الخليج الجديد-
منذ الإعلان عن تأسيسها عام 2015، لم يتوقف الجدل الذي أثارته هيئة الترفيه السعودية، يوما ما، عبر أنشطتها الغريبة على المجتمع السعودي، والتي جعلت هذا الجدل يتجدد يوما تلو الآخر.
وكان الأمر الملكي الصادر قبل ساعات بإقالة رئيس مجلس إدارة الهيئة «أحمد بن عقيل الخطيب»، أحدث حلقات سلسلة هذا الجدل، لا سيما أن الأمر لم يوضح أسباب الإقالة، ما زاد من التكهنات حول السبب الذي ذهب كثيرون إلى أنه يتمحور حول أنشطة الهيئة، وأنه حان الوقت لضبط تلك الأنشطة.
تلك الأنشطة المثيرة للجدل كان أحدثها عرض قدمته عارضات روسيات شبه عاريات في سيرك يقدم عروضه في السعودية حاليا، وهو العرض الذي أثار جدلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمملكة بعد أن انتقد كثير من المدونين السعوديين ملابسهن «الجريئة»، واعتبر الكثيرون أن هذا العرض كان السبب في إقالة «الخطيب»، وذلك بعد أن وجد وسم «#روسيات_عاريات_بالرياض»، تفاعلا سريعا ولافتا من قبل مغردين كثر ما جعله في قائمة الترند السعودي على «تويتر».
روسيات عاريات
وبدأ سيرك روسي في أول أيام عيد الفطر المبارك، الذي صادف الجمعة الماضي، أول عروضه في السعودية، أمام جمهور مختلط من الرجال والنساء قبل أن يندلع جدل حول عارضات السيرك وملابسهن.
ونشر مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو تظهر فيها شابات بملابس ترتديها في العادة نجمات السيرك، وقالوا إنها من عروض السيرك الروسي الذي يقدم فعالياته على الجليد في جامعة الأميرة «نورة بنت عبدالرحمن» على مدى 5 أيام.
ولم تتوقف الأنشطة المثيرة للجدل التي تقدمها الهيئة عن عرض الروسيات، فمن قبله كانت الحفلات المختلطة، وآخرها حفلة «تامر حسني»، التي كانت باكورة لقائمة حفلات تعد لها شركة «روتانا» لفنانين وفنانات، بعد حصولها على التصاريح المتعلقة بها من هيئة الترفيه السعودية.
كما شهدت السعودية قبل أسابيع، أول عرض «أوبرا» بالمملكة تحت عنوان «عنتر وعبلة»، وكذلك أول مهرجان لموسيقى الجاز.
وقررت السعودية، في 11 ديسمبر/كانون الأول الماضي، السماح بفتح دور عرض سينمائي بعد حظر امتد لأكثر من ثلاثة عقود، وجرى افتتاح قاعات للسينما بالفعل قبل أسابيع.
وفي فبراير/شباط الماضي، قررت «الترفية»، تعديل الشروط الخاصة بترخيص الفعاليات، بما يسمح للنساء المشاركة في العروض الترفيهية الحية، عدا الحفلات الغنائية التي لا يُسمح للنساء بتقديمها إلا في الفعاليات الخاصة بالنساء فقط.
وبدأت قيود الفصل بين الرجال والنساء في السعودية «تخف ببطء»، إذ بات بإمكانهم الجلوس سويا في الحفلات الموسيقية.
كما شهدت الرياض، منتصف فبراير/شباط الماضي، أول مسرحية درامية يشارك فيها ممثلون من الجنسين على خشبة مسرح واحد، وأمام جمهور مختلط أيضا.
أسبوع الموضة وعرض أزياء
وافتُتح في العاشر من أبريل/نيسان أسبوع الموضة العربية في السعودية، بحضور عدد من المصممين السعوديين والأجانب.
وأقيمت فعاليات الأسبوع في فندق ريتز كارلتون، الذي كان منذ أشهر قليلة مقرا لاحتجاز الأمراء وكبار المسؤولين السعوديين المتهمين بالفساد.
وأعربت العارضات وخبراء التجميل، الذين أعدوا النسخة السعودية من أسبوع الموضة العربي، عن دهشتهم من تنظيم الحدث في المملكة المحافظة.
بالإضافة إلى ذلك، شهدت المدينة المنورة، قبل نحو شهرين، عرض أزياء، ظهرت فيه نساء وهن حاسرات الرأس، عاريات الأكتاف، إضافة إلى مشاركة رجل في العرض.
وهذه ليست المرة الأولى، حيث سبقها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، فعالية عرض أزياء مختلط بمدينة الرياض، وذلك وسط انتقادات كبيرة.
فضلا عن ذلك، كثيرا ما تناقل مغردون مقاطع فيديو، تظهر شبانًا وفتيات في ساحات مفتوحة، من بينها حفلات تابعة لهيئة الترفيه وإستادات لكرة القدم، في مشاهد اعتبروها «مخلّة ومنافية للآداب»، خاصة في هذا البلد المحافظ.
وكان رئيس «هيئة الترفيه» السعودية المقال «أحمد الخطيب»، واجه تلك الانتقادات الموجهة للهيئة بالقول إن المجتمع السعودي يتقبل كل ما تقوم به الهيئة، مشيرا إلى أن المملكة تستهدف الاستفادة من إنفاق السعوديين على الترفيه خارج البلاد والمقدر بـ20 مليار دولار سنويا.
وقال «الخطيب»، في مقابلة مع شبكة «سي إن إن»، الأمريكية: «في 2017 كان لدينا 2200 فعالية ترفيه حضرها أكثر من 9 ملايين شخص وجلبنا مختلف أنواع العروض، والعام الجاري سيكون هناك عرض لسيرك (دي سو لاي) في الرياض والعديد من العروض الأخرى القادمة».
وأضاف: «مجتمع المملكة منفتح جدا والرياض وجدة والمدن الكبرى ستكون مثل أي مدن عالمية».
وأشار إلى أن «70% من الـ30 مليون سعودي هم تحت سن الـ30 عاما، ويتطلعون لخيارات السعادة والترفيه».
وبشكل عام، يقود ولي العهد السعودي «محمد بن سلمان» ما يسميه «انفتاحا» داخل المجتمع السعودي لـ«التحرر من القيود الدينية والاجتماعية»، بما يتماشى مع النمط الغربي، ويقلل من سطوة رجال الدين داخل المملكة المعروفة بأنها قبلة العالم السني.
وتمثلت أبرز مظاهر هذا الانفتاح، الذي يقابل بمعارضة شديدة من الأوساط المحافظة، في السماح بإقامة الحفلات الغنائية، وقيادة المرأة للسيارة، وافتتاح دور السينما.