ملفات » رؤية المملكة السعودية 2030

المرأة في السعودية.. عهد جديد أم إصلاح شكلي؟

في 2017/11/02

إسماعيل عزام- DW- بالعربية-

إلى أيّ حد يمكن أن تصل الإصلاحات السعودية فيما يخصّ قضايا المرأة، هل ستنفذ إلى العُمق وتغيّر واقع المرأة السعودية، على الأقل قياسا بالكثير من الجيران في المنطقة العربية، أم أنها ستبقى شكلية؟

مع وصول محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد خلفًا لمحمد بن نايف الذي أُعفي في ظروف غامضة، شهدت السعودية قرارات غير مسبوقة في مجال حقوق المرأة، بدأت برفع الحظر عنها في قيادة السيارات، واستمرت مع تصويت مجلس الشورى على قرار يتيح للمرأة إصدار فتاوى، وجاء إعلان جديد الأسبوع الماضي بالسماح للمرأة بحضور في مدرجات ملاعب كرة القدم، الأمر الذي شكّل حدثا في مملكة جد محافظة عُرفت بانغلاقها الكبير في ما يتعلق بقضايا المرأة.

تفسيرات كثيرة أعطيت لهذه القرارات، منها أنها تندرج ضمن سياسات جديدة للسعودية يقودها ولي العهد، الرجل القوي الذي يُوصف بأنه حاكم المملكة الفعلي، إذ وعد قبل أيام بالعودة إلى "إسلام وسطي معتدل منفتح على العالم وعلى جميع الأديان"، وربما تتجسد هذه الوعود في هيئة مراقبة تفسير الأحاديث التي أحدثتها الرياض مؤخرا، وكذا في الحد من  صلاحيات "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، دون نسيان "رؤية 2030" التي تُظهر رغبة سعودية بتطوير جذري للاقتصاد مع ما يحمله ذلك من انعكاسات قوية على المجتمع.

لكن مع كل الزخم الذي تُظهره قرارات الملك بن سلمان، لا تزال المرأة السعودية في انتظار الكثير من الحقوق التي لا ترتبط أساسا بجدل المساواة بينها وبين الرجل، بل بحقها كإنسانة أولًا، وقد سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أشارت في تقرير لها إلى أن نظام ولاية الرجل على المرأة، يحتم على هذه الأخيرة أخذ تصريح من ولي أمرها إذا أرادت السفر أو الزواج أو الدراسة في الجامعة أو حتى الحصول على رعاية صحية، كما أنها تحتاج إلى محرم لكي تدرس في الخارج.

سياسة واقتصاد
المرأة في السعودية.. عهد جديد أم إصلاح شكلي؟

إلى أيّ حد يمكن أن تصل الإصلاحات السعودية فيما يخصّ قضايا المرأة، هل ستنفذ إلى العُمق وتغيّر واقع المرأة السعودية، على الأقل قياسا بالكثير من الجيران في المنطقة العربية، أم أنها ستبقى شكلية؟

[Saudi Arabien Frau in einem Park in Jeddah (Reuters/R. Baeshen)]

مع وصول محمد بن سلمان إلى منصب ولي العهد خلفًا لمحمد بن نايف الذي أُعفي في ظروف غامضة، شهدت السعودية قرارات غير مسبوقة في مجال حقوق المرأة، بدأت برفع الحظر عنها في قيادة السيارات، واستمرت مع تصويت مجلس الشورى على قرار يتيح للمرأة إصدار فتاوى، وجاء إعلان جديد الأسبوع الماضي بالسماح للمرأة بحضور في مدرجات ملاعب كرة القدم، الأمر الذي شكّل حدثا في مملكة جد محافظة عُرفت بانغلاقها الكبير في ما يتعلق بقضايا المرأة.

تفسيرات كثيرة أعطيت لهذه القرارات، منها أنها تندرج ضمن سياسات جديدة للسعودية يقودها ولي العهد، الرجل القوي الذي يُوصف بأنه حاكم المملكة الفعلي، إذ وعد قبل أيام بالعودة إلى "إسلام وسطي معتدل منفتح على العالم وعلى جميع الأديان"، وربما تتجسد هذه الوعود في هيئة مراقبة تفسير الأحاديث التي أحدثتها الرياض مؤخرا، وكذا في الحد من  صلاحيات "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"، دون نسيان "رؤية 2030" التي تُظهر رغبة سعودية بتطوير جذري للاقتصاد مع ما يحمله ذلك من انعكاسات قوية على المجتمع.

لكن مع كل الزخم الذي تُظهره قرارات الملك بن سلمان، لا تزال المرأة السعودية في انتظار الكثير من الحقوق التي لا ترتبط أساسا بجدل المساواة بينها وبين الرجل، بل بحقها كإنسانة أولًا، وقد سبق لمنظمة هيومن رايتس ووتش أن أشارت في تقرير لها إلى أن نظام ولاية الرجل على المرأة، يحتم على هذه الأخيرة أخذ تصريح من ولي أمرها إذا أرادت السفر أو الزواج أو الدراسة في الجامعة أو حتى الحصول على رعاية صحية، كما أنها تحتاج إلى محرم لكي تدرس في الخارج.

