(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
بات التغلغل الصهيوني في الإمارات يشكّل خطرًا جسيمًا، ليس على الإمارات وحدها؛ بل على الدول العربية والإسلامية، بعد أن أضحت الإمارات قاعدة لإنطلاق الجواسيس مثلما كشفت عدة تقارير مؤخرً.
في أحدث تلك التقارير، أعلنت الشرطة الماليزية اعتقال إسرائيلي، يبلغ من العمر 36 عامًا، في أحد فنادق العاصمة كوالالمبور، يشتبه بقيامه بأنشطة تجسسيّة. وأظهرت التحقيقات أن الإسرائيلي عثر بحوزته على ستة أسلحة نارية و200 رصاصة، وقد وصل إلى مطار كوالالمبور الدولي قادمًا من الإمارات في 12 آذار/ مارس، مستخدمًا ما تعتقده السلطات جواز سفر فرنسي مزيف. كما أكدت الشرطة الماليزية أنها تحقق في احتمال أن يكون الرجل عضوًا في المخابرات الإسرائيلية، على الرغم من ادعائه دخول ماليزيا لمطاردة مواطن إسرائيلي آخر بسبب نزاع عائلي.
والعلاقات بين الموساد ودولة الإمارات لم تبدأ منذ التطبيع الرسمي تحت لافتة الاتفاقات الإبراهيمية؛ بل منذ وقت بعيد، إذ كشف ديفيد ميدان، الرئيس السابق لقسم "تيفيل" في الموساد والمسؤول عن العلاقات الخارجية مع المنظمات والدول المماثلة التي لا تربط "إسرائيل" بها علاقات رسمية، تفاصيل بداية العلاقات. ونشرت وكالة سبوتنيك الروسية، في وقت سابق، حوارًا معه يوضح به هذه التفاصيل. وما جاء في حوار ديفيد، أن العلاقة بدأت في أواخر العام 2005 - أوائل العام 2006. وقبل ذلك، التقى مسؤولون إسرائيليون من حين لآخر بنظرائهم الإماراتيين، وقال إن مسؤولي المخابرات رأوهم في عدة بلدان، في مؤتمرات قمة أو اجتماعات، والتقوا بسفرائهم، لكن لم يكن هناك شيء جاد.
لم تبدأ العلاقة الجادة حتى العام 2006، عندما خاطب رئيس الوزراء آنذاك، أرييل شارون، رئيس الموساد مائير دغان وكلفه بمهمتين؛ كانت الأولى هي التصدي للتهديد الإيراني -بسبب الشكوك حول تطوير الجمهورية الإسلامية لأسلحة دمار شامل- وجوهر المهمة الثانية هو إقامة روابط مع الدول السّنية المعتدلة في المنطقة. وأضاف ديفيد أن الإمارات كانت واحدة من الدول التي ركز الموساد عليها، لكنها لم تكن الدولة الوحيدة، وبمجرد أن أقام الموساد اتصالات معها، بدأ التواصل، وكان كل شيء في الخفاء، وجرى التأكيد على عدم تسرب أي معلومات للصحافة.
وقال ميدان إن من بين كل دول الخليج، كانت الإمارات الأكثر جرأة، ومع أن كل شئ جرى في الخفاء، إلّا أنهم لم يكونوا خائفين. لقد فهموا بالفعل "مزايا إسرائيل" وسمحوا بالاتفاقيات التجارية، وفقًا لقوله. وأضاف ميدان أنه عرف الإمارات لسنوات عديدة، خلال رحلاته العديدة إليها، والتقى مع معظم المستويات الحكومية العليا في الدولة، ومنهم الزعيم الحالي وإخوته.
وممّا لا شك فيه أن التغلغل الصهيوني، وخاصة تغلغل الموساد، تطور كثيرًا، حيث عمد على مدار سنوات إلى إحكام قبضته على الأمن الداخلي لدولة الإمارات، لكن الأمر تضاعف بشدة منذ توقيع اتفاقية إشهار التطبيع بين أبوظبي و"إسرائيل".
ووفقًا للتقارير الصحفية، فقد لجأ الموساد إلى استخدام شركة الأمن السيبراني الإسرائيليةXM Cyber، ليزيد من تغلغل نفوذه داخل الإمارات، عبر بيع منتجات الأمن السيبراني لحماية الغاز والنفط والبنى التحتية المالية والمطارات. وبعد توقيع اتفاقيات إبراهام وتطبيع العلاقات بين "إسرائيل" والإمارات والبحرين، وقّعت XM Cyber ، والتي تتبع رئيس الموساد السابق تامير باردو، اتفاقية تعاون مع شركة Spire Solutions ومقرها دبي. بالإضافة إلى ذلك، ستتعاون XM Cyber مع Rafael Advanced Defense Systems وكونسورتيوم جديد جرى إنشاؤه لتوقيع عقود مع شركات في الخليج في مجال البنى التحتية للغاز والنفط.
وبحسب صحيفة "غلوبس" الإسرائيلية، شركة XM Cyber ستساعد في هذه المرحلة في العمل مع الدولتين الوحيدتين في الخليج اللتين وقّعتا على اتفاقيات إبراهام، الإمارات العربية المتحدة والبحرين. كما باتت "إسرائيل" تسيطر على أمن الإمارات بعقود مالية ضخمة بفضل اتفاقيات علنية وأخرى سرية، وقّعتها مع نظام الحكم في أبوظبي، وشكّل الكشف عن أن طائرات مسيّرة إسرائيلية تحمي حقول النفط ومنشآت البنية التحتية في الإمارات فصلاً صغيرًا في ما هو أعظم بشأن منح الإمارات للكيان الإسرائيلي السيطرة على أمن الدولة. وذكرت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية أن عمليات المراقبة تشمل حقول النفط ومزارع الطاقة الشمسية ومنشآت البنية التحتية الأخرى، بهدف العثور على عيوب بنيوية ومشكلات تتعلق بالأمن والسلامة.
وبحسب الموقع، الطائرات المسيّرة تعمل في كل ساعات اليوم، وفي ظروف الحرارة الشديدة. وتقوم بتفحص مساحات واسعة بشكل ثابت، ومن دون الحاجة لتدخّل بشري. كما استعانت الإمارات بشركة إسرائيلية متخصصة في الطائرات المسيّرة لخفض زمن استجابة الأجهزة الأمنية لحالات الطوارئ، وفقًا للإعلام الإسرائيلي.
كما ذكر موقع "إسرائيل ديفنس" الإسرائيلي أن شرطة دبي استعانت بشركة (Aerobotics) الإسرائيلية المتخصصة بالطائرات المسيّرة. وأوضح أن شرطة دبي اختارت نظام (Aerobotics) الذي طوّرته الشركة الإسرائيلية للدمج المنتظم للطائرات المسيّرة في الأنشطة الأمنية. كما جرى اختيار المعرض العالمي إكسبو، ليكون الحدث الافتتاحي لهذا التعاون، وهو معرض دولي يقام مرة كل أربع سنوات.
هذه التقارير، مع التقارير الأخرى، تفيد بوجود مستشارين أمنيين صهاينة لمراقبة المواطنين والوافدين هو خطر كبير على الأمن القومي الإماراتي والخليجي والعربي ككل. وبعد ثبوت العداء ونوايا العدو في تصفية القضية، وما يشنّه من حرب إبادة للشعب الفلسطيني، فقد وجب إنهاء هذه العلاقة أمنيًا وأخلاقيًا وبشكل فوري.