جاسر الدخيل- خاص راصد الخليج-
من المفترض ان تبدأ المملكة العربية السعودية خلال الساعات المقبلة مناورات اطلق عليها اسم «رعد الشمال» في منطقة حفر الباطن، والتي ستشارك فيها عدة جيوش عربية وإسلامية.
وكانت صحيفة "سبق" السعودية قد أكدت في وقت سابق أن التمرينات العسكرية تأتي في وقت أعلنت فيه المملكة عن رغبتها في إرسال قوات برية الى سوريا بقيادة سعودية وتركية بهدف محاربة تنظيم داعش. حيث من المقرر أن تشارك في هذه التدريبات إضافة إلى السعودية كل من مصر والإمارات والبحرين والأردن وباكستان واليمن والسودان.
وكانت شبكة «سي إن إن» الاميركية نقلت السبت الفائت، عن مصادر سعودية وصفتها بالمطلعة قولها، إن «هناك خططاً سعودية لتدريبات عسكرية كجزء من إعدادها لمكافحة تنظيم داعش في سوريا»، مشيرة الى أن «عدد المتدربين قد يصل إلى 150 ألف جندي، معظمهم سعوديون، مع قوات مصرية وسودانية وأردنية داخل السعودية حالياً».
وفيما تتضارب الاخبار عن المعبر الذي ستعبر منه هذه القوات الى سوريا هل هو الاردن او العراق او تركيا، باعتبارها المنافذ الوحيدة المتاحة اذا ما استثنينا لبنان و«اسرائيل»، فان البعض يرجح البوابة الاردنية، وان كان لهذه البوابة بعض التعقيدات باعتبار ان الوصول الى بعض مناطق داعش يمر عبر مناطق تسيطر عليها جبهة النصرة.
وعلى أي حال، فان ما تسعى اليه المملكة هو تحالف ذات طابع سني، وهو وان كان يصلح في محاربة داعش، لكنه لا يصلح للاهداف الحقيقية لهذا الحلف، اي محاربة نظام بشار الاسد والنفوذ الايراني كما تقول معظم الاوساط السعودية والاميركية. وان الحفاظ على هذا الطابع سيشعل المنطقة طائفيا.
على ان الفكرة ليست فكرة سعودية، فان الولايات المتحدة وعلى لسان اكثر من مسؤول سياسي وعسكري كانت قد ذكرت ان تشكيل تحالف(سني) لخوض حرب برية ضد داعش هو امر ضروري. لكن تبقى الاسئلة الاهم حول كل هذا الامر دون اجابات:
هل ستخوض السعودية هذه الحرب بجنودها فعلا؟ بحسب المعلومات فان نائب قائد القوات المسلحة الاماراتية الامير «محمد بن زايد»، استطاع اخيرا اقناع ولي ولي العهد السعودي الامير «محمد بن سلمان» باجراء صفقة مع «إيريك برنس» رئيس شركة بلاكووتر. وهي صفقة مشتركة بين السعودية والامارات، ولذلك كانت الامارات هي الدولة الاولى التي سارعت للموافقة على ارسال قوات برية الى سوريا.
وتقتضي الصفقة بقيام بلاك واتر يتجنبد حوالي ثلاثين الف عنصر من المرتزقة، اضافة الى قيام المملكة والامارات بمحاولة تجنيد الألاف من السوريين من مخيمات بعض الدول لقاء رواتب مغرية. على ان تبقى القيادة لهذه القوة بيد السعودية والامارات. وبحسب المعطيات فان التركيز على المرتزقة مع تطعيم القوات ببعض العناصر السعودية هو خوف السلطات من التحاق عناصر كثيرة من الجيش السعودي بداعش خاصة اذا بدأ التنظيم بشن حرب اعلامية لاستقطاب هذه العناصر. ويقول بعض مشايخ هيئة الامر بالمعروف بانه ينبغي ان نفهم الواقع بعيدا عن النكران الاعلامي، فان معظم المجندين يملكون ثقافة تسمح لهم بالانضمام الى هذه التيارات عند اول تكبيرة تصدر منهم.
هل تتحمل المملكة تكاليف هذه الحرب؟ ولا اعني يالتكاليف مجرد التاكاليف المادية فقط بل اعني التكاليف البشرية ايضا. اذ لا ينبغي ان ننسى ان المتهورين في البلاد لا يزالون غارقين في وحول حرب اليمن، وان الجنود السعوديون الذي يموتون هناك لا بواكي لهم.علما ان مجموع عدد ما سقط من الجيش والقوى الامنية السعودية منذ بدء الحرب في اليمن قد فاق ثمانماية بين ضابط وجندي ، يدفنون سرا بعيدا عن عدسات الكاميرا كما هو معلوم. هذا دون ان نحسب عدد الجرحى والاليات المحترقة. من هنا فان بعض الضباط المتقاعدين قد ارسلوا كتابا للامير محمد ن سلمان ينصحونه بعدم ارسال جنود الى سوربا لان المعدات التي يملكها الجيش اليمني وانصار الله لا تقارن بما بين يديي الجيش السوري وحلفائه.
ماذا عن التكاليف المادية للحرب؟ فاذا كانت حرب اليمن التي ترافقت مع هبوط اسعار النفط قد ادت لعجز غير مسبوق في الميزانية بلغت المئة مليار دولار، علما ان الميزانية لم تلحظ مصاريف حربية لاي عمل عسكري في سوريا، فكم سيبلغ حجم العجز في الميزانية المقبلة؟ واذا كانت الصناديق السيادية ستخدم لثلالث او اربع سنوات وفق النفقات الحالية، فكم ستخدم في حال دخلت السعودية في حرب في سوريا؟
من هنا يصر البعض على القول: كيف يمكن ان ترعد السعودية في الشمال فيما مواطنوها يئنون تحت رحمة الفقر والتقشف، وجنودها يبكون ويصرخون في الجنوب، في اليمن؟