وحسب المصدر السابق، تحتاج المرأة إذنًا من الرجل للخروج حتى من السجن، ويكون للرجل امتيازات عديدة فيما يخص قضايا الأسرة المعروضة على المحاكم، إذ يوجد "تمييز صارخ في أحكام الطلاق"، وتطبق المملكة مبادئ صارمة في الفصل بين الجنسين في أيّ نشاط، وكذا في ما يخصّ لباس المرأة وفي حصولها على مجموعة من الوثائق الإدارية.

لا توجد مكاسب حقيقية

لا تتفاءل المغربية خديجة الرياضي، الفائزة بجائزة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بالقرارات السعودية الجديدة: "لا وجود لإرادة سياسية لتغيير واقع المرأة السعودية وتمكينها من حقوقها على الأقل إسوة بالكويت. من المضحك المبكي أننا لا زلنا نرى في السماح بقيادة السيارة إنجازا ومكسبا كبيرا"، تقول الرياضي، مردفة: "جميل أن تنتزع المرأة السعودية هذه الحقوق، لكن ذلك لن يدفعنا للقول إن هناك مؤشرات دخول مرحلة جديدة".

تفسّر الرياضي هذه القرارات بأنها مجرّد "حسابات سياسية"، وإنها تأتي في سياق "إرضاء الولايات المتحدة ولأجل الاستمرار في المشهد"، متحدثة  لـDW عربية أن النظام السعودي "مستعد لتغيير أمور أخرى لأجل استمراره وضمان استقراره، وأن أيّ تغيير حقيقي لأوضاع المرأة السعودية لن يكون ممكنا مع طبيعة النظام السياسي السائد في البلد".

وترى الرياضي أن "انتهاك" حقوق المرأة السعودية يعود إلى "اختيار النظام السعودي للفكر الوهابي المنغلق، حتى أضحى الدين وسيلة للتحكم السياسي"، لافتة أن دولا غربية كثيرة كانت لها "مصلحة خلال فترة معينة في نشر هذا الفكر الذي طبع الحياة في السعودية، لدرجة أن هناك الكثير من النساء هناك اللائي لا يقبلن تغيير الأوضاع"، مستدركة القول بوجود مناضلات سعوديات يتحركن لأجل التغيير والمطالبة بحقوقهن.

عهد جديد مع ولي العهد

عكس الرياضي، تؤكد عرفات الماجد، عضو المجلس البلدي في محافظة القطيف السعودية، أنها على ثقة كاملة أن المرأة السعودية بدأت تدخل وضعها الطبيعي بعد "وضع استثنائي عطّل الشراكة بين المرأة والرجل"، :فـمع ولي العهد الجديد ونظرته المستقلبية الطموحة ووعيه بأن المرأة شريك أسياسي، بدأنا نلمس تغييرات كبيرة تلامس أوضاع النساء، فما وقع لصالحن خلال الفترة الماضية تسونامي حقيقي أسعدنا كثيرا لأنه يمثل تصحيحا لوضع خاطئ".

وتتابع الماجد لـDW عربية أن العالم الخارجي "لا ينتبه للتطور الحاصل" في السعودية، معطية هذا المثال: "كنا سابقا نحتاج إلى شخص يعرّف هويتنا في المحاكم لأنه لم يكن ممكنا إظهار الوجه في هذه المؤسسات، الآن يمكن تأكيد الهوية عبر البصمة المرتبطة ببطاقة التعريف دون الحاجة إلى المُعرّف". وتضيف الماجد أن السعودية ستعرف قريبا خطوات أكبر لصالح المرأة، ومن ذلك الحد من ضوابط ولاية الرجل، كاستخراجها لجواز السفر والوثائق الثبوتية والسفر دون نيل إذن من ولي الأمر

وترفض الماجد القول إن النظام السياسي السعودي لم يتغير: "الحكم كان ينتقل سابقا لأبناء عبد العزيز مباشرة. الآن انتقل إلى الأحفاد في شخص ولي العهد الجديد، مع ما يتبع ذلك من تفكير شاب في التدبير"، لافتة في سياق آخر أنه من المستبعد أن تنتقل وضعية المرأة السعودية إلى نظيرتها في بلدان عربية كالأردن ولبنان والمغرب وتونس بسبب اختلاف السياق ومرجعية الدولة والمسار القديم لتجارب النساء في هذه البلدان، إلّا أنها لم تستبعد أن يتطوّر واقع المرأة السعودية ليصل إلى نظيرتها في الكويت، نظرا للتشابه الكبير في البيئة الاجتماعية.