عبدالعزيز السويد- الحياة السعودية-
حقيقة أن الحكومة السعودية في إيراداتها أدمنت النفط، شركة تنتج وتستثمر جزءاً مهماً من دخلها لمزيد من الإنتاج، وحكومة تصرف -على رغم أن «تنويع مصادر الدخل» من الأهداف القديمة للخطط الخمسية المتعاقبة- من دون تحقيق نجاح مشهود، أيضاً شركة أرامكو أدمنت إنتاج النفط. «رؤية السعودية 2030» تستهدف علاج هذا الإدمان، والأمير محمد بن سلمان في حضوره الإعلامي كان صريحاً في الكشف عن ذلك وفي غيره، وخصوصاً في انتقاده الهدر الحكومي، وتجاوز العبارات الفضفاضة والعامة المعتادة وتحدث بشفافية. هنا يفترض أن نرى جملة إجراءات معلنة تلتزم بها الأجهزة الحكومية للحد من هذا الهدر.
لا شك في أن التحول من مجتمع مستهلك إلى مجتمع منتج ليس بالأمر السهل، تماماً مثل علاج الإدمان، لكن الهاجس المقلق لدى المواطن هو أن تتحول الحكومة من إدمان النفط إلى إدمان الرسوم!
خلال السنوات العشر الماضية ومع الفائض الضخم في الأموال وحجم المشاريع المطروحة لدرجة تشبع شركات المقاولات بالمشاريع وتعثر الأخيرة، كان من اللافت أن هذه الطفرة لم تصل إلى المواطن، إذ هطلت فوائدها المباشرة على فئة محدودة من القطاع الخاص. معرفة مكامن الأخطاء في الفشل بإدارة ذلك الفائض أيضاً من العناصر المهمة للنجاح.
خلال تلك السنوات، كبر الكبير وصغر الصغير في سوق الأعمال، بل إن بعض الصغار تبخروا وخرجوا من السوق. أيضاً، أدى التضخم إلى تآكل الريال، الأمر الذي أنتج مزيداً من الضغوط على أصحاب الدخول الثابتة والمدخرات البسيطة، ولم تتحرك الأجهزة المعنية من وزارة مالية ومؤسسة نقد.
رؤية السعودية 2030 هي استراتيجية طموحة نحتاج إلى مثلها، والتحدي يكمن في التنفيذ، وحتى نعلم حقيقة هذا التحدي وعناصره لا بد من معرفة الواقع، وأن نتذكر أيضاً أن الحكومة في الفترة الماضية أدمنت الوعود. ربما نتذكر هنا وعود المدن الاقتصادية والاستثمار الأجنبي مع وعود برامج وزارة العمل في التوطين، والكثير من الأرقام التي لم يُعرف لها أول ولا آخر.
ثم نرى الآن أن رؤية 2030 تحاول في بعض خطوطها العريضة إصلاح ما أنتجته تلك الوعود من سلبيات. الدراية بهذا الواقع أهميتها تكمن في معرفة أسباب أدت لتلك النتائج بما أحدثته ليس في خسائر مالية فقط بل في خسارة الثقة، ذلك لتلافيها عند العمل الشاق والطويل تنفيذ رؤية الأمير الطموحة، التي اعتمدها مجلس الوزراء فأصبحت رؤية وطن.