفقة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وذكر مسؤولون ودبلوماسيون سابقون أنّ المُصالحة السّريعة بين الرّياض والدّوحة بعد ذلك أزعجت أبوظبي، التي دفعت في الأصل لعزل قطر وأرادت مواصلة الحصار.
كذلك أفادت التّقارير الصحفيّة بأنّ السعوديين عمدوا لتشجيع الشّركات الأجنبيّة على نقل مقرّاتها الإقليميّة إلى المملكة، متحدّيَةً بذلك مكانة دبي، المدينة الإماراتيّة التي تُعدّ مركز الأعمال الدّولي في الشّرق الأوسط.
وفي الشّهر الماضي، رتّبت الإمارات مُكالمة هاتفيّة بين قادة قطر والبَحرين، بعد سنوات من الفتور في العلاقات، كمُحاولة للَعب دور الوسيط الإقليمي، الذي كان محجوزًا في السّابق للمملكة العربيّة السعودية.
وكان "الرّبيع العربي" هو الذي حسّن الديناميكيّة السعوديّة الإماراتيّة. حيث دفعت الانتفاضات البَلدين إلى التّعاون في إعادة تأكيد السّيطرة في جميع أنحاء المنطقة ، سعياً إلى دَحر المَكاسب التي رأى القادة السعوديون والإماراتيون أنّها تعود على الجماعات الإسلاميّة المَدعومة من إيران أو قطر. وفقًا لتَقرير معهد بيكر.
ويرى مؤلفا تقرير معهد بيكر أنّه، لطالما نظَرت الإمارات إلى المملكة العربيّة السعوديّة على أنّها من بَين أكبر التّهديدات الأمنيّة. وأنّ العلاقات بين البَلدين، على الرّغم من كَونها ودّية ظاهريًا، فقد كان لها توتّر كامن.
هذه الرّؤية الغربيّة للخِلافات تَقرع أجراس الخَطر في الخليج ، حيث لا تُشكّل خطَرًا فقط على وحدة الخليج، بل تُشكّل خَطرًا على أمنِه القَومي.
وهو ما يَحتاج لمُراجعة ترفَع من شأن المصالح المُشتركة ودفع الشّبهات التي بدأت بعض مراكز الدّراسات في الغرب ترويجها من أنّ التّنافس حاليًا هو على التّطبيع وجَني ثِماره دوليًّا عَبر رضا المؤسّسات الأُمَمية والماليّة.