كشف الأمير «محمد بن سلمان» النقاب عن خطته 2030 في أبريل/نيسان الماضي لتحويل المملكة العربية السعودية. ويبلغ حفيد ابن سعود من العمر 30 عاما وقد حصل على بحفاوة بالغة عندما زار جمعا من الشباب السعودي لتقديم الخطة.
ووفقا لمراسلي رويترز في الرياض، فإن هدف «بن سلمان» لتحديث اقتصاد المملكة هو موضوع لنقاش متحرك على وسائل الإعلام الاجتماعية، وفي المكاتب، وفي المقاهي هناك.
قالت نجلاء (20 عاما) و لم ترغب في ذكر اسمه عائلتها: «أنا متحمسة جدا، أريد له أن يكون ملكنا الآن. أعني أنه منفتح، ولديه خطة كبيرة وهو وسيم بعض الشيء».
يقول أحد رجال الأعمال السعوديين أن «بن سلمان» يحظى بشعبية كبيرة عند الشباب. ويعمل بجد، وقال إن لديه خطة للإصلاح الاقتصادي وانه مستعد لها. وهو يفهم الوضع السعودي جيدا وهو أمر مهم نظرا لأن 70% من الشعب السعودي تحت سن الثلاثين، وبطالة الشباب كبيرة، و تشير بعض التقديرات إلى أنها تبلغ ما بين 20 إلى 25%.
في 7 مايو/أيار، أصدر الملك «سلمان» سلسلة من المراسيم الرامية إلى تنفيذ خطة التحول. وكان أكبر عنوان فيها هو استبدال وزير النفط السابق «علي النعيمي» ليحل محله «خالد الفالح»، رئيس شركة النفط العربية السعودية (أرامكو). حيث أن قلب خطة التحول هو الاكتتاب العام لشركة أرامكو وتنويع الاستثمارات السعودية وزيادة الدخل من خلال صندوق الاستثمارات العامة.
ويدرك وزير للدفاع، «محمد بن سلمان» ضعف ثروة المملكة العربية السعودية في الأرض. وهو يدرك أيضا أهمية المملكة لكونها ذات أهمية استراتيجية للولايات المتحدة وقد كتبت سابقا: «السعودية لا تريد للحفاظ على انخفاض أسعار النفط في الوقت الراهن لأسباب تتعلق بحصتها في السوق، كما ادعى في البداية وزير النفط السعودي النعيمي، بل إن السعودية تحتاج إلى البقاء في مستوى الأهمية الاستراتيجية للولايات المتحدة لحماية نفسها والبقاء على قيد الحياة».
جولة أمريكية
كان «بن سلمان» في جولة أميركية خلال العشرة أيام الماضية. وقد ذكرت عدة أغراض مختلفة للزيارة. يمكن أن يكون من بينها ما ورد على النحو المذكور أعلاه، وهو التأكد من أن الولايات المتحدة لا تزال ترى علاقتها مع المملكة العربية السعودية بأنها «استراتيجية».
وقال مصدر سعودي أبلغ موقع «ميدل إيست آي» أن رحلة بن سلمان إلى الولايات المتحدة «تهدف إلى جعل السعودية حليف الولايات المتحدة المقرب ودفع بن نايف خارج اللعبة». وعلاوة على ذلك، قال مصدر بحريني مجهول أن رحلة «بن سلمان» إلى الولايات المتحدة كانت جزءا من خطة طويلة الأجل لتعزيز السمعة الدولية للأمير الشاب.
ويقول مصدر أميركي أن «بن سلمان» دعي من قبل حكومة الولايات المتحدة لأن قادة الولايات المتحدة الآن بحاجة إلى التعرف عن قرب على الرجل الذي قد يكون ملكا قريبا.
ويعتقد المسؤولون في مؤسسة الأمن القومي أن المملكة العربية السعودية على مفترق طرق. وقال خبير سعودي طلب عدم ذكر اسمه أن الأمر إما أن يكون لـ«بن سلمان» أو للدولة الإسلامية. وتخشى الولايات المتحدة أنه إذا فشل الجيش السعودي وانهار اقتصادها، أن يتولى الجهاديون زمام الأمور.
وقد التقى وزير الدفاع الأمريكي «كارتر» مع ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع «محمد بن سلمان» في البنتاغون في 16 يونيو/حزيران. وإلى جانب لقاءاته في وزارة الدفاع، التقى «بن سلمان» مع وزير الخارجية «كيري».
وقد جاء في تقرير الاجتماع: «وقد استعرض الجانبان العلاقات القوية والدائمة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وناقشا مجموعة واسعة من القضايا الإقليمية، بما في ذلك اليمن، سوريا، ليبيا، ومكافحة الإرهاب. كما ناقشوا خطط المملكة لتحويل اقتصادها من خلال برنامج التحول الوطني».
