فؤاد السحيباني- خاص راصد الخليج-
لرؤية المملكة العربية السعودية 2030 مرتكزات ثلاثة، يقوم على هذه المرتكزات ثمانية برامج، والسياسة التنفيذية لهذه البرامج تشتمل على ما يقارب العشرين بندًا، المرتكزات الثلاث هي: وجود الحرمين، وقدرات استثمارية ضخمة، وموقع جغرافي إستراتيجي، تؤطر لتحول هائل، كما هو موضح بالدراسات، في بنية الاقتصاد بالمملكة.
الثلاثة مرتكزات لرؤية 2030، تدور حول البحر الأحمر، كمنطقة واعدة، مرشحة لنقل الاقتصاد السعودي إلى عصر ما بعد النفط، من جهة قرب المناطق الدينية، والموقع المتوسط للعالم العربي، ونقطة وصل مع إفريقيا، القارة البكر، وكذلك فالساحل هو المرشح لاستقبال جانبًا ضخمًا من مشروعات الاستثمار الهائلة.
الرؤية كما هو معلوم، أعلنها ولي العهد الحالي، الأمير محمد بن سلمان، وأعدها مكتب الاستشارات الأمريكي ماكينزي، وتهدف في النهاية لتنويع عائدات الاقتصاد، بعيدًا عن الاعتماد الكامل على النفط، ما يستتبعه من الخضوع لتقلبات الطلب العالمي، ويعبر بالمملكة لعصر ما بعد اقتصاد الريع، الذي يقوم على بيع النفط دونما قيمة مضافة أو صناعة، تستطيع الاستفادة من التدفق الهائل للأموال.
مشروع نيوم، المعلن عنه أخيرًا لن يكون آخر مشروعات التنمية، لكنه أولها ضمن الرؤية، وفي المنطقة المرشحة أكثر من غيرها لبداية عصر جديد، باستثمارات كبيرة، وقوانين خاصة جاذبة لرؤوس الأموال، وتعاون عربي يشمل مصر كقاعدة أساسية، ومن ورائها الأردن، وتشمل مع ساحل المملكة جزءًا من شبه جزيرة سيناء المصرية المقابلة لخليج العقبة.
خطط ولي العهد حلّت أزمة التمويل، في المشروعات التفصيلية لرؤية المملكة 2030، بتحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى صندوق سيادي برأسمال قدره 2 تريليون دولار أمريكي، يؤسس على أصول صندوق الاستثمارات العامة، عوائد بيع 5% من أصول شركة النفط أرامكو والمقدرة بنحو 100 مليار دولار، أصول الدولة من الأراضي والأسهم وغيرها، وتستثمر أموال الصندوق في استثمارات أجنبية وداخلية يكون دخلها محل دخل البترول بحلول عام 2030.
500 مليار دولار إجمالي الاستثمارات التي ستضخها الخزانة العامة، فيما ستقدم مصر –الشريك الأكبر- الأراضي والكوادر العاملة في قطاع السياحة المتوقف بها، بعد كوارث متتالية، حيث أعلنت عدد كبير من الدول وقف الرحلات السياحية إلى شبه جزيرة سيناء، عقب إسقاط طائرة روسية في العام 2015، أي أن مصر تعاني على المستوى الأمني الآمرين في سيناء، سواء من ضربات إرهابية بلا نهاية، أو عزوف دولي عن إرسال السياح.
عملية حق الشهيد التي تشنها القوات المصرية في سيناء، بالإضافة إلى المقاطعة الدولية للمقاصد السياحية في شبه الجزيرة، والأزمات التي تعصف بقطاع السياحة المصري ككل، لا تجعل من البلد العربي الأكثر سكانًا هي الخيار المثالي لبدأ مشروع ضخم مثل نيوم، فعائدات السياحة في مصر كلها، بعد أحداث 2011 لا تزيد عن 5 إلى 7 مليارات دولار في العام، وهو رقم تافه وصغير، ويوضح أن مشروعات السياحة ليست دائمًا الحل الصحيح.
عبد الله الطريقي، أول وزير نفط سعودي، والمفكر الوطني التقدمي، كان له أطروحات حول المشاركة مع مصر بالذات في مشروعات بالبحر الأحمر، تستفيد من الفوائض المالية للخزانة السعودية، ومن توافر الكوادر الفنية المدربة المصرية، خصوصًا في قطاع الصناعة، لتحويل المنطقة بكاملها إلى واحدة من كبريات المناطق الصناعية المتكاملة بالعالم.
المشروع الذي طرح في الستينات يدور أيضًا حول العبور إلى عصر ما بعد النفط، اعتمادًا على قطاعات اقتصادية حقيقية، تستفيد من التراكم المالي الهائل، وتحول المنطقة غرب المملكة إلى أكبر مركز جذب سواء لرؤوس الأموال أو التكنولوجيا المتقدمة، وهو ما تحتاجه المملكة بالفعل، لا مجرد مشروعات سياحية، مهددة بالتوقف عند أول تهديد، وبالتالي تظل كل بنيتها الأساسية رهنًا بعوامل أخرى، كما النفط تمامًا.