وكالات-
47 % من العاملين في قطاعات العمل السعودية المختلفة لا تلمس رواتبهم سقف الـ3 آلاف ريال شهرياً، بما لا يلبّي احتياجات الحياة الأساسية في المملكة، وسط ارتفاع ملحوظ ومتواصل في الأسعار.
ووفق تقرير المؤسّسة "العامة للتأمينات الاجتماعية" في السعودية، فإن عدد السعوديين الذين يتقاضون مرتّبات شهرية لا تتجاوز 3 آلاف ريال في سوق العمل تجاوز 840 ألف عامل وعاملة.
التقرير الذي اطّلع "الخليج أونلاين" عليه يُظهر فجوة كبيرة في رواتب الموظّفين؛ إذ بلغ عدد الذين تزيد رواتبهم عن 10 آلاف ريال شهرياً أكثر من 218 ألف موظف، بما يمثّل نسبة 12% من إجمالي العاملين.
ويأتي ذلك في الوقت الذي رفض فيه مجلس الشورى التوصية المقدمة من فهد بن جمعة، التي طالب فيها برفع الحدّ الأدنى للأجور بما لا يقلّ عن 6 آلاف ريال كراتب شهري ضمن نظام حماية الأجور.
ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن عدد السعوديين الذين يتقاضون رواتب 1500 ريال ما يقارب 21644 شخصاً، في حين أن عدد الذين يتقاضون رواتب بين 1501 و2999 ريالاً 27850 سعودياً وسعودية، بحسب إحصائية لمؤسّسة التأمينات الاجتماعية.
تناسب عكسي
وثمّة تناسب عكسي بين الأجور المتدنّية وارتفاع الأسعار الذي شهدته المملكة خلال الفترة الأخيرة، تزامناً مع بدء تطبيق "رؤية 2030 الإصلاحية" التي ينتهجها ولي العهد الجديد، محمد بن سلمان.
فالسعودية الغنية بالنفط ارتفعت فيها أسعار 129 سلعة وخدمة من إجمالي 160، خلال شهر مايو الماضي، بحسب بيانات رسمية صادرة عن هيئة الإحصاء.
والزيادة في الأسعار والانخفاض في الأجور جاءا بعد 5 أشهر تقريباً من بدء السعودية تطبيق ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5% على السلع والخدمات، مطلع العام الجاري.
كما أن المملكة رفعت أسعار البنزين، في يناير 2018، ليكون المواطنون السعوديون على موعد مع زيادات تتراوح ما بين 82 و126%، على مختلف أنواع المحروقات.
وجاء رفع أسعار البنزين بعد أيام من صرف السلطات السعودية الدفعة النقدية الأولى للمواطنين المسجّلين في برنامج "حساب المواطن"، الذي يهدف إلى "مساعدة المواطنين من ذوي الدخل المتوسط والمنخفض في مواجهة تداعيات الإصلاحات الاقتصادية".
لماذا؟!
المتخصّص في الشأن الاقتصادي، أحمد مصبّح، يقول على صعيد الأسباب التي أدّت إلى ضعف الرواتب وتراجعها إلى هذه النسبة، إن الأمر مرتبط بغياب الكادر السعودي المؤهّل لشغل مناصب متوسّطة أو عليا في القطاع الخاص.
ويعزو مصبّح في حديثه لـ"الخليج أونلاين" السبب أيضاً إلى نفور القطاع الخاص من الاستثمار في الكوادر السعودية؛ نظراً لتكاليفه العالية من ناحية التدريب والتأهيل والوقت.
ويضيف: "فمن ناحية اقتصادية تُعتبر الأيدي العاملة الأجنبية المؤهّلة حلاً مجدياً بالنسبة إلى القطاع الخاص الذي يتطلّع إلى زاوية الربحيّة بصورة كبيرة".
ويشير المختصّ الاقتصادي مثلاً إلى فشل النظام السعودي في الاستثمار المجدي بقطاع التعليم، فيقول: "بالرغم من إنفاق الحكومة قرابة تريليون و800 مليار ريال (ما يعادل 500 مليار دولار) خلال السنوات العشر الماضية، فإنها ما زالت تحتلّ مرتبة متدنّية في هذا الإطار".
ومما لا شكّ فيه أن انخفاض الأجور أثّر في سوق العمل السعودي وأدّى كذلك إلى ارتفاع نسبة البطالة إلى نسبة لامست 12% مع حلول 2018، وذلك يؤكّده ترك 17 ألف موظف عملهم في القطاع الخاص، بحسب بيانات صادرة عن المؤسّسة العامة للتأمينات الاجتماعية.
وأشارت البيانات إلى أن غالبية مَن تركوا وظائفهم في القطاع الخاص تقلّ رواتبهم عن 3500 ريال، كما أظهرت وجود تفاوت في نسبة انسحاب السعوديين من الوظائف ذات الرواتب المنخفضة، وهو ما يؤكّد علاقة البطالة بانخفاض الرواتب.
رِشى سد العجز
ولا يمكن أيضاً إغفال مسألة الرِّشى وعلاقتها بمشكلة انخفاض الرواتب، إذ إن الموظفين الذين يشعرون بعجز في معاشاتهم يلجؤون إلى طرق التفافية لتحقيق الحد المطلوب من الدخل.
وهذا الأمر يؤكّده تقرير الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد (نزاهة)، الصادر في يوليو 2017، إذ يشير إلى تلقّيها 74 بلاغاً عن الرشوة، مقارنة بـ22 بلاغاً في العام الذي سبقه.
وهذا الرقم يبدو قليلاً مقارنة بما ذكرته صحيفة "المدينة" المحلية، والتي تحدّثت عن 1700 قضية فساد مالي وإداري في العديد من القطاعات الحكومية، قامت على أثرها بإيقاف عدد من الموظفين وإحالتهم للقضاء.
وتعاني السعودية، أكبر دولة مُصدّرة للنفط بالعالم، في الوقت الحالي تراجعاً حادّاً في إيراداتها المالية، الناتجة عن تراجع أسعار النفط الخام عمّا كان عليه عام 2014.
وأعلنت المملكة موازنة موسّعة لعام 2018، بإجمالي نفقات يبلغ 978 مليار ريال (260.8 مليار دولار)، بزيادة 10% عن تقديرات 2017، التي كانت 890 مليار ريال (237.3 مليار دولار).