حسن المصطفى- الرياض السعودية-
«رؤية المملكة العربية السعودية 2030»، التي قدمها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مشروع طموح جداً، يسعى لخلق تحول في الثقافة والأداء داخل المجتمع المحلي، بهدف تغيير أنماط التفكير التقليدية، واستبدالها بأخرى أكثر حداثة وجدة وفاعلية.
هذا التغيير لن يكون سهلاً، لأنه يتعلق بالبنية العميقة داخل تفكير المجتمع وسلوك أفراده، ويتعارض في ذات الوقت مع أطياف تعتقد جازمة أن من مصلحتها أن تبقى الأمور كما هي عليه. لذا، من المتوقع أن تكون هنالك ممانعة من شرائح متحفظة، وحتى من قبل فئة من رجال الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال.
الممانعة هذه يمكن تخفيفها، أو تجاوزها، عبر تحويل «الرؤية» إلى عمل مؤسسي، تشترك فيه القطاعات الحكومية، والأهلية، ومؤسسات المجتمع المدني، إضافة للفرد السعودي، الذي هو مناط وأساس هذه «الرؤية»، ومن تسعى لتحقيق رفاهيته، وصون حقوقه.
العمل المؤسساتي هو الصيغة الضامنة للنجاح والإنجاز، لأنه يلغي الفردية والاحتكار، ويعطي فرصة لتشارك حقيقي، يكون فيه الجميع مسؤول تجاه إتمام المهمام وفق الأهداف المرسومة، بشفافية، وتحت نظر ومراقبة المجتمع المدني، ما يضمن تالياً مقداراً من «العدالة».
إن العدالة هي شرط رئيس لتحقق «الرؤية»، تجنباً لأي تمايز في توزيع الثروات والفرص. وهو ما أشار إليه الأمير محمد بن سلمان بشكل صريح في حواره مع الإعلامي تركي الدخيل، على شاشة «العربية»، حين أكد على أن ذهاب الدعم الحكومي إلى الأغنياء في معظمه دون الفقراء، هو أمر مرفوض ويجب أن لا يستمر.
الفيلسوف جان جاك روسو، يعتبر أن من «أكثر الأمور ضرورة في الحكومة، وربما الأكثر صعوبة، هي النزاهة الصرامة التي تمكن من تحقيق العدالة للجميع، وخصوصاً حماية الفقير ضد استبداد الغني».
إن الشعور بالعدالة، وأن الفرص متاحة أمام جميع المواطنين، دون أي تمييز، وأن ليس هنالك طبقة من الأغنياء وأصحاب النفوذ تتحكم بمصير بقية الناس. إن من شأن ذلك أن يعطي الجيل الجديد أملاً حقيقياً في التغيير، ويصيره شريكاً فعلياً في «الرؤية» وليس مجرد متفرج سلبي، يراقب ما يحدث، دون أن يكترث به.
عدالة القانون تكون في أن المواطن الفرد، هو ذاته. فقيراً كان أم غنياً، من طبقة نبيلة أو أخرى متواضعة، رجلاً أو إمرأة، متديناً أو غير متدين، لأن الحقوق مرتبطة بكونه «إنساناً» أولا وأخيرا، وشريكا ومالكا في هذا الوطن، ليس لأي أحد الحق في سلبه الحقوق التي منحه إياها القانون.
السعوديون يرغبون في أن تتحقق «رؤية 2030»، وهم في غالبهم جاهزون للمشاركة فيها نحو مجتمع مدني تعددي متسامح. وهنا تحضر مسؤولية الدولة في البدء بوضع القوانين التي تساهم في مشاركة الناس في بناء مستقبلهم، والخروج من حالة الإحباط أو التشاؤم التي سادت لدى كثيرين، خصوصاً مع تفاقم المشكلات لسنوات دون حلول فعلية، وهو ما يمكن تحقيقه وفق رؤية واضحة ينهض بها الجميع.