(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
في يناير/كانون الثاني الماضي، تواترت التقارير عن مسارعة الإمارات لاستكمال بناء القاعدة العسكرية في جزيرة عبد الكوري الواقعة في محافظة سقطرى الخاضعة لسيطرة قوات اليمن الانفصالية المعروفة في المجلس. وأظهرت صور الأقمار الصناعية البدء في وضع طبقة الأساس في مدرج القاعدة، تمهيداً لتعبيده، ورصدت تطورات طالت مصف الطائرات الرئيسي الجديد الذي جرى تعبيد منطقة بجانبه، تمهيداً لبناء ما يرجّح أن يكون مخازن عسكرية أو مباني لوجستية، إضافة إلى إنشاء مناطق عمال ومبانٍ حديثة في شرق القاعدة.
وحاليًا؛ وفي سرية تامة، تنخرط الإمارات في حملة أمريكية إسرائيلية مشتركة لحماية الشحن البحري إلى إسرائيل والتصدّي لهجمات جماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن. وذلك وفقًا لما كشفته مصادر دبلوماسية، عن بدء الولايات المتحدة وحلفائها، في تل أبيب وأبوظبي، في نصب أنظمة دفاع جوي في خليج عدن في خطوة تشير إلى توجّه لسحب البوارج الأمريكية والبريطانية التي تتعرض بصورة مستمرة لهجمات شبه يومية.
كما أفادت مصادر عسكرية يمنية بأنّ القوات الإماراتية والأمريكية تجري منذ أيام تركيب منظومة دفاع جوي، من بينها باتريوت والقبة الحديدية للاحتلال، إضافة إلى أجهزة رادارات للإنذار المبكر، وذلك في جزيرة عبد الكوري اليمنية القريبة من باب المندب. ورأى المراقبون أنّ تركيب هذه المنظومات يأتي ضمن خطط تأمين الملاحة لـــــ"إسرائيل"، والتي تقودها الولايات المتحدة وبريطانيا حاليًا في البحرين العربي والأحمر إلى جانب خليج عدن.
وكانت منصة "إيكاد" الألكترونية قد كشفت عن تحركات إماراتية مشبوهة على الجزيرة المهجورة، بينها نقل كمية كبيرة من العتاد العسكري. ونشرت المنصة صورًا للأقمار الصناعية، التقطها "موقع بلانت"، وتظهر نشاطًا محمومًا لسفينة شحن إماراتية تعرف بـــــ"تكريم" بين أبوظبي وعبد الكوري إضافة إلى جزيرة سقطرى، والتي تتخذها القوات الإماراتية والأمريكية والإسرائيلية قاعدةً متقدمةً في بحر العرب. كما أظهرت الصور، أيضًا، إنشاء لسان بحري على عدة أميال لاستقبال الشحنات الجديدة.
هذه الخطوات الخطيرة تناولتها التقارير الصحفية ووسائل التواصل الاجتماعي بوسوم غاضبة. إذ قال الصحافي والناشط اليمني البارز أنيس منصور إن الإمارات و"إسرائيل" قامتا بإنشاء قاعدة عسكرية واستخباراتية، في جزيرة "عبد الكوري" الواقعة ضمن أرخبيل جزيرة سقطرى في المحيط الهندي، والتي تبلغ مساحتها 133 كم مربع. كما أطلق نشطاء في اليمن حملة إلكترونية تحت وسم "احتلال جزيرة عبد الكوري اليمنية" للتنديد بأعمال مكثّفة تجري في الخفاء لإنشاء قاعدة عسكرية استخباراتية إماراتية وإسرائيلية في جزيرة عبد الكوري.
ولفت الصحافي إلى أن عمليات إنشاء القاعدة جاءت بعد سماح وزير النقل، في حكومة "معين" المحسوب على الانتقالي، بإنشاء مهبط طيران محلي للمروحيات، قبل أن يتطور الأمر إلى عمل مطار مع لسان بحري وإنزال معدات ثقيلة وأجهزة اتصالات استخباراتية، بالإضافة إلى استقدام قوات إسرائيلية وإماراتية إلى الجزيرة من دون علم القيادة.
هذه الخطوات الإماراتية تأتي إلى جانب خطوات إنشاء الجسر البري الذي يلتف على الحصار البحري الذي فرضه الحوثيون على "اسرائيل"، وهو ما يؤكد أن الأمر تخطى كثيرا مسألة التطبيع والاتفاقات الإبراهيمية، ووصل إلى مستوى تحالف عسكري صريح مع "إسرائيل".
والأخطر من ذلك؛ أن هذا يؤثر على دول أخرى، حيث يعطي ذلك وجاهة لبعض التحليلات التي تقول إن تعاون الإمارات مع مصر لإنقاذ اقتصادها المأزوم يأتي ثمنًا لتنازلات مصرية في ملف التهجير وسط تقارير وصور لأقمار صناعية ترصد تجهيزات داخل الحدود المصرية لاستقبال نازحين فلسطينيين قبيل معركة رفح التي يلوّح بها نتنياهو.
هنا تدخل الإمارات نفسها وأمن الخليج كله في مرحلة جديدة، تستبدل جميع عناصر الأمن القومي العربي والخليجي بعناصر جديدة مستوردة من أمن "إسرائيل"، وهي ليست مجرد خيانة للعروبة وللثوابت، ولكنّها تغير لقواعد اللعبة وتعريض المنطقة كلها للاشتعال.