وافق مجلس الوزراء في 18 رجب الماضي على «رؤية السعودية 2030» التي شرح تفاصيلها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ورئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، في مؤتمر صحافي كبير، وتبعها في منتصف رمضان إعلان «برنامج التحول الوطني 2020»، إذ قدم كل وزير برنامج وزارته للتحول، في لقاءات معلنة ومتلفزة تابعها الجميع.
الأيام تركض سريعاً، ونقترب اليوم من مضي ثلاثة أشهر على إعلان «التحول الوطني 2020» (شهرين باستبعاد إجازات العيدين)، فما الذي يشعر به المواطن والمراقب؟ وهل الوزارات مستعدة للقياس الربعي، وبعده قياس إنجازها في السنة الأولى من التحول؟
بالتأكيد لا نود استعجال الأمر، ولكن أردنا التذكير بأن الأيام تمر سريعة وأن وقت التصاريح وعروض «بوربوينت» انتهى، وجاء وقت العمل والإنجاز الميداني، وما لم ينجز كل وزير الجزء الذي التزم به في نهاية العام الأول فسيكون ذلك أمراً ليس بالجيد لبقية الوعود والمبادرات. وخطة التحول لا تقبل فيها أنصاف الحلول ولا أنصاف الإنجازات، فالعالم يركز وسائل إعلامه على ما ستكون عليه السعودية وما ستنجزه خلال الأعوام الأربعة المقبلة، ولا يقبل تهاوناً ولاعذراً ولا تأخيراً، مع تمنياتنا لجميع المسؤولين بالتوفيق والنجاح.
- بعيدا عن العوامل السياسية، أرى أن سعي السعودية للشراكة يجب أن يركز في شكل أكبر على كل من كوريا الجنوبية وتركيا، فالأولى لديها خطة معلنة لوصول حجم تجارتها الدولية إلى تريليوني دولار بحلول 2020، فيما تخطط تركيا لوصول حجم تجارتها الخارجية إلى تريليون دولار في احتفاليتها بمئوية أتاتورك في 2023. وهذا يعني أن البلدين حالياً في وضع الباحث عن الشراكة والحريص عليها، وهو عامل أو محفز لا يتوافر في دول أخرى أصبح همها البحث عن أسواق لصادراتها فقط. كما أن كوريا الجنوبية لديها منظمة اسمها «كيتا»، عملها تعزيز التجارة الخارجية والبحث عن فرص الاستثمار للشركات والصادرات الكورية وجلب الشركات الكبيرة للعمل لديها، ولها مكاتب وممثلون في معظم دول العالم، ويجب أن يستفاد من تجربتها، لتفعيل وزيادة الصادرات السعودية غير النفطية، بحسب ما تنص «رؤية 2030»، وبحسب متطلبات التنمية المستدامة التي لن تتحقق إلا بتنويع الصادرات وتنويع مصادر الدخل.
- ما الذي يمكن أن يفعله المواطن خلال وقت الركود الاقتصادي وشح السيولة؟ سؤال يتبادر إلى ذهن كل رب أسرة وموظف ومواطن، خلال هذه الأيام. اقتصادياً ليس هناك حلول سحرية، فما يحتاج إليه المواطن هو إعادة ترتيب أولويات إنفاقه، والجيد أن الركود يؤدي إلى انخفاض الأسعار، وكلما طال زمن الركود انخفضت الأسعار أكثر. ما يحتاج إليه المواطن حالياً هو تركيز إنفاقه وتقنينه على الأولويات؛ من تعليم وصحة وغذاء وفواتير واجبة الدفع، وأن يؤجل ما عداها مما يمكن تأجيله. والأهم ألّا يتحمل المواطن ديناً في ظل محدودية دخله في زمن التقشف وفقدانه كثيراً من امتيازاته، التي كان يحصل عليها وقت الطفرة والوفرة. تأجيل الشراء والتنازل عن الكماليات وترشيد استهلاك الخدمات العامة من ماء وكهرباء ووقود هو الحل الأمثل للمواطن في الوضع الاقتصادي الحالي، وكل ريال تؤجل دفعه اليوم ستكون قيمته أفضل غداً في ظل انخفاض الأسعار المتدرج لكثير من السلع والخدمات في السوق اليوم.
- في بداية أيلول (سبتمبر) الجاري أعلنت شركة سامسونغ سحب منتجها الجديد «جالاكسي نوت 7» من السوق بعد طرحه في السوق بأسبوعين، بسبب البطاريات المعابة، التي قد تتسبب في حرق الجهاز، في الوقت الذي احتفلت «أبل» هذا الاسبوع بطرح منتجها الجديد «آيفون 7» في حفلة إعلامية ضخمة. الدروس المستفادة كبيرة من الشركتين، فالأولى اعترفت بالمشكلة وطالبت بإعادة كل الأجهزة التي باعتها لإصلاحها، على رغم كبر حجم الخسارة التي ستتكبدها، مقدمة أخلاقيات «البزنس» على الربح المادي.
فيما احتفلت الثانية بمنتجها من دون أن تلمز منافستها أو تصف منتجها بالسوء، بحسب متابعتي.
تذكرت الحرب الإعلانية بين شركتي اتصالات عندنا قبل سنوات، وتعليق كل شركة على سوء خدمات الأخرى، كما طاف بذهني نفي إحدى شركات السيارات عندنا مشكلة مثبت السرعة في السيارات المصدرة إلينا، حتى أجبرتها وزارة التجارة على سحبها وإصلاح المثبت. دروس في الأخلاقيات والتسويق قدمتها لنا شركتان عملاقتان خلال أسبوعين فقط، ليتنا نتعلم!
د. عبد الله بن ربيعان- الحياة السعودية-