ديفيد أوتاواي- مركز وودرو ويلسون- ترجمة: علاء البشبيشي-شؤون خليجية-
بعد مرور عامٍ على بدء قوات التحالف، التي تقودها السعودية حملتها العسكرية الرامية لكسر قبضة المتمردين الحوثيين المدعومين إيرانيًا على اليمن، يبدو أن الحرب تُوَجِّه أشرعتها صوب مفاوضاتٍ بالغةِ الصعوبة. فلأول مرة يرسل الحوثيون إشاراتٍ واضحةٍ، تُنبئ عن استعدادهم لتسويةٍ سياسيةٍ، وهو الأمر ذاته الذي أعرب عنه السعوديون بوضوح.
طريق مسدود.. ومفاوضات
من المقرر أن تبدأ المفاوضات يوم 18 أبريل في الكويت، بوساطة المبعوث الأممي، إسماعيل ولد شيخ أحمد، الذي ترأس الجولة الأولى من المحادثات الفاشلة التي استضافتها سويسرا في ديسمبر. كما وافق الجانبان على وقف إطلاق النار في 10 أبريل.
في الوقت الراهن، وصلت الحرب إلى طريقٍ مسدودٍ لصالح التحالف، في مقابل تراجع الحوثيين. لكن الدمار الذي لحق بالجارة السعودية الجنوبية الفقيرة كان مروعًا، وتلَقَّى التحالف الذي تقوده المملكة انتقاداتٍ دوليةٍ لاذعةٍ، بسبب القصف العشوائي واسع النطاق ضد الأهداف المدنية، والذي أسفر عن مقتل الآلاف.
تورط أمريكي
كما أصبحت إدارة أوباما متورطة في تقديم الدعم المادي للسعودية، في أول مغامرة عسكرية خارجية كبيرة. ذلك أن معظم العتاد الحربي السعودي مصنوع في أمريكا، فضلًا عن الدعم اللوجستي والاستخباراتي الذي تقدمه الإدارة الأمريكية، التي وافقت أيضًا على بيع قنابل وذخائر أخرى بقيمة مليار دولار ويزيد، لتزويد حملة التحالف الجوية. وإن كانت الولايات المتحدة تضغط في الوقت ذاته على المملكة للذهاب إلى طاولة المفاوضات.
حظر توريد السلاح
وتواجه كندا وبريطانيا أيضًا ضغطًا مكثفًا من الرأي العام، لوقف إمدادات السلاح إلى الرياض، فيما اتخذ البرلمان الأوروبي قرارًا غير ملزم يدعو إلى فرض حظر على توريد الأسلحة إلى المملكة. وحتى الآن، لم يضغط الكونجرس لاتخاذ خطوات مماثلة، ولا تزال محاولة السناتور الديمقراطي كريس ميرفي لبدء نقاش حول دور الولايات المتحدة، لم تكتسب الكثير من الزخم.
أضرار جانبية هائلة
خلال عامٍ من الحرب، قُتِلَ ما يربو على 6000 شخص، وشًرِّد مليون نازحٍ، يعانون من المجاعة وانهيار الخدمات الاجتماعية، وأصبحت البلاد على شفير كارثة، على حد وصف أحد مسؤولي الإغاثة في الأمم المتحدة.
كما تسبب الحوثيون وحلفاؤهم في أضرارٍ كبيرةٍ؛ جراء القصف العشوائي، سواء على المدن داخل اليمن أو بإطلاق الصواريخ ونيران المدفعية عبر الحدود باتجاه السعودية. إذ كشف المتحدث باسم التحالف، في أوائل فبراير، أن 375 مدنيًا سعوديًا، من بينهم 63 طفلًا، لقوا حتفهم جراء 40 ألف قذيفةٍ أطلقها الحوثيون. في حين بقيت خسائر قوات التحالف العسكرية سرًا، ما عدا خسائر الإمارات التي أعلن مسؤول مقتل 72 من جنودها.
انتقادات دولية
هذه الأضرار الجانبية الهائلة التي لحقت باليمن، نتيجة الحملة الجوية التي تقودها السعودية، أثارت انتقاداتٍ شديدةٍ من منظمات حقوق الإنسان الدولية والمجموعات الطبية العاملة على الأرض هناك.
بالإضافة إلى ذلك، سُرِّب تقرير أُمَمِيّ أواخر يناير، يوثق استهداف غاراتٍ جوية لمستشفيات وأسواق مفتوحة ومصانع وحفلات زفاف ومخيمات للاجئي الحرب ومناطق سكنية كاملة. كما حمَّل التقريرُ التحالفَ المسؤولية عن 60 % من القتلى والجرحى المدنيين البالغ عددهم 2682 شخصًا. وأشار التقرير على وجه الخصوص إلى 119 حالة قصف "على نطاق واسع ومنهجي"، قال إنها شكلت "انتهاكات للقانون الإنساني".
من جانبهم، نفى السعوديون بشكل منهجي قصف أهداف مدنية، وبدلًا من ذلك اتهموا الحوثيين بالمسؤولية عن ذلك. لكنهم في المقابل، منعوا جميع المحاولات الأممية والخارجية لإجراء تحقيق في هذه المزاعم.
ماذا تريد السعودية والحوثيون؟
ولن تكون مفاوضات السلام سهلة. حيث كانت السعودية تسعى للحصول على إذعانٍ من الحوثيين لقرار مجلس الأمن 2216، الذي صدر في 14 أبريل الماضي. وتطالب المملكة الحوثيين بالانسحاب من كافة الأراضي التي استولوا عليها بالقوة، وإعادة الأسلحة الثقيلة التي أخذوها من الجيش اليمني إلى حكومة الرئيس هادي المعترف بها دوليًا.
أما ما يسعى إليه الحوثيون بالضبط في التسوية السياسية فلا يزال غير واضح، لكن من شبه المؤكد أنه يتضمن إعادة النظر في خطة إقامة الدولة الفيدرالية المكونة من ست مناطق، والتي طُرِحَت في فبراير 2014. وكانت الخطة قد تركت معقل الحوثيين حبيسًا في الشمال دون الوصول إلى البحر. فيما يعتزم السعوديون قطع علاقات الحوثيين مع إيران، ومنعهم من إقامة ميليشيا مستقلة ودائمة على غرار حزب الله في لبنان.
مصير صالح
وربما القضية الملحة والأكثر حساسية، هي: مصير الحليف الرئيس للحوثيين، الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي حكم اليمن لمدة 33 عامًا قبل أن يطاح به في عام 2012، نتيجة انتفاضة.
وحتى الآن، رفض صالح عروضًا بالخروج الآمن إلى المنفى، سواء في إثيوبيا أو المغرب أو الإمارات، حيث يعيش ابنه الآن. وكما لاحظ دبلوماسي أمريكي "يحتوي الحمض النووي لصالح على البقاء والموت في اليمن".