رويترز- راصد الخليج-
اعتبر تقرير أعدته وكالة رويترز استنادا لمسؤوليين أمريكيين أن السعودية التي لديها ثالث أكبر ميزانية دفاعية على مستوى العالم بعد الولايات المتحدة والصين يظل أداءها العسكري في اليمن مرتبك، حيث كثيرا ما بدت القوات المسلحة للمملكة غير مستعدة ومعرضة لارتكاب أخطاء.
ولفت التقرير إلى اتفاق المسؤولون السعوديين والأمريكيين قبل 8 سنوات على صفقة أسلحة بقيمة قياسية بلغت 60 مليار دولار تبيع الولايات المتحدة بموجبها عشرات من مقاتلات إف-15 وطائرات هليكوبتر هجومية من طراز أباتشي وأسلحة متقدمة أخرى للمملكة، حيث أمل الجانبان أن تقوي الأسلحة السعوديين في مواجهة إيران عدوتهم اللدود بالمنطقة.
لكن بينما يقوم الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» بزيارته الأخيرة للرياض هذا الأسبوع لا تزال القدرات العسكرية السعودية قيد التطوير.
وفيما يتعلق بحرب اليمن، كثيرا ما واجهت القوات التي تقودها السعودية صعوبات لتحقيق أهدافها فأحرزت تقدما بطيئا في مناطق يحظى فيها الحوثيون المتحالفون مع إيران بدعم قوي.
ويقول محققون من الأمم المتحدة إن الضربات الجوية التي ينفذها التحالف بقيادة السعودية مسؤولة عن سقوط ألفي قتيل مدني في اليمن.
وتشكك المملكة في أعداد القتلى من المدنيين وأعلنت إجراء تحقيقات في الضربات الجوية.
وقال مسؤول كبير سابق في إدارة أوباما إن التدخل في اليمن أثار تساؤلات حول النفوذ العسكري للرياض بدلا من أن يصبح الأساس لاستراتيجية عسكرية سعودية أكثر حزما بالمنطقة.
وأضاف «لا يزال الطريق طويلا. الجهود لإنشاء قوة عسكرية عربية شاملة مخيبة للآمال».
وبحسب التقرير، فقد انجر الغرب إلى الصراع، وقال مسؤول أمريكي إن ما بين 50 و60 من أفراد الجيش الأمريكي وفروا التنسيق والدعم للتحالف بقيادة السعودية، وعمل ما بين 6 و10 أمريكيين مباشرة داخل مركز عمليات القوات الجوية السعودية بالرياض. كما قدمت بريطانيا وفرنسا وهما موردتان دفاعيتان رئيسيتان للرياض دعما عسكريا.
ويرى المسؤولون السعوديون أن التدخل يحقق نجاحا لا بأس به فهو يوقف الطموحات التوسعية الإيرانية في اليمن ويدفع خصومهم للجلوس إلى طاولة التفاوض.
ويشيرون إلى أن القوات التي تقودها السعودية حققت الاستقرار في أجزاء كبيرة من البلاد وسمحت لحكومتها تحت قيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي بالاستمرار في ممارسة عملها. ويشككون في أعداد القتلى من المدنيين وأعلنوا إجراء تحقيقات في الضربات الجوية.
وتساعد الولايات المتحدة في تسليح وتدريب القوات المسلحة السعودية منذ أنشأ الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت» والعاهل السعودي الملك عبد العزيز آل سعود» تحالفا للنفط مقابل الأمن عام 1945.
ومن أكبر المستفيدين من التحالف الشركات الدفاعية الأمريكية. فقد حصلت شركة فينيل العربية وهي وحدة محلية لشركة نورثروب جرومان على عقود بملايين الدولارات لتدريب الحرس الوطني السعودي منذ عام 1975 بما في ذلك عقد تصل قيمته إلى 550 مليون دولار عام 2010.
ونمت مبيعات الأسلحة الأمريكية في عهد إدارة الرئيس «جورج بوش» الابن بل وازدادت نموا في عهد إدارة «أوباما».
يقول مسؤولون أمريكيون وسعوديون إن الهدف الرئيسي لصفقة 2010 الضخمة كان التصدي لإيران. ورأت إدارة «أوباما» فرصة لتحويل السعودية إلى قوة عسكرية إقليمية يمكن أن يكون لها تأثير يحقق الاستقرار بالشرق الأوسط.
ويؤكد السعوديون أن مصالحهم هي التي تحركهم وليس مصالح الولايات المتحدة. ومهما كان الدافع فإن مؤسسة (آي.إتش.إس. جين) تقدر أن شركة جنرال ديناميكس سلمت أسلحة قيمتها خمسة مليارات دولار للسعودية بينما وردت بوينج أسلحة بقيمة 2.9 مليار دولار ورايثون بقيمة 2.5 مليار دولار.
كما استفادت الشركات الدفاعية الأوروبية مثل كونسورتيوم يوروفايتر الذي ورد أسلحة قيمتها 5.6 مليار دولار للسعودية مثل (بي.إيه.إي. سيستمز) ومقرها بريطانيا التي سلمت السعودية أسلحة بقيمة 2.9 مليار دولار في الفترة نفسها.
وعلى الرغم من الحصول على مزيد من الأسلحة فإن التحالف بقيادة السعودية واجه صعوبات باليمن. بدا هذا واضحا في حملة القصف التي يشنها منذ البداية.
وذكر مسؤولون أمريكيون أنهم حاولوا مرارا التوصل إلى سبل لتحسين الاستهداف السعودي، الذي تسبب في قتل مدنيين. وإلى جانب القنابل دقيقة التوجيه الإضافية أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) محامين من الجيش الأمريكي لتدريب نظرائهم السعوديين على كيفية ضمان قانونية ضربات التحالف.
ويقولون إن السعوديين لديهم برامج كمبيوتر أمريكية مصممة لمساعدتهم في تحديد ما إذا كانت ذخيرة معينة قد تسبب دمارا يتجاوز الهدف.
ويقول «ماثيو سبنس» الذي كان نائبا لمساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأوسط في الفترة من 2012 إلى 2015 في عهد «أوباما» إن تعلم أي دولة كيفية استخدام أنظمتها التسلحية المتقدمة يستغرق وقتا.
وأضاف «ستكون عملية تشوبها أوجه قصور تتقدم خطوة بخطوة».
وقال «مايكل نايتس» الخبير في الصراع اليمني بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إن تمكن الجيش السعودي من مواصلة تدخل لمدة عام في بلد بتعقيد اليمن أدهش بعض المراقبين.
وقال «نايتس» «بوسعهم الحفاظ على إيقاع العمليات لعام.. هذه أمور لو سألت أحدا عنها قبل عامين لقال إنه لا يمكن أن تفعل السعودية ذلك».
لكن تقرير صدر في يناير/ كانون الثاني وأعدته لجنة خبراء من مجلس الأمن الدولي أظهر أن التحالف بقيادة السعودية نفذ هجمات تنتهك القانون الدولي الإنساني على ما يبدو 152 مرة بما في ذلك 41 ضربة على أحياء سكنية و22 على منشآت طبية و10 على أسواق. ورصد محققو الأمم المتحدة 38 انتهاكا على الأقل ارتكبها الحوثيون والقوات الموالية لصالح.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم دعوا التحالف بقيادة السعودية إلى تحسين الإجراءات المتبعة للتمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين.