سامي كليب- السفير اللبنانية-
تبدو «رؤية السعودية 2030» التي أعلنها أمس الأمير محمد بن سلمان، أول ثورة ثقافية ضد الفكر الوهابي. لعله بذلك يقدم أولى أوراق اعتماد جدية في طريق الوصول الى العرش.
فإلى كلامه عن الاقتصاد الذي يمهد لمرحلة ما بعد التخلي الأميركي عن النفط السعودي وإقامة اقتصاد بديل، فإن ما قيل في مجالات أخرى يسترعي القراءة بدقة:
«تطوير منظومة تعليمية وتربوية تركز على التعليم المبكر وتأهيل المدرسين والقيادات التربوية...». هذا تجاوب واضح مع الإصرار الأميركي منذ سنوات على ضرورة تعديل المناهج التربوية ورفع قبضة الفكر الديني الوهابي عنها.
«المرأة السعودية تعد عنصراً مهماً من عناصر قوتنا.. سنستمر في تنمية مواهبها وتمكينها من الحصول على الفرص المناسبة لبناء مستقبلها والإسهام بتنمية مجتمعنا واقتصادنا». هذه رسالة واضحة لكل الدول الغربية وفي مقدمها أميركا المطالبة بتعزيز دور المرأة والحريات. وهذه خطوة متقدمة على ما كان بدأه الملك عبدالله بصعوبة في سياق إشراك المرأة في مجلس الشورى (يمكن مراجعة ما قاله الملك الراحل للكاتب روبرت ليسي في كتاب المملكة من الداخل). هذه نقطة خلاف مع الفكر الوهابي ونظام المطاوعين.
«تعد الثقافة والترفيه من مقومات جودة الحياة.. سنخصص الأراضي المناسبة لإقامة المشروعات الثقافية والترفيهية من مكتبات ومتاحف ومسارح وغيرها وسندعم الموهوبين من الكتاب والمؤلفين والمخرجين والفنانين». لكم ان تتخيلوا شيوخ الوهابية وهم يقرأون هذا الكلام عن الفن والمسرح.
لو أضفنا ما قاله ولي ولي العهد، (وليس ولي العهد) عن الشراكات الاستراتيجية والمشاريع مع دول الجوار غير الخليجي (من هي بالضبط؟) وعن الإصلاح الطموح الى حد المغالاة والخالي من الضرائب، ندرك أن الأمير الشاب يمهد، بعد الحروب العسكرية وتحدي إيران والتحالفات العربية والسنية، لمرحلة الوصول الى العرش. هو يخاطب الغرب بلغة جديدة لأن السعودية متهمة غربياً حتى تثبت العكس. وهو يريد أن يثبت العكس. كيف سيرد غلاة الوهابية؟