لعلنا نذكر جميعاً حالة الزخم الإعلامي الكبير التي رافقت الإعلان عن رؤية السعودية 2030 وكيف تسابقت وسائل الإعلام في تناول الرؤية وأهدافها والتعريف بمحاورها وآليات تحقيقها.
ولا ينكر أحد أن إطلاق هذه الرؤية الوطنية الطموحة أوجد حالة من التفاؤل بمزيد من الرخاء والتقدم والنهضة في جميع المجالات وليس على المستوى الاقتصادي فحسب، إلا أنه بمرور الوقت انحسرت المتابعة الإعلامية لسير العمل في تنفيذ برنامج التحول الوطني ورؤية المملكة «2030»، في الوقت الذي أساء فيه كبار المسؤولين في وزارات وهيئات حكومية التقدير وخرجوا بتصريحات وأقوال أوعزت للكثير من المواطنين بأن البلد تعيش حالة من التقشف، نتيجة انخفاض أسعار النفط ليحدث نتيجة لذلك ربط غير موضوعي بين إعلان رؤية المملكة 2030 والتعامل مع آثار الانخفاض الكبير في أسعار النفط، مما كان له جوانب سلبية في تعاطي المواطنين مع الرؤية. وليس أدل على ذلك من تعليقات وآراء المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي، التي تؤكد هذا الربط غير الموضوعي بين الرؤية وقرارات تخفيض البدلات وفرض رسوم على بعض الخدمات.
والحقيقة التي لا مجال للالتفاف حولها أن وسائل الإعلام أدت دورها في عرض الرؤية فور الإعلان عنها، إلا أن الوزراء ولاسيما في القطاعات الأكثر ارتباطاً بحياة الناس مثل التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية والخدمة المدنية، لم يحسنوا الإفادة من الزخم الإعلامي الذي رافق إعلان الرؤية ولم يتحدثوا للمجتمع عن خطط وزاراتهم في تنفيذ الرؤية وآليات تحقيق أهدافها، وهو ما ترك انطباعاً لدى فئات كثيرة بأن هؤلاء المسؤولين ليسوا في مستوى الطموحات الضخمة التي تحملها الرؤية وبرنامج التحول الوطني، أو على أقل تقدير أن أمثال هؤلاء المسؤولين لا يجيدون التسويق للرؤية ولا يملكون القدرة على إيصالها للناس، كل في مجال عمله، واختصاص الجهة التي يتولى مسؤولياتها، فلم يخرج علينا وزير ليشرح للمواطن ما الذي تحققه الرؤية في قطاع التعليم أو الصحة أو الرعاية الاجتماعية أو الإسكان أو غيرها، وإن كان المسؤولين في القطاع الاقتصادي والتنموي لهم إسهامات نسبية في هذا الشأن لكنها تظل اجتهادات فردية تنشط وتقل من حين لآخر، ونتيجة لذلك تراجع الاهتمام الإعلامي بالرؤية لأنه ببساطة لا يوجد من يتولى تسويقها والتعريف بها وإدارة النقاش حولها، إلى الدرجة التي يمكن القول أن هؤلاء المسؤولين لا يدركون أهمية إشراك المواطن في تنفيذ هذه الرؤية، باعتباره الركيزة الأساسية لنجاحها وتحقيق أهدافها، في حين خرج علينا من يقول إنه على المواطن أن يتحمل أعباء إضافية نتيجة لانخفاض أسعار النفط، رغم أنه كان بالإمكان تحويل أزمة انخفاض أسعار النفط إن جاز وصفها بالأزمة إلى فرصة عظيمة لتعزيز شراكة المواطنين في تنفيذ رؤية المملكة 2030، ولا سيما فيما يتعلق بأهدافها في تنويع مصادر الدخل الوطني وعدم الاعتماد على النفط كمصدر وحيد ورئيسي للاقتصاد.
فهل يتدارك المسؤولون والوزراء هذا الأمر ويسارعوا إلى تعويض ما فات، وتكثيف الجهود في عرض برامج وخطط تنفيذ الرؤية والجداول الزمنية لذلك أم يظلوا على حالهم، لتصدق بحقهم مقولة أن أمثال هؤلاء المسؤولين ليسوا أهل فعلاً لرؤية تصنع مستقبل أفضل للبلاد.
وهل يمكن أن يصل الأمر إلى اللجوء لشركات وطنية مؤهلة تتولى تسويق الرؤية والترويج لها، بعد أن اتضح عجز كثير من الوزارات والجهات الحكومية عن ذلك؟!.
نايف بن علي ال زاحم- الرياض السعودية-