صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا"-
وضعت المملكة السعودية خطة طموحة لإجراء إصلاحات كبيرة تساعد البلاد في بناء اقتصاد لا يعتمد على النفط وحده بحلول عام 2020. وبرأي سلطات المملكة، فإن من الضروري بناء الاقتصاد على أسس جديدة، بحيث يعفي زعماء المملكة في المستقبل من الخوض في حل مشاكل البطالة بين الشباب وانخفاض دخل الفرد نتيجة انخفاض أسعار النفط. هذا ما تضمنه برنامج "الرؤية السعودية-2030".
وقد أعرب العاهل السعودي الملك سلمان عن الرغبة في إجراء الإصلاحات في اجتماع مجلس الوزراء، حيث أعلن عن إرسال خطة التنمية حتى عام 2030 إلى مجلس الشؤون الاقتصادية. مضيفا أن على السعوديين التكاتف و"العمل معا" من أجل بلوغ النجاح المنشود. وتقول "وول ستريت جورنال" إن هذه الخطوة هي محاولة من الرياض لخلق مسار جديد للتنمية في عصر النفط الرخيص.
برنامج "الرؤية السعودية-2030" هو من وضع محمد بن سلمان ابن العاهل السعودي وولي ولي العهد، الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع ويرأس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية. ويدرس هذا المجلس كيفية تخليص المملكة من الاعتماد على النفط، وتوفير أماكن عمل جديدة وجذب الاستثمارات الأجنبية.
وهذا البرنامج برأي قادة المملكة يجب أن يشفي البلاد من "المرض الهولندي" (التأثير السلبي الناجم عن التطور السريع في قطاع معين من الاقتصاد، والذي يؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة الوطنية)، عبر خصخصة أكبر شركات النفط في العالم أرامكو "Saudi Aramco"، وتأسيس صندوق استثمار سيادي كبير.
وكان محمد بن سلمان قد أعلن في بداية شهر أبريل/نيسان عن إنشاء هذا الصندوق الذي سيبلغ رأسماله تريليوني دولار (2 تريليون دولار)، الجزء الأكبر منها سيكون من خصخصة شركة النفط "أرامكو"، إضافة إلى 600 مليار دولار من صندوق الاحتياط. وبحسب قوله، فإن الدخل الأساسي للبلاد سيأتي من الاستثمارات وليس من موارد الطاقة.
إن انخفاض أسعار النفط أدى إلى بلوغ عجز ميزانية المملكة 100 مليار دولار. ووفق التوقعات، سيبلغ العجز خلال هذه السنة 87 مليار دولار. وبغض النظر عن المحاولات التي جرت لتقليص الاعتماد على النفط في عام 2015، فإن نسبة عائداته بلغت أكثر من 70 في المئة. لكن المراقبين يرون أن هذه النسبة مخفضة، لأن النفط كان يشكل 90 في المئة سنويا من واردات المملكة.
ويعتقد مدير صندوق النقد الدولي لبلدان الشرق الأوسط مسعود أحمد أن تنويع الاقتصاد في الظروف الحالية هو ما "تحتاج إليه المملكة السعودية". لكن المسالة الأساسية تكمن في كيفية تحقيق "الأهداف الذكية والطموحة".
أما الخبير في شؤون الشرق الأوسط من شركة كابيتال إيكونوميكس "Capital Economics" الاستشارية جيمس تورفي، فقد أعلن أن إنشاء هذا الصندوق يعكس نيات التركيز على الاقتصاد وليس إجراء تغيرات ملموسة فيه. وقال "نحن لا نأخذ على محمل الجد تصريحات محمد بن سلمان بأن المملكة السعودية سوف تكف عن الاعتماد على النفط بحلول عام 2020".
أما المستشرق عضو مجلس خبراء اتحاد النفط والغاز الروسي إيلدار كاسايف فيوضح، قائلا إن برامج تنمية مماثلة تنفذ في البلدان المجاورة للسعودية مثل قطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت، "ولكن هذه البرامج تتميز في السعودية بصورة خاصة، لاعتمادها بصورة كبيرة على النفط. وتطلَق مثل هذه التصريحات بسبب اختلاف المواقف في المملكة. فوزير النفط والطاقة علي النعيمي يقول شيئا وولي ولي العهد محمد بن سلمان يطرح من منابر مختلفة أفكارا استفزازية لا تمت بصلة إلى الواقع. والملك يستمع إلى ما يقوله ابنه ومن ثم يعلنها للجميع".
وبرأي كاسايف، فإن تحقيق البرنامج حتى عام 2020 أو حتى 2030 لن يكون بمستطاع المملكة، لأنها لا تستطيع تنمية وتطوير القطاع المصرفي بسبب الأزمات التي تعصف بمختلف أرجاء العالم في أوروبا وأمريكا وآسيا. لذلك، فإن إحلال القطاع المصرفي محل واردات النفط غير ممكن حاليا.
ويقول الخبير إن مثل هذه التصريحات في المملكة هي محاولات لزعزعة أسواق النفط "فقد جرت مباحثات خلال الفترة الماضية (من فبراير/شباط إلى ابريل/نيسان) في الدوحة. وكان سوق النفط يلتقط أي خبر. وعموما، هذا أمر جيد لأنه إذا أعلن السعوديون مباشرة أنهم لن يتفقوا على أي شيء، وليس في نيتهم التخلي عن الاعتماد على النفط، فسوف تنهار أسواق النفط فورا. وهذا ليس من مصلحة الرياض إذا أخذنا بالاعتبار العجز في ميزانية المملكة، والذي بلغ 100 مليار دولار في العام الماضي".