تحول «مروان» خريج الهندسة السعودي من وظيفته في جينرال موتورز لوظيفة أخرى براتب أفضل. لكنه يأسف الآن لهذا القرار.
وقد تقدمت الأم البالغة من العمر 24 عاما من مدينة جدة لوظائف لمدة سنة من دون أي حظ. وفي حين تعاني المملكة من انخفاض أسعار النفط، فإنها قلقة حول إمكانية وجود فرص للعمل عندما يتعافى الاقتصاد.
كافح المزيد من السعوديين الذين شاهدوا آباءهم يجنون ثمار الطفرة النفطية من أجل العثور على عمل في الحكومة حيث المرتبات العالية وحاولوا الابتعاد عن الشركات في ظل تباطؤ الاقتصاد. ويعد خلق فرص عمل لهم من أصعب التحديات التي تواجه ولي ولي العهد الأمير «محمد بن سلمان»، الذي دفع الجهود الرامية إلى إنهاء إدمان الاقتصاد على النفط. في أبريل/نيسان، كشف الأمير النقاب عن الخطة التي تعد بالازدهار على المدى الطويل إذا تحمل السعوديون مثل «مروان» الألم الأولي للتقشف.
وعد الأمير بتحويل الاقتصاد الذي يعتمد على المغتربين في فترة تزيد قليلا على عقد من الزمن، وفي الوقت المناسب لنزع فتيل القنبلة السكانية الموقوتة. ووفقا لدراسة أجراها معهد ماكينزي العالمي، فإن ما يقرب من نصف السعوديين تقل أعمارهم عن 25 عاما، وهذا الانتفاخ قد يضاعف تقريبا من حجم سوق العمل بحلول 2030.
قال «إحسان بوحليقة»، الخبير الاقتصادي السعودي وعضو سابق في مجلس الشورى:« لا يمكن أن يستمر أمر مثل هذا، لا يمكننا التحمل عندما يتعلق الأمر بالبطالة. الفشل لا يمكن تصوره».
ربع السعوديين تحت سن 30 عاما عاطلون عن العمل، في حين أن الأجانب هم أكثر من نصف القوى العاملة. ووجدت دراسة ماكينزي لاستيعاب طالبي العمل، أنه سيتوجب على المملكة توفير ما يقرب من ثلاثة أضعاف من الفرص للمواطنين مقارنة بما وفرته خلال سنوات الطفرة النفطية بين 2003 و2013.
لكن حملة التقشف لإصلاح المالية العامة تتضمن تقليص سخاء الدولة، قد دفعت شركات لطرد الموظفين، وليس للتوظيف. وقد ارتفع معدل البطالة بين السعوديين إلى 12.1% في الربع الثالث، وهو أعلى مستوى منذ 2012.
من بين العاطلين عن العمل «أنس»، وهو خريج كيمياء يبلغ من العمر 26 عاما، وقد تقدم للوظائف «في كل المجالات» لمدة عام ونصف. لتغطية نفقاته، أكد يعمل في مجال العربات موسميا خلال موسم الحج ويقود سيارته على أنها سيارة أجرة غير مسجلة. وعندما توقفه الشرطة، وقول لهم أن ينتظر الوظيفة ويتوسل للتساهل لحاجته إلى المال.
وكان استبدال العمال الأجانب بالسعوديين هدف السياسة الوطنية لعقود من الزمن، دون تحقيق نجاح يذكر. حيث اختار غالبية الخريجين الوظائف الحكومية التي تقدم ساعات أقل وفوائد مستقرة. ولم يكن لدى آخرين أي حافز للعمل على الإطلاق، وكان الاعتماد بدلا من ذلك على إعانات البطالة السخية والدعم الأسري.
بدأت الجهود في عام 2011، عندما أطلقت الحكومة برنامجا للحصص سمي «نطاقات» لتشجيع توظيف السعوديين. وتم تأميم بعض الفئات الوظيفية بأكملها، بما في ذلك محلات الملابس الداخلية ومبيعات الماكياج.
وقال «جيمس ريف»، نائب رئيس الاقتصاديين في مجموعة سامبا المالية، ومقرها لندن، «إن خلق فرص عمل للمرأة السعودية في مجال تجارة التجزئة سيجد الكثير من العقبات في الطريق. والسعودة بشكل عام، ستكون عملية بطيئة».
أغلقت أكثر من 1000 من متاجر الهواتف النقالة على الصعيد الوطني هذا العام بعد أن منحتها وزارة العمل ستة أشهر لتحويلها إلى قوة العمل السعودية، ولكنها لا يمكن أن تجد ما يكفي من العاملين مع الرواتب الضعيفة المقدمة. وكان آخرون أفضل حظا في العثور على شبان سعوديين رأوا في ذلك فرصة.
في مجمع المحلات التجارية للهاتف المحمول في حي المرسلات بالرياض، يمكن القيام بتجارة رائجة حيث تبيع النساء المحليات المنتجات الغذائية محلية الصنع على الرصيف.
وقال أحد الشباب أنه يعمل لساعات طويلة، ويبقى في بعض الأحيان لمنتصف الليل، ولكنه غير راض عن الأجر الذي يحصل عليه 5000 ريال (1333 دولار) شهريا. وعلى الرغم من هذه النجاحات المحدودة، وبعض التحديات طويلة الأمد، التي أعاقت التقدم فإن برنامج السعودة لا يزال قائما.
تفتقر المدارس إلى المتقدمين في برامج اللغة الإنجليزية والرياضيات والعلوم. يتنافس الحرفيون السعوديون مع الأجانب الذين يعملون ساعات أطول لأقل من المال، مما يجعلها أكثر جاذبية لأصحاب العمل.
يعد الفصل بين الجنسين عقبة أخرى، كما وجدت مؤسسة أوبر ( شركة للمواصلات) التي مقرها في سان فرانسيسكو عندما دخلت المملكة. حيث يحظر على النساء قيادة السيارات في السعودية، وهن يشكلن أكثر من 80 % من الزبائن لأوبر. كثيرون يستخدمون السائقين الأجانب، ولكن الحصول على سيارة مع شخص غريب غير مريح للسعوديين من الذكور. وآخرون يشعرون بالقلق من أن الشرطة أو بضع الأقارب يمكن أن يزعجهم اختلاط الجنسين.
يتذكر السائق في أوبر «فيصل إبراهيم» أن امرأة حجزت سيارته وألغت الحجز سبع مرات على التوالي.
وقال «زيد هريش»، المدير العام للشركة التي تمتلك حوالي 5000 من السائقين السعوديين في أسطولها المكون من 15 ألف مركبة في المملكة، أن الشركة تريد أن تصل إلى 100 ألف من السائقين السعوديين في غضون خمس سنوات.
العديد من السعوديين اليوم أقل تفاؤلا، ويفكر في مغادرة البلاد، ولو إلى دول الخليج المجاورة، بما في ذلك للنساء في محاولة للهروب من قيود العمل في السعودية.
وقال «تميم اليحيى»، وهو طالب يدرس الهندسة الصناعية يبلغ من العمر 23 عاما أنه سينظر في وظيفة في قطر إذا لم يجد واحدة في الوطن. ويبحث مع بعض أصدقائه في الهجرة إلى كندا. وأضاف: «نحن لانعرف ما الذي سيحدث في المستقبل. هم يقولون أمورا ولكننا نرى أمورا أخرى».
بلومبيرغ- ترجمة وتحرير أسامة محمد - الخليج الجديد-