سلسلة أوامر أصدرها العاهل السعودي، الملك «سلمان بن عبد العزيز»، الجمعة الماضية، عين بموجبها أعضاء جدد في مجلس الشورى في دورته الجديدة (نحو نصف أعضاء المجلس البالغ عدد أعضائه 150)، وأعفى بمقتضاها كلا من وزير العمل والتنمية الاجتماعية ومحافظ هيئة تقويم التعليم من منصبيهما، وعين وزيرا جديدا للعمل.
الأوامر الملكية ضخت دماء جديدة في شرايين 3 قطاعات رئيسية (العمل والتعليم والتشريع) يتماس عملها بشكل رئيسي مع أهداف رؤية 2030، الهادفة إلى خفض اعتماد المملكة على النفط الذي يشكل المصدر الرئيس للدخل.
وبموجب أحد الأوامر المكية، أعفى العاهل السعودي، وزير العمل والتنمية الاجتماعية، «مفرج بن سعد الحقباني» من منصبه، وعين بدلا منه «علي بن ناصر الغفيص»، فيما أعفى بموجب أمر آخر محافظ هيئة تقويم التعليم، «نايف بن هشال»، من منصبه.
وجاء إعفاء «الحقباني» بعد أقل من عامين من توليه المنصب في 29 أبريل/ نيسان 2015، وفي أعقاب ارتفاع معدل البطالة بين السعوديين في الربع الثالث من العام الجاري إلى 12.1% مقارنة بـ 11.6% في الربع الثاني، بحسب بيانات الهيئة العامة للإحصاء (حكومية).
وبالتدقيق في السير الذاتية للأعضاء الجدد بمجلس الشورى، ولوزير العمل والتنمية الاجتماعية الجديد، «علي بن ناصر الغفيص»، وهو المحافظ السابق للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، يمكن استنتاج أن التغييرات الجديدة تهدف إلى تسريع الخطى نحو تحقيق رؤية 2030، عبر منهج شامل يبدأ بتطوير التعليم العام، بالتوازي مع الاستفادة مع مخرجات التعليم المهني والفني والتقني من الكوادر الوطنية في سوق العمل وتقليل نسبة البطالة.
كما أن أعضاء مجلس الشورى الجدد تم اختيارهم من أصحاب الخبرات والكفاءات من مختلف مناطق المملكة، وغالبيتهم يحملون درجتي الماجستير والدكتوراة، ولهم خبرات تحديدًا في مجالات التعليم والتدريب والاقتصاد والمالية، ويعول عليهم بشكل كبير في توفير بيئة تشريعية تهيئ المناخ العام وتدفع باتجاه تحقيق أهداف الرؤية.
وفي أول تصريح له بعد تعيينه، أعرب «الغفيص» عن تطلعه إلى تحقيق طموحات خادم الحرمين الشريفين في مجال العمل والتنمية الاجتماعية، انسجاماً مع رؤية المملكة 2030، والإسهام في المسيرة التنموية الشاملة في مناطق المملكة كافة.
وأعلنت السعودية في 25 من أبريل/نيسان الماضي، عن رؤية اقتصادية لعام 2030، تهدف إلى خفض اعتمادها على النفط الذي يشكل المصدر الرئيس للدخل.
وفي 6 يونيو/ حزيران الماضي، وافق مجلس الوزراء على برنامج التحول الوطني 2020، وهو أحد برامج «رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ».
وبسبب تهاوي أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ يونيو/حزيران 2014، يعاني عدد من الدول المصدرة للنفط من صعوبات اقتصادية. والسعودية هي أكبر مصدر للنفط في منظمة «أوبك» (الدول المصدرة للنفط).
ومن أبرز ما تتضمنه خطة التحول الوطني في السعودية توفير 450 ألف فرصة عمل للسعوديين، وخفض معدل البطالة إلى 9% بحلول 2020، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى 65%، بما يوفر 40% من الإنفاق الحكومي.
هذه الأهداف تتطلب رفع جودة التعليم العام، وهو الدور المنوط بهيئة تقويم التعليم- التي صدر أمر ملكي بإعفاء محافظها- تمهيدا لضخ دماء جديدة تدفع بشكل أكبر نحو تحقيق نقلة نوعية في حقل التعليم تنسجم مع التطورات وتتواكب مع رؤية الدولة.
أيضا يعول على وزير العمل الجديد القيام بدور كبير في مواجهة البطالة وسد احتياجات سوق العمل من العمالة الفنية والمهنية والتقنية، والاهتمام بالتدريب، عبر الاستفادة من خبراته السابقة كمحافظ للمؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني على مدار 15 عاما بين مايو/ آيار 2001 و ديسمبر/ كانون الأول 2015، وخصوصًا أن جزء كبير من البطالة في المملكة هي بطالة هيكلية، بمعنى أن هناك وظائف، ولكن المشكلة تكمن في أن طالبي هذه الوظائف لا تتوافر لديهم المؤهلات أو المهارات التي يحتاجها سوق العمل.
أيضا تهدف رؤية 2030 إلى رفع مساهمة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% بحلول 2030، ومن هنا يمكن تفهم ضخ دماء جديدة في مجلس الشورى من النساء.
فبموجب الأمر الملكي، احتفظت 10 عضوات من أصل 30 عضوة بمقاعدهن بمجلس الشورى في دورته القادمة، فيما دخل المجلس 20 وجها نسائيًا جديدًا، أي أن نسبة التغيير في الكوتة الخاصة بالنساء داخل المجلس بلغت 66 %، ويعول عليهم بشكل كبير في الدفع نحو تحقيق هذا الهدف.
وتنص المادة الثالثة من نظام مجلس الشورى على أنه «يتكون مجلس الشورى من رئيس ومائة وخمسين عضوا، يختارهم الملك من أهل العلم والخبرة والاختصاص، على ألّا يقل تمثيل المرأة فيه عن 20% من عدد الأعضاء، وتحدد حقوق الأعضاء، وواجباتهم، وجميع شؤونهم بأمر ملكي».
ورغم أن مجلس الشورى هو هيئة تقدم المشورة للحكومة بشأن القوانين الجديدة، وتتمثل مهامه في إبداء الرأي في السياسات العامة للدولة التي تحال إليه من الملك، إلا أن من يقدم هذه المشورة يكون له دور كبير بشكل غير مباشر في صناعة السياسات، ومن هنا تأتي أهمية الدور الذي يعول على الأعضاء الجدد في مجلس الشورى، وخصوصا من النساء القيام به لتحقيق رؤية 2030
وكالات-