(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
في الوقت الذي تجري فيه المملكة العربيّة السّعودية مفاوضات واسعة النطاق لحلّ النزاع الأوكراني- الروسي، حيث تستضيف مدينة جدة مفاوضات مفتوحة لهذا الهدف، في اجتماع موسّع يضمّ ممثلين عن 30 دولة- بحسب وكالة الأنباء الدولية رويترز- قامت السّفارة السّعودية في لبنان بتحذير رعاياها من التواجد أو الاقتراب من المناطق التي تشهد نزاعات مسلّحة، مطالبة مواطنيها بمغادرة الأراضي اللبنانيّة بسرعة، من دون بذل أي محاولات للتدخّل لاحتواء الموقف.
فقد قامت عدّة دول خليجيّة باتباع المملكة في تحذيرها، حيث نبّهت السّفارة الكويتيّة في لبنان، أيضًا، رعاياها بالتزام الحيطة والحذر والابتعاد عن مواقع الاضطرابات الأمنيّة، كما دعتهم إلى التقيد بالتعليمات الصادرة عن السّلطات المحليّة المختصّة. كما أعلنت وزارة الخارجيّة البحرينيّة أنّ المملكة طلبت من مواطنيها مغادرة الأراضي اللبنانيّة بسبب "النزاع المسلح"، وذلك حفاظًا على سلامتهم. وكذلك دعت السّفارة القطريّة في بيروت رعاياها إلى تجنّب مناطق الاضطرابات الأمنيّة.
في هذا السّياق؛ لا بدّ من التوقف عند عدّة ملاحظات:
1- هناك تباين في لهجة البيانات الصادرة، حيث يُطالب البيان السّعودي، وكذلك البحريني، رعاياهما بالمغادرة الفورية للبنان، من دون توضيح مقنع للمسوّغات، بينما جاءت بيانات الكويت وقطر لتطالب باتخاذ الحيطة والحذر فقط.
2- غابت دول خليجيّة أخرى عن المشهد، مثل الإمارات وسلطنة عمان، ولم يطالبا رعاياهما بشئ، وهو أمر لافت يشي بغياب تنسيق خليجي أو رؤية أمنيّة موحّدة، أو حتى تبادل للمعلومات.
3- انفردت السّعودية، ومن حذا حذوها، بهذه التحذيرات ولم تطالب دول أخرى من العالم رعاياها بشئ، وعلى رأسها الولايات المتّحدة الأميركيّة صاحبة الباع الطويل في الاطلاع والرصد ومراقبة الوضع في لبنان.
4- اتجهت التفسيرات للخطوة السّعودية باتجاه الاشتباكات التي يشهدها مخيّم "عين الحلوة"، وهو لا يسوّغ طلب مغادرة الرعايا على الفور، بسبب محدوديّة نطاق الاشتباكات. وهو ما وجّه الانظار وبعض المنابر الإعلاميّة لتوقع سيناريوهات أخرى وتضخيمها. وهو ما أثار القلق، وكانت له تداعيات سلبيّة عند الشعب اللبناني الشقيق المفترض للشعب السّعودي، وهو ما كان بحاجة لمزيد من التوضيح السّعودي مراعاة للعلاقات الأخويّة بين الشعبين.
الأمر الأهم هنا، هو غياب الدّور السّعودي والخليجي الملحوظ، في القضية الفلسطينية، ففي حين تقوم السّعودية بمبادرات للوساطة في السّودان وفي أوكرانيا، غابت المبادرات عن فلسطين والتوسط بين الفصائل لاحتواء النزاع والاشتباكات، وهو ما يعني أحد أمرين لا ثالث لهما:
الأول: إما غياب التأثير والنفوذ السّعودي والخليجي على الفصائل والفرقاء الفلسطينيين.
الثاني: إمّا غياب القضية الفلسطينيّة عن أولويات السّعودية والخليج، وعدم الاهتمام بها.
هذا المشهد فتح الباب، أيضا، لتوجيه اتهامات للسعوديّة والدّول الخليجيّة بأنّها تساعد على تأزيم الوضع، وبثّ القلق وخدمة سيناريو الفوضى في لبنان، وهو أمر لا بدّ من الالتفات إليه، ومراجعته حتى لا تسوء العلاقة بين الشعوب الشقيقة.