(أحمد شوقي \ راصد الخليج)
وسط احتدام المعارك وتصاعد المواجهات وتمادي الكيان الإسرائيلي في العدوان وارتكاب المزيد من الجرائم في غزة والضفة ولبنان، تأتي أخبار وتقارير اقتصادية تفيد بمزيد من التعاون الإسرائيلي مع الإمارات. هذا يطرح سؤالًا غاضبًا مفاده: ما هي مصلحة الإمارات في هذا الاصطفاف المعادي لشعوب الأمّة وأمنها القومي؟
في أحدث هذه الحلقات، من مسلسل استفزاز الشعوب وخرق الأمن القومي العربي ومن ضمنه الخليجي، في دعم الاقتصاد الصهيوني؛ أفادت التقارير، في 13 آب /أغسطس الجاري، بأنّ شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية "IAI" تسعى لتنفيذ خطة بهدف التواجد في العاصمة الإماراتية أبوظبي، حيث ستحوّل طائرات إماراتية إلى طائرات شحن. ووفقًا للبلومبيرغ، هذه الخطوة تسلط الضوء على التزام الإمارات ببناء علاقات مع "إسرائيل "حتى مع تصاعد التوترات في المنطقة.
نقل عن شموئيل كوزي، وهو نائب الرئيس التنفيذي للقسم الجوي في الشركة التي تقدم خدمات الصيانة والإصلاح الشامل للطائرات، قوله إنّه من المقرر تحويل 10 طائرات بوينغ 777 من أسطول طيران الإمارات إلى طائرات شحن في حظيرتين، بدءًا من تشرين الأول/ أكتوبر المقبل. وهذه الشركة الإسرائيلية قد وقعت صفقة مع طيران الإمارات لتحويل أربع طائرات، في العام 2021، وكان ذلك من النتائج الأولى لتطبيع العلاقات بين الإمارات و"إسرائيل".
في هذا الصدد؛ نودّ مناقشة عنوانين رئيسيين:
1- ماهية شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية ودورها في العدوان وحرب الإبادة في قطاع غزة.
2- البدائل المتاحة للإمارات، والتي تكفل لها الاستغناء عن هذا التعاون، خاصة وأنّها استحوذت على شركة جورامكو الأردنية التي تعمل في المجال نفسه؛ بل وكان لها السبق في العمل في منطقة غرب آسيا (الشرق الأوسط).
أولًا- شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية ودورها العسكري في العدوان
شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية هي شركة مملوكة للدولة، واسمها "إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء" أو (Israel Aerospace Industries) ومختصرها (IAI)؛ وهي تنتج أنظمة جوية لكلا الاستعمالين العسكري والمدني. تمتلك 16,000 موظف ابتداءً من العام 2007. هذا بالإضافة إلى التصنيع المحلي للطائرات المقاتلة تصنع المؤسسة طائرات مدنية أيضًا، ويؤدي أعمال الصيانة المحليّة للطائرات المصنعة أجنبيًا والطائرات المدنية. كما تعمل الشركة على عدد من أنظمة هندسة الطيران والقذائف.
في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر العام 2006؛ غيّرت صناعات الطيران الإسرائيلية (Israel Air-craft industries)المحدودة («آي إيه آي») أو (IAI) اسمها المتعلّق بالشركات رسميًا إلى إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء (Israel Aerospace industries)المحدودة. وقد كان الغرض من تغيير الاسم يعكس دقّة أكثر، ويعكس المجال الحالي لفعاليات المؤسسة في الإطار الحربي والمدني التي تتضمن، اليوم، ليس الطائرات طائرات من دون طيار مثل أيتان أو طائرة بطيار أو صواريخ مثل الصاروخ الحامل شافيت وحسب، لكن أيضًا أنظمة وأقمار صناعية مثل "ساتل أفق" (قمر صناعي) للأغراض المدنية أو التجسس وقاذفات، بالإضافة إلى الأنظمةِ البحرية والأرضية.
ثانيًا- البدائل المتاحة واستحواذ الامارات على جورامكو
شهد ذراع الشحن التابع لشركة طيران الإمارات زيادة في البضائع المنقولة، في العام 2023. وشكّل ذلك 11 في المئة من إجمالي إيرادات شركة الطيران التي تتخذ من دبي مقرًا لها. وقدمت طيران الإمارات طلًبا بقيمة مليار دولار لشراء خمس طائرات شحن من طراز بوينغ، في يوليو/ تموز، لتلبية الطلب المتزايد.
اللافت أنّ الإمارات لديها بدائل لتلبية هذه الطلبات؛ ومنها شركة كبرى استحوذت عليها الإمارات وهي شركة جورامكو الأردنية، وهي من الشركات العملاقة. ففي أيلول/ سبتمبر 2016، أعلنت "دبي لصناعات الطيران المحدودة" توقيع اتفاقية نهائية للاستحواذ على 80% من الشركة الأردنية لصيانة الطائرات (جورامكو)، ولم يُكشف عن بنود هذه الصفقة. والشركة الأردنية لصيانة الطائرات (جورامكو) أسست في العام 1963، وتحظى اليوم بمكانة بارزة، مثل شركة رائدة مستقلة تقدم خدمات صيانة وإصلاح وتجديد الطائرات التجارية لمجموعة واسعة من العملاء في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا وجنوب آسيا وأفريقيا وروسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة.
بعد الصفقة تحولت الملكية، وأصبحت الشركة ذات المسؤولية المحدودة التي يملكها القطاع الخاص إلى حصص ملكية مختلفة، تشمل حصة 80 في المئة٪ لشركة أبراج كابيتال (الإمارات العربية المتحدة)، وخطوط الملكية الأردنية الجوية (20 ٪). وفي آب/ أغسطس 2023، أبرمت شركتا «بوينغ» والشركة الأردنية لصيانة الطائرات (جورامكو) اتفاقية لإنشاء خط جديد لتحويل طائرات الركاب من بوينغ إلى طائرات شحن في العاصمة الأردنية عمّان. بذلك أصبحت جورامكو أول مقدِّم لخدمات الصيانة والإصلاح والتجديد في الشرق الأوسط يدعم تحويل طائرات الركاب المحلية والأجنبية من بوينغ إلى طائرات شحن مستقبلًا.
السؤال هنا هو: لماذا لم تقوم هذه الشركة بتلبية الطلب الإماراتي، ولماذا ذهبت الإمارات لدعم شركة صهيونية تعمل في المجال العسكري خدمةً مزدوجة منها للاقتصاد افسرائيلي وذراعه العسكرية؟
لكن المر يبدو متسقًا مع مسار التطبيع، فمنذ "اتفاقيات إبراهام 2020"، برزت الإمارات مشتريًا رئيسًا للأسلحة الإسرائيلية، وارتفعت صادرات الأسلحة الإسرائيلية إلى الدول التي وقّعت على "اتفاقيات إبراهام" من لا شيء في تلك السنة إلى 2.9 مليار دولار في سنة 2022. وفي العام 2023، وصلت التجارة البينية إلى 3 مليارات دولار، مسجلة ارتفاعًا من 190 مليون دولار في سنة 2020..
نخشى أن تتحوّل الإمارات بهذه الممارسات إلى شريك في العدوان!