صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية- ترجمة منال حميد -
قالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن من بين الخطط الطموحة التي أعلنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، إدراج عملاق النفط السعودي؛ شركة أرامكو النفطية، في البورصة.
وذكرت الصحيفة الأمريكية أن هذه الفكرة التي ما زالت تنتظر ساعة الصفر للبدء بها، يمكن أن تعرض أكبر شركة في العالم في مجال النفط للخطر، وأيضاً تعرض مستقبل السعودية للخطر؛ لكونها ستفتح الباب أمام المستثمرين للتأثير على أسعار النفط، بعد أن كان هذا القرار يمثل قراراً سيادياً سعودياً خالصاً.
وتتطرق الصحيفة إلى توجه بن سلمان حول خطة الاقتصاد، مبينة أنه كشف النقاب عن خطة 2030 لتنويع اقتصاد البلاد وعدم بقائها معتمدة على النفط، وفي إطار ذلك فإن محمد بن سلمان يعتزم بيع جزء من الشركة وطرحه للجمهور، وهو أيضاً يهدف لجمع الأموال للاستثمارات الأخرى التي يسعى إليها.
وقالت: يعتبر طرح أرامكو للاستثمار أحد العروض التي ينتظرها الجميع ويترقبون لحظة إعلانه، فهذه الشركة العملاقة يقدر رأسمالها بنحو تريليوني دولار، لكن بيع أسهم الشركة سيجعلها أكثر عرضة للقوى الخارجية.
وتابعت تقول: "الآن ومع وصول أسعار النفط إلى 70 دولاراً للبرميل؛ فإن هناك ضغوطاً تمارس على السعودية وشركة أرامكو من أجل زيادة الإنتاج، وهو أمر قد يجعلها في خلاف مع بعض الدول المصدرة للنفط (أوبك) خلال اجتماعهم الأسبوع القادم.
يقول جيم كرين، زميل الطاقة والجغرافيا السياسية في معهد بيكر بجامعة رايس، إن شركة أرامكو كانت دوماً تحمل السعودية على ظهرها، ولكن الأمر قد يختلف في العقود القادمة، بحسب الصحيفة.
واستطردت تقول: "يريد ولي العهد السعودي أن تُخطط المملكة والشركة لليوم الذي يصل فيه النفط إلى نهايته، خاصة أن الحاضر يشير إلى أن هذا الخام الأسود بات أقل جاذبية في ظل سعي العديد من الدول للتحول إلى الطاقة المتجددة، كما أن التقدم التكنولوجي، مثل السيارات الكهربائية، يؤدي إلى تآكل الطلب على النفط".
وأضافت: "وللتنويع، بَنت أرامكو منشآت نفطية جديدة واسعة النطاق لتحويل النفط الخام إلى بتروكيمياويات أكثر ربحية، كما بدأت الشركة زيادة عمليات التنقيب عن الغاز".
واستدركت: "لكن الطرح العام الأولي، وفي ظل أميرٍ في عجلة من أمره، قد يعرض الشركة والمملكة للخطر، وذلك بعد عقود كانت فيها الشركة القوة المهيمنة على أسواق النفط العالمية".
وأشارت "نيويورك تايمز" إلى أنه على مدى عامين عمل فريق خاص من المصرفيين والمستشارين الغربيين لدراسة كيفية التعامل مع التقارير الفصلية والنتائج والتنسيق وتبادل الرؤى مع البورصات العالمية فيما يتعلق بإدراج الشركة، والواضح إلى الآن أن إدراج الشركة في السوق المحلية بات أمراً مؤكداً، لكن الطرح العالمي ما زال بانتظار البورصة، وقد يكون الطرح في لندن أو نيويورك أو بورصات آسيا.
وتطرقت الصحيفة إلى عثمان الخويطر، أحد أبرز الموظفين الكبار في شركة أرامكو.
وبينت أن الخويطر الذي ولد في العام 1933، وهو نفس العام الذي حصلت فيه شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا، على امتياز نفطي شامل من مؤسس السعودية، عبد العزيز بن سعود، عمل منذ العام 1949 في الشركة التي أصبحت لاحقاً شركة أرامكو، التي تحولت إلى أكبر الشركات الجاذبة للشباب السعودي آنذاك؛ لما توفره من فرص كبيرة وتعليم.
وأضافت تقول: "أمضى الخويطر 35 عاماً من عمره في العمل بهذه الشركة، ودرس هندسة البترول في جامعة تكساس، وتدرج في مناصب الشركة حتى وصل إلى نائب رئيس الحفر قبل تقاعده في العام 1996، وهو لا يزال يعيش في الظهران، المقر الرئيسي لشركة أرامكو، ضمن مجمع سكني مسور بأشجار النخيل المكسيكية، المعروفة بالغيتو الذهبي".
وتابعت: "يقول الخويطر: لا أعرف كيف يمكن أن تكون الحياة من دون أرامكو، لولاها لم نكن على المستوى الذي نحن عليه الآن".
وتقول الصحيفة الأمريكية إن الشركة النفطية العملاقة كانت دائماً رهناً بسياسات الرياض؛ ففي الحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 وعندما تآكلت العلاقة بين واشنطن والرياض بسبب الدعم الأمريكي لإسرائيل، قطعت السعودية ودول عربية أخرى النفط عن أمريكا، وفي نفس العام استحوذ السعوديون على 25% من حصة الشركة، قبل أن يضعوا أيديهم بشكل كامل على الشركة عام 1980.
ورغم أن الشركة صارت شركة سعودية بشكل كامل منذ العام 1980- تقول الصحيفة- فإن التأثير الأمريكي بقي واضحاً، فلم يتغير الكثير على الشركة، ولا على حياة العاملين فيها الذين ما زالوا يعيشون في مجمعات سكنية خاصة متمتعين بطبيعة حياتهم الأمريكية والغربية بعيداً عن تأثيرات المجتمع السعودي وعاداته.
وذكرت أن "نجاح شركة أرامكو مرتبط بجذور تأسيس هذه الشركة؛ فهي شركة يجري تشغيلها كشركة خاصة أكثر من كونها شركة تدار من قبل الدولة، حيث يتم اختيار موظفيها وكبار التنفيذيين على أساس الكفاءة وبعيداً عن المحسوبية والعلاقات؛ لذا يمكن أن تلحظ أن موظفي الشركة يتسمون بالكفاءة والمهنية والثقافة، وهو ما ساعد في نجاح الشركة، في وقت خنقت فيه الدولة السعودية الابتكار وحدت من الفرص في هذا البلد الغني".