توقعت صحيفة «وول ستريت جورنال» أن تواجه السعودية والبحرين وسلطنة عمان مشاكل اقتصادية في أعاقب خفض تصنيفها الائتماني الاستثماري وفق مؤشر «موديز»، بسبب تداعيات أزمة انخفاض أسعار النفط وتقلص العائدات في الدول الثلاث، مشيره إلى أنه، ما لم تقدم هذه الدول على إصلاحات، فسوف تتفاقم مشاكلها المالية، مشيده بخطة الإصلاح السعودية.
وشرح تقرير الصحيفة الاقتصادية، عواقب خفض وكالة التصنيف الدولية «موديز» التصنيف الائتماني لكل من السعودية والبحرين وسلطنة عمان، أمس الاثنين 16 مايو/أيار، بسبب انخفاض أسعار النفط، مشيرا لأن هذا مؤشر على تدهور كبير في أوضاع الدول الثلاث اقتصاديا.
وخفضت «موديز» تصنيف السعودية، أكبر مصدر للنفط في منظمة أوبك، إلى A1 من التصنيف السابق A3 مع نظرة مستقبلية مستقرة. وقالت الوكالة في تقرير لها: «أدى الانخفاض الحاد في أسعار النفط العالمية، إلى تدهور كبير في الوضع الائتماني للمملكة».
وجاء في تقرير الوكالة الدولية: «يعكس تخفيض تصنيف المملكة العربية السعودية رأي وكالة موديز بأن انخفاض أسعار النفط قد أدى إلى تدهور جوهري في الوضع الائتماني للسعودية، إذ خلف مزيجا من انخفاض معدلات النمو ومستويات الديون المرتفعة في وضع أقل تأهبا لمواجهة الصدمات في المستقبل».
وتعزو «وول ستريت» جانبا من المشكلة في حالة المملكة العربية السعودية إلى تضخم العجز في ميزانية البلاد إلى ما يقرب من 100 مليار دولار 2015 بسبب انخفاض في عائدات النفط، وانخفاض الاحتياطيات الأجنبية بمقدار 155 مليار دولار في مارس/أذار الماضي، ليصيح قرابة 600 مليار دولار، وفق البيانات الحكومية.
فوفق أرقام رسمية صادرة عن مؤسسة النقد السعودية، بلغ احتياطي المملكة من النقد الأجنبي 616.4 مليار دولار أمريكي نهاية العام الماضي، مقارنة مع 732.3 مليار دولار نهاية 2014.
خطة الإصلاح تحافظ على المستوي الائتماني
وقالت «موديز» أنها تعتقد أن الخطة الجديدة للإصلاحات الاقتصادية في المملكة العربية السعودية «تستطيع أن تحقق الاستقرار في الأداء الائتماني، ويمكن أن تسهم في تحسينه مستقبلا»، ولكنها حذرت أنه «من دون أي من هذه الإصلاحات، ستتفاقم المشاكل المالية في المملكة العربية السعودية وتواصل تصاعدها». مؤكدة أن جهود المملكة لتنويع اقتصادها، من شأنها أن تحسن الجدارة الائتمانية للبلاد.
وترى «موديز» أنه في حال نجحت السعودية في تنفيذ خطتها «حتى لو بشكل جزئي»، فإنها ستتمكن من الحفاظ على مستواها الائتماني عند المستوى الحالي، وفي حال نجحت الخطة بشكل أوسع فإن شأن ذلك أن «يغير بشكل جوهري الملف الاقتصادي والمالي في المملكة، ويُبرز نقاط القوة المؤسسية التي لم تكن واضحة في الماضي».
وقالت الوكالة الدولية أن تلك الخطط لا تزال في مرحلة جنينية ولا يزال تأثيرها لم يتضح بعد.
ويتوقع خبراء وكالة «موديز» انخفاض الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة5% خلال عام 2016، كما يتوقعون أن تصل نسبة متوسط عجز الميزانية خلال السنوات من 2016-2020 إلى 9.5%.
وفي أواخر شهر أبريل/نيسان الماضي، وافق مجلس الوزراء السعودي على خطة إصلاحات اقتصادية في المملكة سميت بـ «رؤية 2030»، والتي تهدف إلى تحرير الاقتصاد من الاعتماد على النفط.
ويقول تقرير «وول ستريت» أن المملكة العربية السعودية اقترضت 10 مليارات دولار من البنوك العالمية الشهر الماضي، ومن المتوقع أن تقترض المزيد من الديون في وقت لاحق من هذا العام. وأن ردها على هذه التحديات الاقتصادية سوف تكون عبر مجموعة الإصلاحات التي أعلن عنها الشهر الماضي، وأطلق عليها اسم رؤية 2030، التي تهدف إلى الحد من اعتماد البلاد على النفط.
تخفيض تصنيف البحرين وعمان
وخفضت الوكالة أيضا تصنيف البحرين من BA1 إلى BA2 مع نظرة سلبية تعود إلى تنامي اقتراض حكومة البحرين في السنوات الأخيرة، لانخفاض عوائدها النفطية. كما خفضت «موديز» تصنيف سلطنة عمان من A3 إلى BAA1 مع نظرة مستقرة مستقبليا، بعد التراجع الكبير في عائدات النفط العماني.
وأوضحت «موديز»، أنها تتوقع زيادة في عجز الموازنة لهذه الدول، وتراجع نموها الاقتصادي، على خلفية استمرار حالة عدم الاستقرار في سوق النفط. حيث جاءت توقعات الوكالة العالمية سلبية بشأن التصنيفات الائتمانية طويلة الأجل لكل من الكويت، وأبو ظبي، وقطر، على أساس درجة AA2 لكل منها.
وأضافت الوكالة أنه «في غياب المزيد من الجهود للإصلاح المالي والاقتصادي، ستستمر الضغوط على الميزانية العمومية للحكومة السعودية في الارتفاع، ورغم ذلك، فإن الحكومة لديها خطط طموحة وشاملة لتنويع كل من الاقتصاد من شأنها أن تثبت من وضع الدولة الائتماني، وأن توفر طريقا للعودة إلى مستوى تصنيف أعلى مع مرور الوقت».
تحديات رؤية السعودية 2030
وتقول «موديز» أن الخطة التي أعلنتها الحكومة السعودية من أجل إصلاح شامل وطموح، وتدعى رؤية السعودية 2030، تهدف للحد من الاعتماد على النفط اقتصاديا وماليا، ولكنها «تواجه عددا من التحديات، أبرزها الشد والجذب بين الرغبة في استدامة النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل، وتدابير ضبط الأوضاع المالية العامة».
واستطرد التقرير أن «الإصلاحات المالية اللازمة لتوسيع قاعدة إيرادات المملكة تثير قضايا هامة حول الاستقرار الاجتماعي، والتي تفاقمت إثر حقيقة أن دخل الفرد في المملكة العربية السعودية هو الأعلى بين الدول الأخرى ذات التصنيف المرتفعة».
الخليج الجديد-