أظهر استطلاع للرأي غير منشور عن تطلعات الشباب السعوديين، أنّه وبالرغم من «الجعجعة» الرسمية، فإنّ مشاكل كبيرة تنتظر رؤية ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان» لمستقبل المملكة الاجتماعي والاقتصادي.
ورغم كل محاولات حشد الحماس، ناهيك عن شرائه من بعض القوى، فإنّها لا تزال تقابل مقاومة.
تتعارض الحزمة الواسعة من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية التي يروج لها الأمير في رؤيته، التي أعلن عنها في أبريل/ نيسان هذا العام، مع الأعراف والتقاليد المحافظة التي يتبناها رجال الدين في المملكة.
كما أنّ نظام التعليم المعيب قد فشل في تخريج عقول ذات مهارات نقدية وتحليلية.
النتائج الرئيسية
وكان الباحث السعودي «عبد الله ليلي» مؤلف كتاب نشر مؤخرًا عن القواعد التي تحكم الثقافة السعودية، قد استطلع رأي 100 رجل سعودي، كلهم يقاربون الـ 20 عامًا من العمر، وقد خلص إلى النتائج التالية:
أولا: لم يكن اهتمام الناس بالتغيير أو الإصلاح السياسي. لقد أرادوا التغيير الاجتماعي.
ثانيا: إذا نظرت إلى تويتر، تجد أنّ الناس لا تعرف كيف تتجادل. «لا يملكون الصبر للنقاش. إنّهم يعيشون في فقاعة. يتحدّثون عن عالم مثالي ... لكنّ الواقع مختلف تمامًا».
لدى السعودية واحد من أكبر معدلات التغلغل في موقع تويتر، والذي يضم حسابات لعلماء دين محافظين بملايين المتابعين. ويأتي هذا بسبب توفير تويتر مساحة خصوصية ذات سيطرة أقل في دولة تسيطر على كل المساحات العامة المادية والافتراضية.
وقد أعلنت السعودية هذا الشهر عزمها فرض قيود على الإنترنت «لحماية النظام الاجتماعي والاقتصادي للدولة، وحماية المجتمع من أي انتهاكات على المستوى الأمني والعقلي».
وقال السيد «ليلي» أنّ نحو 50% ممن شملهم الاستطلاع رغبوا فقط في التمتع وعقد مواعيد غرامية والاستمتاع بحفلات مختلطة من الجنسين، كما أرادوا اللبس بحرية والتمكن من القيادة بشكل أسرع.
وعلى النقيض، لم تظهر القضايا الحرجة، مثل العنف والمصالح الدولية والحرب السعودية على اليمن، في إجاباتهم.
البقاء تحت السيطرة
يرى الإسلاميين المحافظين المتعة باعتبارها تهديدا للسيطرة السياسية والاجتماعية في المملكة.وهذا صحيح بشكل خاص فيما يتعلق بالشباب، الذين «لديهم ميول أكبر نحو التجريب والمغامرة والمثالية والاندفاع نحو الاستقلال والتنقل والتغيير».
وهذا يوضح لم يتسبب الشباب دون غيرهم في الخوف والقلق بين الإسلاميين المعادين للمتعة، حيث يؤكدون أنّ «غالبية الشباب يبحث عن المتعة من المنظور الغربي المنافي للأخلاق والثقافة الإسلامية» ، لكنّ نظام السلطة هنا يقدم نفسه في صورة سلطة أخلاقية وسياسية.
وهنا نجد أنّ هذه المواقف الأساسية، والتي يحاول الأمير «محمد بن سلمان» ترقيتها وجذبها إلى القرن الـ21، تحتاج إلى صدمة.
مما تم التأكيد عليه في رؤية 2030: «نعي جيدًا أنّ فرص الرفاهية والثقافة المتاحة حاليًا لا تعكس تطلعات مواطنينا ومقيمينا، وليست كذلك في انسجام مع اقتصادنا المزدهر. ولهذا السبب سنقوم بدعم المناطق والمحافظات والقطاع الخاص والقطاع غير الربحي لتنظيم فعاليات ثقافية».
ربما كان الأمير «محمد» يستبق الأحداث حين استقبل مؤخرًا الصحفية والمؤلفة «كارين إليوت هاوس» بعبارة «مرحبًا بكِ في السعودية الجديدة»، وكانت هناك أصوات موسيقى الهيب هوب تصم الآذان.
وكان هناك نحو 1300 من السعوديين من كل الأعمار، بين رجال يلبسون ثيابًا فضفاضة، ونساء تلبسن العباءة، يجلسون جنبًا إلى جنب، يصيحون بالموافقة.
مقاومة الحياة الاجتماعية الحديثة للنساء
تراجع الشباب الذين جرى عليهم استطلاع السيد «ليلي» عندما ووجهوا بفكرة تطبيق تلك الحريات على نسائهم أيضًا. وقال السيدي «ليلي»: «انتهى الأشخاص إلى رفض التغيير بعد سؤالهم عمّا إذا كانوا يوافقون على أن يواعد شخصٌ ما أخواتهم. لقد تراجعوا عندما أدركوا العواقب»
ولكن السيد «ليلي» يؤكد أنّه لكي ينجح الإصلاح المنشود، سيبيع الأمير «محمد بن سلمان» فكرة رؤية 2030 للشباب، وأن الأرقام في صالحه.
في النهاية، يمثّل الشباب أقل من 21 عامًا نحو 60% من التعداد السكاني للسعودية. ومع ذلك، فإنّ عددا قليلا من هؤلاء الذي جرى معهم الاستطلاع، كما يؤكد زملاؤه الأكاديميون، قد قرأ الوثيقة.
يضيف: «القضية أنّ السعوديون يخشون من التغيير، فهم يعملون بمبدأ (الباب الذي يأتي منه الريح، سده واسترح)».
تستند وجهة نظر السيد «ليلي» أنّ «الناس لا يؤمنون بالتغيير، والحكومة ليس لديها خطة لترويج رؤية 2030. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ جزءا كبيرا منها قد تمت صياغته من قبل الأجانب. لذا فتطبيقها لن يكون سهلًا».
ذا جلوباليست- ترجمة وتحرير شادي خليفة - الخليج الجديد-