(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
منذُ أيّام وتحديدًا في 26 مارس، مرّت ثمان سنوات على الحرب في اليَمن، لتدخل الحرب عامَها التّاسع، بعد سقوط أكثر من 400 ألف قتيل، وصدور تقرير دولي حديث يقول أنّ طفلا يمنيًّا يموت كلّ عشر دقائق على خلفيّة تداعيّات الحرب.
ورُغم أنّ هناك مُحاولات للتَهدئة وبَشائر للتّسويّات، إلّا أنّ صواعق التّفجير موجودة واحتمالاتها لا يُستهان بها، وخاصّة مع التّعقيدات السياسيّة والجيوسياسيّة وتداخل أطراف متعدّدة بالمَلف.
ورُغم أنّ ملامح التّقارب والتّطبيع بين السعوديّة وإيران برعاية صينيّة، جعلت الكثيرين يستبشرون بانعكاسات إيجابيّة على ملف الحرب باليمن، باعتبارها قضيّة من أكبر قضايا الخلاف السعودي الإيراني، إلّا أنّ الخلاف السعودي الإماراتي في نفس المَلف يَجعل هناك تردّدًا في التّفاؤل بحلّ قريب، أو على الأقل حلّ يَسير دون انعكاسات على الداخل اليمني تُعيد الأمور للتّصعيد وتُحبط السّلام في الدّاخل.
ولعلّ المَشروعات المُتباينة بين السعوديّة والإمارات داخل اليَمن رُغم التّحالف المُعلن، هي التي أحبطت وتُعرقِل الحلول السريعة للأزمَة، بسبَب تعدّد الولاءات في الدّاخل اليَمني بين ميليشيات موالية لكلّ من الإمارات والسعوديّة، وبالتّالي فإنّ الحلّ في اليَمن يبدو مُرتبطًا بحلٍّ للخلافات السعوديّة الإماراتيّة أوّلًا والاتّفاق على رؤية أو تَسوية بينيّة قبل التّفاوض مع الحوثيين.
ولعلّ السعوديّة تَرى لإيران تأثيرًا على الحوثيين، ولكنّها يجب أن تُدرك أنّ التّأثير لايتعدّى الصّداقة والدّعم السياسي ولا علاقة له بالقرارات الاستراتيجيّة والتي هي حصرًا بيَد اليَمنيين، وبالتّالي يُمكن لإيران لعِب وساطة متقدّمة وازنة مع أصدقاء وليس إملاءات على تابعين، وهي نُقطة فاصلة يجب على السعوديّة استيعابها والعمل من خلالها لعدَم إهدار الوَقت والجهد والفرص المُتاحة للتّسويات.
أمّا بخصوص التّفاهم السعودي الإماراتي، فيبدو أنّه في حالة سيئة للغاية، حيث تُفيد أحدث التّقارير بتحرّكات وتحرّكات مُضادّة على الأرض في الجَبهات تُنذر بصِراع مسلّح بينَ أتباع السعوديّة والإمارات في الدّاخل.
وفي تقرير نشرَه مركز الإمارات للدّراسات والإعلام “إيماسك“، قال المركز، أنّ خلافات الإمارات والسعوديّة في اليَمن تتّسع بشكلٍ كبير وعَلني، وكان واضحًا في عدد من المُحافظات، ولاسيّما في المواقع والمدن الاستراتيجيّة المهمّة في البلاد.
وسلّط المركز الضّوء على أحدث تلك الخِلافات، حيثُ نقلَ عن مَصدر يَمني مسؤول، أنّ السعودية بدأت عمليّة تجنيد جديدة في محافظة أرخبيل سقطرى الواقعة في المحيط الهندي قبالة سواحل اليمن الجنوبيّة.
ونَقلَ التّقرير عن المَصدر قولَه أنّ زيارة وزير الدّفاع اليمني (في الحكومة الموالية للسعوديّة) الفريق الرّكن محمد الدّاعري، ورئيس أركان الجيش الفريق صغير بن عزيز، إلى سقطرى برفقة قائد قوات الدّعم والإسناد بالتّحالف اللّواء سلطان البقمي، منذُ أيّام، هدفها "تَجنيد المئات من شباب الجزيرة" ضِمن قوّات "درع الوطن" التي شكّلت حديثًا بقرار من رئيس مجلس القيادة الرّئاسي، أواخر كانون الثّاني/ يناير الماضي.
كما أضاف المَصدر أنّ العمليّة تقتَضي أيضًا ضمّ قيادات عسكريّة في الجَيش اليَمني في هذا التّشكيل في سقطرى، مؤكّدًا أنّ هناك إقبالًا كثيفًا للإلتحاق والتّسجيل بهذه القوّات التي تُشرف السعوديّة على تَسليحها وتَمويلها.
كما تَداولت تَقارير أُخرى أنّ القوّات السعوديّة بدأت تدريبات عسكريّة واسعة في قاعدتها العسكريّة التي أنشأتها مؤخّراً بالقُرب من مطار سقطرى بمدينة حديبو، والتي تُعدّ الأولى من نَوعها بالنّسبة لتِلك القوّات.
وأرجع المراقبون هذه الخطوات إلى أنّها تَرتيبات سعودية لتأسيس قوّة موازية للفصائل الإماراتيّة، ضِمن استعدادات للقوّات السعوديّة المُتمركزة في سقطرى وقوّات درع الوطن للانتشار في المواقع الاستراتيجيّة في الجزيرة خصوصاً مع دعمها حملة تَجنيد تحت غطاء الإصلاح.
هنا تبدو نذر اندلاع صراعات مسلّحة بين السعوديّة والإمارات بالوكالة على الأرض اليمنيّة وهو ما يُطيل الصّراع ويُعرقِل مُحاولات الحلول والجهود الدوليّة والإقليميّة، وهو لا يَحمل خرابًا لليَمن وحدَه، بل يحمل خطرًا على الإمارات والسعوديّة وكامِل الأمن القومي الخَليجي.