في 2018/02/19
فؤاد السحيباني- خاص راصد الخليج-
يرسم ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان خطواته على الورق، قبل أن يبدأ التنفيذ الفعلي، فيضع منافسيه كافة في ركن قصي من الحلبة، بعيدين عن الفعل والضوء والتأثير، مشدوهين بخطوات حاسمة، تعرف إلى أين توجه ضرباتها، فينتزع من الإعجاب ما يفوق الشعور بالشفقة على الضحايا.
مضى الأمير إلى الطريق غير الممهدة، نحو العرش، وهو قاب قوسين أو أدنى منه، بعد أن أقصى كل منافسيه الأقوياء، وآخرهم فرس رهان المعارضة متعب بن عبد الله، ويستكمل في خطوات جذرية تجهيز البلاد لإطلالة تليق كتتويج ملك أغنى دولة عربية، وواحدة من أكثر دول العالم تأثيرًا، باختيار حلقة الحكم والنفوذ، التي ستكون المملكة الجديدة كلها مسؤوليتهم الكبرى والأهم.
بعد خفوت أضواء مسرح الريتز كارلتون، تتجهز المشاعل لحدث جديد، الترتيبات النهائية لتسلم ولي العهد عرش آل سعود، بالاستعانة بعدد من الشخصيات السعودية، التي تطمح لوراثة من نوع آخر، وراثة دور المال السياسي في المملكة، فكما للعرش رجاله، فمصادر الثروة والنفط والنفوذ تحتاج لرجال مؤتمنين من الملك الجديد، لتوجيه عائدات النفط فيما يقوي الصف ويضعضع آخرين.
خالد الفالح، الرئيس التنفيذي السابق لشركة أرامكو السعودية، وياسر الرميان، المشرف على صندوق الاستثمارات العامة، ومحمد إياد كيّالي، رجل الأعمال الإسباني السعودي، ذي الأصول السورية، الذي يدير استثمارات الملك سلمان، هي مجموعة القوة الجديدة، إضافة إلى مغازلة الجمهور العربي بمشروعات رياضية، بدأت مع النادي الأهلي المصري، صاحب الشعبية الأولى عربيًا، عبر إيفاد تركي آل الشيخ، كممول لصفقات النادي الأهم.
بن سلمان يدرك، رغم أبهة اللحظة وضوء الكرسي المنتظر، أن وجود الملك ذاته هو ضمانة انتقال سلس للسلطة، فما كان من الممكن للأمير أن يحلم –مجرد الحلم- بكرسي العرش، لو أن الملك كان شخصًا غير الأب، لذا فأن الشاب غربي الثقافة والهرى لا بد ويزيد سرعته خلال العام الحالي بالذات، استباقًا لتطورات الأزمات الإقليمية، التي صنعت يداه منها مأساة اليمن بحثًا عن صك قيادة، وتورطت دوائر الحكم في أزمتي سوريا والعراق، بحثًا عن صك دور يتعدى الحدود.
الأزمة في اليمن سائرة إلى حل على طاولة مفاوضات، لن تربحها المملكة، وستعاني مستقبلًا من ثأرات مطلوبة، وجار يتحين الفرص للانتقام، والأزمة في سوريا دهست مليارات الدولارات، تدفقت من كل دول الخليج دعمًا للجماعات التي تقاتل بشار بلا نتيجة، إلا تأكيد محورية الدور السوري، وحدود دوري المال والتوجيه.
السبب الاقتصادي بأتي على رأس قوى الدفع نحو تسريع إجراء انتقال السلطة في المملكة، فقطاعات عديدة من المواطنين بدأت تتحدث عبر الفضاء الإليكتروني، عن أزمات الأسعار والغلاء، ما يعد كله غير مسبوق، سواء على مستوى الإدارة غير الناجحة للموارد، أو السيطرة التي قلل منها "تويتر" على المشاركة في المتابعة والتقييم، والتي كانت لا تخرج من أبواب مكتب الملك سابقًا.
العالم الذي لا يزال يعاني من توابع أزمة اقتصادية عاتية في 2008، تخفت حينًا لتعود ضاربة أسواق المال والنفط، تعد سببًا إضافيًا لتمرير ملف التوريث العاجل، قبل أن تضرب هزة جديدة أسعار النفط، وما تعنيه من مصاعب جديدة للاقتصاد الذي أنهكه مسار التحول إلى التنوع، بلا حساب للزمن.