بالإضافة إلى لقاء مع مدير وكالة المخابرات المركزية «برينان» والجنرال «جيمس كلابر»، مدير الاستخبارات الوطنية، كما اجتمع أيضا مع رئيس مجلس النواب «بول ريان»، وزعيمة الأقلية «نانسي بيلوسي»، وكذلك مع وزير التجارة الأمريكى «بيني بريتزكر». وكان لديه يوم الجمعة الماضي اجتماع مع الرئيس «أوباما» في المكتب البيضاوي.
وحول اللقاء مع الرئيس الأمريكي «أشاد الرئيس بالتزام نائب ولي العهد بإصلاح اقتصاد المملكة العربية السعودية، وأكد دعم الولايات المتحدة القوي لتحقيق أهداف رؤية 2030. وأكد نائب ولي العهد دعم المملكة العربية السعودية القوي لاتفاق باريس، ورحب بالتعاون مع الولايات المتحدة كما أكد قضايا الطاقة النظيفة. وأكد الرئيس ونائب ولي العهد الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية».
وكان الرئيس «أوباما» قد صرح سلفا أن الأمير الشاب «ضرب لنا مثالا في المعرفة وأنه ذكي جدا». وأضاف السيد «أوباما» في مقابلة مع قناة العربية المملوكة للسعوديين: «أعتقد أنه يفوق سنوات عمره».
إن أحد أهداف رؤية 2030 هو زيادة تصنيع المعدات اللازمة للبنية التحتية العسكرية. وتحقيقا لهذه الغاية، التقى «بن سلمان» مع عدد من كبار المسؤولين التنفيذيين الذين يمثلون شركات متخصصة في إنتاج معدات عسكرية، مثل بوينج ورايثيون وشركة لوكهيد مارتن. وتناولت الاجتماعات سبل تأميم الإنتاج العسكري السعودي وتعزيز الشراكات بين الطرفين.
وفي وادي السيليكون، التقى «بن سلمان» الرئيس التنفيذي لشركة «ساتيا نادالا» حيث وقع مذكرة تفاهم لتدريب السعوديين في التكنولوجيا وجعل الرقمية جزءا أساسيا من الرؤية السعودية لعام 2030 لـ«دعم اتخاذ القرار في مركز الدعم في الديوان الملكي من خلال وضع النظم والبرامج التنفيذية بمساعدة فريق من الخبراء من مايكروسوفت».
وقال رئيس «نادالا»: «سوف تترجم تكنولوجيا مايكروسوفت رؤية 2030 إلى واقع، مع التركيز على رأس المال البشري والابتكار، ونطمح إلى تحقيق ذلك في أقرب وقت ممكن».
كما التقى الأمير «بن سلمان» برئيس سيسكو «جون تشامبرز» لتوقيع مذكرة تفاهم مع عملاق الشبكات والعتاد للمساعدة في بناء البنية التحتية الرقمية في المملكة العربية السعودية.
وذهب «بن سلمان» إلى نيويورك. ولا شك في أنه تم عقد اجتماع لمناقشة الاكتتاب العام لشركة أرامكو.
في أوائل شهر مارس/أذار، طلبت البورصة السعودية من البنوك القيام بأدوار تقديم المشورة بشأن بيع الحصة الأولي. وأعلنت أن «جي بي مورغان تشيس وشركاه» و«مايكل كلاين»، و«سيتي جروب» السابقة، تقدم المشورة بشأن الطرح العام الأولي لشركة النفط العربية السعودية المملوكة للدولة.
وقال وزير الطاقة «خالد الفالح» الذي يرافق نائب ولي العهد السعودي في الولايات المتحدة أنه «على الرغم من فائض في الإنتاج النفطي العالمي وانخفاض الأسعار، لا يزال تركيز الاهتمام على دول مثل المملكة العربية السعودية والتي يتوقع أن تحقق التوازن بين العرض والطلب بسبب أهميتها الاستراتيجية. إن السياسات النفطية للمملكة متجذرة في المسؤولية، والمملكة العربية السعودية تسعى إلى الحفاظ على هذا التوازن في حين أنها أيضا تهتم بالأسعار المعتدلة بالنسبة للمنتجين والمستهلكين».
الاستنتاجات
يبدو واضحا أن «بن سلمان» قد جعل حكومة الولايات المتحدة تعترف بالأهمية الاستراتيجية للمملكة العربية السعودية. مع ذلك، المملكة العربية السعودية تشتري الوقت لبيع ثروتها النفطية في حين تعمل على تنويع استثماراتها ودخلها.
لا تزال هناك شكوك من أن المملكة العربية السعودية يمكنها تحويل احتياطياتها النفطية إلى 2 تريليون دولار لإعادة استثمارها، وهو الهدف الأساسي من رؤية 2030. وتبدو الإجراءات محفوفة بالمخاطر للغاية لأسباب سياسية داخلية وخارجية. لكن «بن سلمان» سيحاول بالتأكيد.
وتستند أهمية المملكة العربية السعودية في الولايات المتحدة إلى حد كبير على اعتماد أميركا على النفط الأجنبي. وبالتالي، فإن المملكة العربية السعودية تفضل أسعار النفط «المعتدلة» لضمان استمرار هذا الاعتماد.
سيكينج ألفا- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-